- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح86) لا رجال دين في الإسلام, ولا فصل فيه للدين عن الحياة
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الَسَّادِسَةِ وَالثَّمَانِينَ, وَعُنوَانُهَا: "لا رِجَالَ دِينٍ فِي الإِسلامِ, وَلا فَصْلَ فِيهِ لِلدِّينِ عَنِ الحَيَاةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّالِثَةِ وَالسَّبعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وأمَّا الإِسْلامُ فَيَرَى أَنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي يُدْرِكُهَا الحِسُّ هِيَ أَشْيَاءُ مَاديَّةٌ، والنَاحِيَةُ الرُوحِيَّةُ هِيَ كَوْنُهَا مَخْلُوقَةً لخَالِقٍ، والرُوحُ هِيَ إِدْرَاكُ الإِنْسَانِ صِلَتَهُ باللهِ، وعَلَى ذَلِكَ لا تُوجَدُ نَاحِيَةٌ رُوحِيَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ النَاحِيَةِ المَادِّيَّةِ، ولا تُوجَدُ في الإِنْسَانِ أَشْوَاقٌ رُوحِيَّةٌ ونَزَعَاتٌ جَسَدِيَّةٌ، بَلِ الإِنْسَانُ فِيهِ حَاجَاتٌ عُضْوِيَّةٌ، وغَرَائِزُ لا بُدَّ مِنْ إِشْبَاعِهَا، ومِنَ الغَرَائِزِ غَرِيزَةُ التَدَيُّنِ الَّتِي هِيَ الاحْتِيَاجُ إِلَى الخَالِقِ المُدَبِّرِ النَاشِئُ عَنِ العَجْزِ الطَبيعِيِّ في تَكْوِينِ الإِنْسَانِ. وإِشْبَاعُ هَذِهِ الغَرَائِزِ لا يُسَمَّى نَاحِيَةً رُوحِيَّةً ولا نَاحِيَةً مَاديَّةً، وإِنَّمَا هُوَ إِشْبَاعٌ فَقَطْ. إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الحاجاتِ العُضْوِيَّةَ والغَرَائِزَ إِذَا أُشْبِعَتْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الصِلَةِ باللهِ كَانَتْ مُسَيَّرَةً بالرُوحِ، وإِنْ أُشْبِعَتْ بِدُونِ نِظَامٍ، أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، كَانَ إِشْبَاعاً مَاديّاً بَحْتاً يُؤَدِّي إِلَى شَقَاءِ الإِنْسَانِ. فغَرِيزَةُ النَوْعِ إِنْ أُشْبِعَتْ مِنْ غَيْرِ نِظَامٍ أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ كَانَ ذَلِكَ مُسَبِّباً لِلْشَقَاءِ، وإِنْ أُشْبِعَتْ بنِظَامِ الزَوَاجِ الَّذِي مِنْ عِنْدِ اللهِ حَسَبَ أَحْكَامِ الإِسْلامِ كَانَ زَوَاجاً مُوجِداً لِلْطُمَأْنِينَةِ. وغَرِيزَةُ التَدَيُّنِ إِنْ أُشْبِعَتْ مِنْ غَيْرِ نِظَامٍ أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ أَوْ عِبَادَةِ الإِنْسَانِ، كَانَ ذَلِكَ إِشْرَاكاً وكُفْراً، وإِنْ أُشْبِعَتْ بأَحْكَامِ الإِسْلامِ كَانَ ذَلِكَ عِبَادَةً. ولِهَذَا كَانَ لِزَاماً أَنْ تُرَاعَى النَاحِيَةُ الرُوحِيَّةُ في الأَشْيَاءِ، وأَنْ تُسَيَّرَ جَمِيعُ الأَعْمَالِ بأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ، بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الإِنْسَانِ صِلَتَهُ باللهِ، أَيْ أَنْ تُسَيَّرَ بالرُوحِ، ولذَلِكَ لَمْ يَكُنْ في العَمَلِ الواحِدِ شَيْئَانِ اثْنَانِ، بَلِ المَوُجُودُ شَيْءٌ واحِدٌ هُوَ العَمَلُ، وأَمَّا وَصْفُهُ بأَنَّهُ مَادِّيٌّ بَحْتٌ، أَوْ مُسَيَّرٌ بالرُوحِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ آتِياً مِنْ نَفْسِ العَمَلِ، بَلْ آتٍ مِنْ تَسْيِيرِهِ بِأَحْكَامِ الإِسْلامِ، أَوْ عَدَمِ تَسْيِيرِهِ بِهَا. فَقَتْلُ المُسْلِمِ عَدُوَّهُ في الحَرْبِ يُعْتَبَرُ جِهَاداً يُثَابُ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ عَمَلٌ مُسَيَّرٌ بأَحْكَامِ الإِسْلامِ، وقَتْلُ المُسْلِمِ نَفْساً مَعْصُومَةً (مُسْلِمَةً أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ) بغَيْرِ حَقٍّ يُعْتَبَرُ جَرِيمَةً يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ عَمَلٌ مَخَالِفٌ لأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ. وكِلا العَمَلَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ القَتْلُ، صَادِرٌ عَنِ الإِنْسَانِ، فالقَتْلُ يَكُونُ عِبَادَةً حِينَ يُسَيَّرُ بالرُوحِ، ويَكُونُ جَرِيمَةً حِينَ لا يُسَيَّرُ بالرُوحِ. ولذَلِكَ كَانَ لِزَاماً عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُسَيِّرَ أَعْمَالَهُ بالرُوحِ، وكَانَ مَزْجُ المَادَّةِ بالرُوحِ لَيْسَ أَمْراً مُمْكِنَاً فحَسْبُ بَلْ هُوَ أَمْرٌ واجِبٌ. ولا يَجُوزُ أَنْ تُفْصَلَ المَادَّةُ عَنِ الرُوحِ، أَيْ لا يَجُوزُ أَنْ يُفْصَلَ أَيُّ عَمَلٍ عَنْ تَسْيِيرِهِ بأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الصِلَةِ باللهِ. ولِهَذا يَجِبُ أَنْ يُقْضَى عَلَى كُلِّ مَا يُمَثِّلُ النَاحِيَةَ الرُوحِيَّةَ مُنْفَصِلَةً عَنِ النَاحِيَةِ المَادِّيَّةِ. فَلا رِجَالَ دِينٍ في الإِسْلامِ، ولَيْسَ فِيهِ سُلْطَةٌ دِينِيَّةٌ بالمَعْنَى الكَهَنُوتِيِّ، ولا سُلْطَةٌ زَمَنِيَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الدِينِ، بَلِ الإِسْلامُ دِينٌ مِنْهُ الدَوْلَةُ، وهِيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كأَحْكَامِ الصَلاةِ، وهِيَ طَرِيقَةٌ لتَنْفِيذِ أَحْكَامِ الإِسْلامِ وحَمْلِ دَعْوَتِهِ. ويَجِبُ أَنْ يُلْغَى كُلُّ مَا يُشْعِرُ بِتَخْصِيصِ الدِينِ بالمَعْنَى الرُوحِيِّ وعَزْلِهِ عَنِ السِيَاسَةِ والحُكْمِ، فَتُلْغَى المُؤَسَّسَاتُ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى النَوَاحِي الرُوحِيَّةِ، فَتُلْغَى إِدَارَةُ المَسَاجِدِ وتَكُونُ إدارتُها تَابِعَةً لإِدَارَةِ المَعَارِفِ، وتُلْغَى المَحَاكِمُ الشَرْعِيَّةُ والمَحَاكِمُ النِظَامِيَّةُ، ويُجْعَلُ القَضَاءُ واحِداً لا يَحْكُمُ إِلَّا بالإِسْلامِ، فَسُلْطَانُ الإِسْلامِ سُلْطَانٌ وَاحِدٌ".
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: بَعدَ أنْ بَيَّنَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّ فَصْلَ الدِّينِ عَنِ الحَيَاةِ كَانَ مُوَجَّهًا بِتَوجِيهٍ مِنَ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الأجنَبِيَّةِ, وَحَسَبَ أُسلُوبِهِ الرَّائِعِ الحَكِيمِ فِي الإِقنَاعِ, بَيَّنَ عظمة الإسلام بِرَسْمُ الخَطِّ المُستَقِيمِ - الإسلام - إِلَى جَانِبِ الخَطِّ الأعوَجِ - المَبدَأ الرَّأسمَالِي- لِيَظهَرَ اعوِجَاجُهُ وَانحِرَافُهُ. وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الأفكَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:
أولا: نظرة الإسلام للأشياء:
- يَرَى الإِسْلامُ أَنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي يُدْرِكُهَا الحِسُّ هِيَ أَشْيَاءُ مَاديَّةٌ.
- النَاحِيَةُ الرُوحِيَّةُ فِي الأشيَاءِ هِيَ كَوْنُهَا مَخْلُوقَةً لخَالِقٍ.
- الرُوحُ هِيَ إِدْرَاكُ الإِنْسَانِ صِلَتَهُ بالله.
ثانيا: نظرة الإسلام إلى الإنسان:
- لا تُوجَدُ نَاحِيَةٌ رُوحِيَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ النَاحِيَةِ المَادِّيَّةِ.
- لا تُوجَدُ في الإِنْسَانِ أَشْوَاقٌ رُوحِيَّةٌ ونَزَعَاتٌ جَسَدِيَّةٌ.
- الإِنْسَانُ فِيهِ حَاجَاتٌ عُضْوِيَّةٌ، وغَرَائِزُ لا بُدَّ مِنْ إِشْبَاعِهَا.
ثالثا: نظرة الإسلام إلى غرائز الإنسان وحاجاته العضوية:
- إِشْبَاعُ الغَرَائِزِ لا يُسَمَّى نَاحِيَةً رُوحِيَّةً ولا نَاحِيَةً مَاديَّةً، وإِنَّمَا هُوَ إِشْبَاعٌ فَقَطْ.
- غَرِيزَةُ التَدَيُّنِ هِيَ الاحْتِيَاجُ إِلَى الخَالِقِ المُدَبِّرِ النَاشِئُ عَنِ العَجْزِ الطَبيعِيِّ في تَكْوِينِ الإِنْسَانِ.
- غَرِيزَةُ النَوْعِ هِيَ المَيلُ الجِنسِيُّ مِنَ الذَّكَرِ لِلأُنثَى, وَمِنَ الأُنثَى لِلذَّكَرِ.
- الحاجاتِ العُضْوِيَّةَ هِيَ الحَاجَاتُ الَّتِي تَحتَاجُهَا أعضَاءُ جِسْمِ الإِنسَانِ لِيَبقَى حَيّاً, كَالحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالهَوَاءِ وَالدَّوَاءِ وَالكِسَاءِ وَغَيرِ ذَلِكَ.
رابعا: نظرة الإسلام إلى إشباع الغرائز:
- غَرِيزَةُ التَدَيُّنِ إِنْ أُشْبِعَتْ مِنْ غَيْرِ نِظَامٍ أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ أَوْ عِبَادَةِ الإِنْسَانِ، كَانَ ذَلِكَ إِشْرَاكاً وكُفْراً.
- غَرِيزَةُ التَدَيُّنِ إِنْ أُشْبِعَتْ بأَحْكَامِ الإِسْلامِ كَانَ ذَلِكَ عِبَادَةً.
- غَرِيزَةُ النَوْعِ إِنْ أُشْبِعَتْ مِنْ غَيْرِ نِظَامٍ أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ كَانَ ذَلِكَ مُسَبِّباً لِلْشَقَاءِ.
- غَرِيزَةُ النَوْعِ إِنْ أُشْبِعَتْ بنِظَامِ الزَوَاجِ الَّذِي مِنْ عِنْدِ اللهِ حَسَبَ أَحْكَامِ الإِسْلامِ كَانَ زَوَاجاً مُوجِداً لِلْطُمَأْنِينَةِ.
خامسا: نظرة الإسلام إلى إشباع الحاجات العضوية:
- الحاجاتِ العُضْوِيَّةَ والغَرَائِزَ إِذَا أُشْبِعَتْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الصِلَةِ باللهِ كَانَتْ مُسَيَّرَةً بالرُوحِ.
- الحاجاتِ العُضْوِيَّةَ والغَرَائِزَ إِنْ أُشْبِعَتْ دُونِ نِظَامٍ، أَوْ بنِظَامٍ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ، كَانَ إِشْبَاعاً مَاديّاً بَحْتاً يُؤَدِّي إِلَى شَقَاءِ الإِنْسَانِ.
سادسا: نظرة الإسلام إلى عمل الإنسان:
- العَمَلِ الواحِدِ لَيسَ فِيهِ شَيْئَانِ اثْنَانِ: مَادَّةٌ وَرُوحٌ, بَلِ المَوُجُودُ شَيْءٌ واحِدٌ هُوَ العَمَلُ.
- وَصْفُ العَمَلِ بأَنَّهُ مَادِّيٌّ بَحْتٌ، أَوْ مُسَيَّرٌ بالرُوحِ لَيْسَ آتِياً مِنْ العَمَلِ نَفْسِهِ، بَلْ آتٍ مِنْ تَسْيِيرِهِ بِأَحْكَامِ الإِسْلامِ، أَوْ عَدَمِ تَسْيِيرِهِ بِهَا.
سابعا: وجوب تسيير الأعمال بأوامر الله ونواهيه:
- يَجِبُ أَنْ تُسَيَّرَ جَمِيعُ الأَعْمَالِ بأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ، بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الإِنْسَانِ صِلَتَهُ باللهِ.
- قَتْلُ المُسْلِمِ عَدُوَّهُ في الحَرْبِ يُعْتَبَرُ جِهَاداً يُثَابُ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ عَمَلٌ مُسَيَّرٌ بأَحْكَامِ الإِسْلامِ.
- قَتْلُ المُسْلِمِ نَفْساً مَعْصُومَةً (مُسْلِمَةً أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ) بغَيْرِ حَقٍّ يُعْتَبَرُ جَرِيمَةً يُعَاقَبُ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ عَمَلٌ مَخَالِفٌ لأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ.
- كِلا العَمَلَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ القَتْلُ، صَادِرٌ عَنِ الإِنْسَانِ.
- القَتْلُ يَكُونُ عِبَادَةً حِينَ يُسَيَّرُ بالرُوحِ، ويَكُونُ جَرِيمَةً حِينَ لا يُسَيَّرُ بالرُوحِ.
ثامنا: في الإسلام لا يجوز أن تفصل المادة عن الروح:
- عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُسَيِّرَ أَعْمَالَهُ بالرُوحِ.
- مَزْجُ المَادَّةِ بالرُوحِ لَيْسَ أَمْراً مُمْكِناً فحَسْبُ بَلْ هُوَ أَمْرٌ واجِبٌ.
- لا يَجُوزُ أَنْ تُفْصَلَ المَادَّةُ عَنِ الرُوحِ، أَيْ لا يَجُوزُ أَنْ يُفْصَلَ أَيُّ عَمَلٍ عَنْ تَسْيِيرِهِ بأَوَامِرِ اللهِ ونَوَاهِيهِ بِنَاءً عَلَى إِدْرَاكِ الصِلَةِ باللهِ.
تاسعا: يجب القضاء على كل ما يفصل المادة عن الروح:
- يَجِبُ أَنْ يُقْضَى عَلَى كُلِّ مَا يُمَثِّلُ النَاحِيَةَ الرُوحِيَّةَ مُنْفَصِلَةً عَنِ النَاحِيَةِ المَادِّيَّةِ.
- لا رِجَالَ دِينٍ في الإِسْلامِ.
- لَيْسَ فِي الإِسلامِ سُلْطَةٌ دِينِيَّةٌ بالمَعْنَى الكَهَنُوتِيِّ، ولا سُلْطَةٌ زَمَنِيَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الدِينِ.
عاشرا: نظرة الإسلام إلى الدين والدولة:
- الإِسْلامُ دِينٌ مِنْهُ الدَوْلَةُ، والدَوْلَةُ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كأَحْكَامِ الصَلاةِ.
- الدَوْلَةُ طَرِيقَةٌ لتَنْفِيذِ أَحْكَامِ الإِسْلامِ وحَمْلِ دَعْوَتِهِ.
حادي عشر: يجب أن يلغى كل ما يشعر بتخصيص الدين بالمعنى الروحي:
- يَجِبُ أَنْ يُلْغَى كُلُّ مَا يُشْعِرُ بِتَخْصِيصِ الدِينِ بالمَعْنَى الرُوحِيِّ وعَزْلِهِ عَنِ السِيَاسَةِ والحُكْمِ.
- تُلْغَى المُؤَسَّسَاتُ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى النَوَاحِي الرُوحِيَّةِ.
- تُلْغَى إِدَارَةُ المَسَاجِدِ وتَكُونُ إدارتُها تَابِعَةً لإِدَارَةِ المَعَارِفِ.
- تُلْغَى المَحَاكِمُ الشَرْعِيَّةُ والمَحَاكِمُ النِظَامِيَّةُ.
- يُجْعَلُ القَضَاءُ واحِداً لا يَحْكُمُ إِلَّا بالإِسْلامِ، فَسُلْطَانُ الإِسْلامِ سُلْطَانٌ وَاحِدٌ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.