- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح161) الثقافة اللازمة للجيش, والتحريض على القتال, والصبر والمصابرة
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الوَاحِدَةِ وَالسِّتِّينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الثَّقَافَةُ اللَّازِمَةُ لِلجَيشِ, وَالتَّحرِيضُ عَلَى القِتَالِ, وَالصَّبْرُ والـمُصَابَرَةُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّابِعَةِ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 61: تَتَوَلَّى دَائِرَةُ الحَربِيَّةِ جَمِيعَ الشُّؤُونِ الـمُتَعَلِّقَةِ بِالقُوَّاتِ الـمُسَلَّحَةِ مِنْ جَيشٍ وَشُرطَةٍ وَمُعِدَّاتٍ, وَمُهِمَّاتٍ, وَعَتَادٍ, وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ, وَمِنْ كُلِّيَّاتٍ عَسكَرِيَّةٍ، وَبَعْثَاتٍ عَسكَرِيَّةٍ، وَكُلِّ مَا يَلزَمُ مِنَ الثَّقَافَةِ الإِسلَامِيَّةِ، وَالثَّقَافَةِ العَامَّةِ لِلجَيشِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالحَرْبِ وَالإِعدَادِ لَهَا. وَرَئِيسُ هَذِهِ الدَّائِرَةِ يُسَمَّى (أَمِيرَ الجِهَادِ).
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذه هِيَ تَتِمَّةُ المَادَّةِ الوَاحِدَةِ وَالسِّتِينَ. نُتَابِعُ مَعَكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وَقَدْ بَيَّنَّا أَدِلَّةَ الإِعدَادِ وَأَدِلَّةَ التَّدرِيبِ, وَفِي هَذِهِ الحَلْقَةِ نُبَيِّنُ أَدِلَّةَ الثَّقَافَةِ وَالتَّحرِيضِ عَلَى القِتَالِ, وَالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ عِندَ اللِّقَاءِ, وَحِرَاسَةِ الجَيشِ حَتَّى لَا يُؤخَذَ عَلَى غِرَّةٍ.
ثالثا: أدلة الثقافة اللازمة للجيش:قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّوبَةِ: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١١) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). (التَّوبَة 112).
فَاللهُ سُبحَانَهُ لَمْ يَكْتَفِ مِنَّا بِبَذْلِ النَّفْسِ وَالمَالِ لِنَكُونَ مِنَ المُبَشَّرِينَ, بَلْ زَادَ أَنْ نَكُونَ تَائِبِينَ عَابِدِينَ صَائِمِينَ مُصَلِّينَ آمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَنَاهِينَ عَنِ المُنكَرِ وَحَافِظِينَ لِحُدُودِ اللهِ وَقَّافِينَ عِندَهَا, لَا نَتَعَدَّاهَا, بَلْ نَجْعَلُ بَينَنَا وَبَينَهَا مَسَافَةً لِضَمَانِ السَّلَامَةِ. وَقَالَ سُبحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (آل عمران 200).
رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ t أَنَّ رَسُـولَ اللهِ r قَالَ: "رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِـعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ الْغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا". وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوفَى t أَنَّ رَسُولَ r قَالَ: "وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّـيُوفِ". وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: "مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ". وَرَوَى الحَاكِمُ, وَصَحَّحَهُ, وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَينٍ t أَنَّ رَسُـولَ اللهِ r قالَ: "مَقَامُ الرَّجُلِ فِي الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللهِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ سِتِّينَ سَنَةً". وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ t قَالَ قَالَ النَّبِيُّ r: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". وَرَوَى مُسْلِمُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، قَالَ: يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟ قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ".
رابعا: أدلة التحريض على القتال: قَالَ تَعَالَى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا). (النساء 84) وَقَالَ سُبحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ). (الأنفال 65) وَرَوَى ابنُ إِسْحَقَ قَالَ: "ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ r إِلَى النَّاسِ فَحَرَّضَهُمْ وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يُقَاتِلُهُمُ اليَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صَابِراً مُحْتَسِباً مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ...".
وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْـنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: "... فَنَظَرَ فَرَآنِي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَقَالَ: اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ وَلاَ يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ، فَهَتَفْتُ بِهِمْ فَجَاءُوا، فَأَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ r فَقَالَ: تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى: حَصْداً حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا ...". وَرَوَى مُسْلِمُ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبدِ المُطَّلِبِ قَالَ: "شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r يَوْمَ حُنَيْنٍ ... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: أَيْ عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ، فَقَالَ عَبَّاسٌ - وَكَانَ رَجُلاً صَيِّتاً - فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ ...".
خامسا: أدلة الصبر والمصابرة عند اللقاء: قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (الأَنفَالُ 45). وَقَالَ سُبحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (آلِ عِمْرَانَ 200) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ). (النَّحْلُ 110).
وَرَوَى مُسْلِمُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمْ نُبَايِعْ رَسُولَ اللهِ r عَلَى الْمَوْتِ، إِنَّمَا بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لا نَفِرَّ». وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوفَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: "إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا".
سادسا: أدلة حراسة الجيش حتى لا يؤخذ على غِرَّة: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ r قَالَ: "... طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِـرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ، إِنِ اسْـتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ". وروى الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله r يقول: "عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". وَرَوَى الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: "أَلاَ أُنْبِئُكُمْ بِلَيْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ لَيْلَةِ القَدْرِ، حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ لَعَلَّهُ أَنْ لاَ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ".
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.