- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح169) تتولى إدارة الأمن الداخلي المراقبة
والتجسس على من يترددون من الرعية على المسئولين الكفار
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ التَّاسِعَةِ وَالسِّتِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "تَتَوَلَّى إِدَارَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ المُرَاقَبَةَ وَالتَّجَسُّسَ عَلَى مَنْ يَتَرَدَّدُونَ من الرعية عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 72: أَبْرَزُ مَا يُهَدِّدُ الأَمْنَ الدَّاخِلِيَّ الَّذِي تَتَوَلَّى دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ مُعَالَجَتَهُ هُوَ: الرِّدَّةُ، البَغْيُ وَالحِرَابَةُ، الاعتِدَاءُ عَلَى أَمْوالِ النَّاسِ، التَّعَدِّي عَلَى أَنْفُسِ النَّاسِ وَأَعرَاضِهِمْ، التَّعَامُلُ مَعَ أَهْلِ الرِّيَبِ الَّذِينَ يَتَجَسَّسُونَ لِلكُفَّارِ المُحَارِبِينَ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ التَتِمَّةُ الثَّانِيَةُ وَالأَخِيرَةُ للمَادَّةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبعِينَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
تَتَوَلَّى دَائِرَةُ الأَمْنِ الدَّاخِلِيُّ المُرَاقَبَةَ وَالتَّجَسُّسَ عَلَى مَنْ يَتَردَّدُونَ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارَ المُحَارِبِينَ حُكْماً, أَو مُمَثِّلِيهِمْ فِي بِلَادِنَا، كَمَا أَنَّ دَائِرَةَ الحَربِيَّةِ تَتَوَلَّى ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَتَرَدَّدُونَ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارَ المُحَارِبِينَ حُكْماً, أَو مُمَثِّلِيهِمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَلَكِنْ بِشَرطَينِ:
الأول: أَنْ يَظْهَرَ، نَتِيجَةَ مُرَاقَبَةِ دَائِرَةِ الحَربِيَّةِ وَدَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ لِلمَسئُولِينَ الكُفَّارَ المُحَارِبِينَ حُكْماً أَوْ مُمَثِّلِيهِمْ، أَنَّ تَرَدُّدَ الرَّعَايَا عَلَى هَؤُلَاءِ الكُفَّارِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الخَارِجِ أَمْ فِي الدَّاخِلِ، أَمْرٌ غَيرُ عَادِيٍّ وَلَافِتٌ لِلنَّظَرِ.
والثاني: أَنْ يُعرَضَ مَا يَظْهَـُر لِلدَّائِرَتَينِ المَذكُورَتَينِ عَلَى قَاضِي الحِسْبَةِ، وَيَـرَى قَاضِي الحِسْبَةِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي هَـذَا التَّرَدُّدِ ضَرَراً مُتَوَقَّعاً عَلَى الإِسلَامِ وَالمُسلِمِينَ.
فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ جَازَ لِدَائِرَةِ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ التَّجَسُّسُ عَلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ مِنَ الرَّعِيَّةِ الَّذِي يَتَرَدَّدُ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ حُكْماً وَمُمَثِّلِيهِمْ فِي بِلَادِنَا، وَجَازَ لِدَائِرَةِ الحَربِيَّةِ التَّجَسُّسُ عَلَى أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارَ المُحَارِبِينَ حُكْماً وَمُمَثِّلِيهِمْ فِي بِلَادِهِمْ. وَالأَدِلَّةُ المُتَعَلِّقَةُ بِكُلِّ مَا سَبَقَ هِيَ مَا يَأْتِي:
1- إِنَّ التَّجَسُّسَ عَلَى المُسلِمِينَ حَرَامٌ بِنَصِّ الآيَة: (وَلَا تَجَسَّسُوا). (الحُجُرَاتِ 12) وَهَذَا نَهْيٌ عَامٌّ عَنِ الجَاسُوسِيَّةِ، فَيَبقَى عَلَى عُمُومِهِ مَا لَـمْ يَرِدْ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ. وَيُؤَكِّدُ هَذَا الحَدِيثُ الَّذِي أَخرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِ عَنِ المِقْدَادِ وَأَبِي أُمَامَةَ قَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «إِنَّ الأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ». وَلِذَلِكَ فَالتَّجَسُّسُ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ، وَالحُكْمُ نَفسُهُ يَنطَبِقُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ رَعَايَا الدَّولَةِ. فَيَحْرُمُ التَّجَسُّسُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، مُسلِمِينَ كَانُوا أَمْ غَيرَ مُسلِمِينَ.
2- التَّجَسُّسُ عَلَى الكُفَّارِ الحَربِيِّينَ فِعْلاً، كَمَنْ نَحنُ وَهُمْ فِي قِتَالٍ، وَعَلَى الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ حُكْماً كَالَّذِينَ يَدخُلُونَ بِلَادَنَا مُعَاهِدِينَ وَمُستَأْمِنِينَ كَالسُّفـَرَاءِ وَنَحْوِهِـمْ، أَوْ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ حُكْماً فِي بِلَادِهِمْ، فَالتَّجَسُّسُ عَلَى هَؤُلَاءِ جَـائِزٌ, بَلْ هُوَ وَاجبٌ عَلَى الـمُحَارِبِينَ فِعْلاً، وَعَلَى المُحَارِبِينَ حُكْماً فِي حَالَةِ الضَّرَرِ.
وَالأَدِلَّةُ وَاضِحَةٌ فِي سِيرَةِ رَسُولِ اللهِ r، وَمِنهَا: جَاءَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ عَنْ سَرِيَّةِ عَبدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ، حَيثُ كَتَبَ الرَّسُولُ r كِتَاباً، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتَّى يَسِيرَ يَومَينِ، فَلَمَّا سَارَ عَبدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ يَومَينِ، فَتَحَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ r فَنَظَرَ فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ: «إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَامْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةً بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ، فَتَرَصَّدْ بِهَا قُرَيْشاً، وَتَعَلَّمْ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ».
وَجَاءَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ فِي أَحْدَاثِ غَزْوَةِ بَدْرٍ: قَالَ ابْنُ إِسحَقَ: «رَكِبَ رَسُولُ اللهِ r هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ t حَتَّى وَقَفَ عَلَى شَيْخٍ مِنَ العَرَبِ، فَسَأَلَهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لاَ أُخْبِرُكُمَا حَتَّى تُخْبِرَانِي مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: إِذَا أَخْبَرْتَنَا أَخْبَرْنَاكَ. قَالَ: أَذَاكَ بِذَاكْ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الشَّيْخُ: ... وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشاً خَرَجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَنِي صَدَقَنِي، فَهُمُ الْيَوْمَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا فَرِغَ مِنْ خَبَرِهِ قَالَ: مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r نَحْنُ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، قَالَ يَقُولُ الشَّيْخُ: مِنْ مَاءٍ، أَمْ مِنْ مَاءِ العِرَاقِ؟ ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ r إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَمْسَى بَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ العَوَّامِ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، إِلَى مَاءِ بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَلَيْهِ، أَيْ عُـيُوناً عَلَى قُرَيْشٍ».
وَكَذَلِكَ أَورَدَ ابْنُ إِسحَاقَ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ هِشَامٍ تَحْتَ عُنْوَانِ: بِسْبِس بْنِ عُمْرٍو وَعَدِيِّ بْنِ أَبِي الزَّغبَاءِ يَتَجَسَّـسَانِ الأَخْبَارَ، حَتَّى قَالَ: وَسَمِعَ عَدِيُّ وَبِسْبِسُ ذَلِكَ" أَيْ مَا قَالَتِ الجَارِيَتَانِ عَلَى المَاءِ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيشٍ". فَجَلَسَا عَلَى بَعِيرَيهِمَا، ثُمَّ انطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللهِ r فَأَخْبَرَاهُ بِمَا سَمِعَا.
وَهَذِهِ الأَدِلَّةُ وَإِنْ كَانَتْ تُجَاهَ قُرَيشٍ، وَهِيَ كَانَتْ مُحَارِبَةً فِعْلاً، إِلَّا أَنَّ الحُكْمَ كَذَلِكَ يَنطَبِقُ عَلَى المُحَارِبِينَ حُكْماً لِتَوَقُّعِ الحَرْبِ مَعَهُمْ. إِنَّمَا الفَرقُ فَقَط هُوَ مِنْ حَيثُ كَونُهُ وَاجباً فِي حَالَةِ المُحَارِبِينَ فِعْلاً؛ لِأَنَّ السِّيَاسَةَ الحَربِيَّةَ لِهَزِيمَةِ العَدُوِّ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَهُوَ جَائِزٌ تُجَاهَ المُحَارِبِينَ حُكْماً لِتَوَقُّعِ الحَرْبِ مَعَهُمْ. فَإِنْ كَانَ يُخشَى الضَّرَرُ، أَيْ يُتَوَقَّعُ مُسَاعَدَتَهُمْ أَوِ انضِمَامَهُمْ لِلمُحَارِبِينَ فِعْلاً، فَقَدْ أَصْبَحَ وَاجباً عَلَى الدَّولَةِ كَذَلِكَ.
وَهَكَذَا فَإِنَّ التَّجَسُّـسَ عَلَى الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ، جَائِزٌ لِلمُسلِمِينَ، وَوَاجبٌ عَلَى الدَّولَةِ تُوفِيرُهُ، بِدَلِيلِ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ r بِالقِيَامِ بِهِ كَمَا سَبَقَ مِنْ أَدِلَّةٍ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَاقِعٌ تَحْتَ (مَا لَا يَتِمُّ الوَاجبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجبٌ). فَإِذَا تَرَدَّدَ أَفْرَادُ الرَّعِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكُانُوا مُسلِمِينَ أَمْ ذِمِّيِّينَ، عَلَى الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ، فِعْلاً أَو حُكْماً، فِي بِلَادِنَا أَو فِي بِلَادِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ رِيبَةٍ يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيهِمْ, وَتَتَبُّعُ أَخبَارِهِمْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى مَنْ يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيهِمْ، وَلِأَنَّهُ يُخشَى مِنْهُمْ ضَرَرٌ عَلَى الدَّولَةِ إِنْ تَجَسَّسُوا لِلكُفَّارِ.
وَلَكِنْ حَتَّى يَجُوزَ التَّجَسُّسُ عَلَى أَفْرَادِ الرَّعِيَّةِ هَؤُلَاءِ يَجِبُ تَحَقُّقُ الشَّـرطَينِ اللَّذَينِ ذَكَرْنَاهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرطَانِ فَإِنَّهُ يَحرُمُ التَّجَسُّسُ عَلَى الرَّعِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسلِمِينَ أَمْ أَهْلَ ذِمَّةٍ لِلنُصُوصِ الصَّرِيحَةِ الوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَالمَذكُورَةِ آنِفًا. وَتَتَوَلَّى دَائِرَةُ الحَربِيَّةِ التَّجَسُّسَ عَلَى الرَّعِيَّةِ الَّذِينَ يَتَردَّدُونَ عَلَى المُحَارِبِينَ فِعْلاً، وَكَذَلِكَ عَلَى الرَّعِيَّةِ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ فِي بِلَادِ الكُفَّارِ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ حُكْماً وَمُمَثِّلِيهِمْ.
كَمَا أَنَّ دَائِرَةَ الأَمْنِ الدَّاخِلِيِّ تَتَوَلَّى التَّجَسُّسَ عَلَى أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ الَّذِينَ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى المَسئُولِينَ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ حُكْماً وَعَلَى مُمَثِّلِيهِمْ فِي بِلَادِنَا.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.