نفحات رمضانية رمضان شهر الفتوحات والانتصارات
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يا مسلمون اجعلوا رمضان شهر الأمجاد والانتصارات
الحمد لله معز الإسلام بنصره, ومذل الشرك بقهره, ومصرف الأمور بأمره, ومديم النعم بشكره, ومستدرج الكافرين بمكره, الذي قدّر الأيام دُوَلا بعدله, وجعل العاقبة للمتقين بفضله, وأفاء على عباده من ظله, وأظهر دينه على الدين كله, القاهرِ فوق عباده فلا يمُانَع, والظاهر على خليقته فلا يُنَازع, والآمرِ بما يشاء فلا يراجع, والحاكم بما يريد فلا يدافع.
أحمده على إنعامه, وتفضله وإحسانه, حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, ملء السموات والأرض, وملء ما شاء من شيء بعد, حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده, وأصلي وأسلم على أفضل أنبيائه وخاتم رسله, سيد الأولين والآخرين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين, ومن تبعه وسار على دربه, واستن بسنته, واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:
أيها المسلمون والمسلمات في كل مكان :
أحييكم بأطيب تحية وأزكى سلام, أحييكم بتحية الإسلام, فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
جاء الصيامُ فجاءَ الخيرُ أجمعُـهُ ترتيبُ ذكرٍ وتحميدٌ وتسبيـحُ
فالنفسُ تدأبُ في قولٍ وفي عملٍ صومُ النهارِ وفي الليل التراويحُ
في هذا اليوم المبارك من أيام الشهر الفضيل, شهر رمضان, شهر الخير والبركات والرحمات, شهر البطولات والانتصارات والفتوحات, يسرنا ويسعدنا أن نلتقي وإياكم لنذكر أنفسنا ونذكركم بما يمليه علينا ديننا, وما تمليه علينا عقيدتنا. لقد أظلنا شهر عظيم مبارك, شهر تضاعف فيه الحسنات, وترفع به الدرجات, وتعم فيه البركات, وتكثر فيه الخيرات, شهر من رُحم فيه فهو المرحوم, ومن حرم فيه فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه من حياته لمماته فهو ملوم. شهر رمضان كالسوق قام ثم انفض, ربح فيه من ربح, وخسر فيه من خسر. فماذا فعلتم؟ وماذا أعددتم؟ وماذا قدمتم لأنفسكم كي تلقوا ربكم وهو راض عنكم؟ فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رمضان أتاكم, رمضان شهر بركة يغنيكم الله فيه, فينـزل الرحمة, ويحط الخطايا, ويستجيب الدعاء, ينظر الله إلى نفائسكم, ويباهي بكم ملائكته, فأروا الله من أنفسكم خيرا, فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل».
هذا الصباحُ قـد لاحـتْ بشائـرُهُ
والليلُ ودَّعَنـا توديــعَ مُرتحِــلِ
كذا تمرُّ ليـالي العُمــرِ راحلــةً
عنا ونحنُ مـعَ الآمـالِ في شُغُــلِ
نمسي ونُصبـحُ في لهـوٍ نُسرُّ بــه
جَهـلاً وذلكَ يُدنينـا منَ الأجَـلِ
والعمرُ يمضي ولا نَـدري فَـوا أسفاً
عليه إذا مَّـر في الآثـام والــزلَلِ
يا ليتَ شعري غداً كيفَ الخلاصُ به
ولم نُقـدِّمْ له شيئـاً مـن العمَـلِ
يا ربِّ عفوكَ عما قد جاءتْ به يَدي
فليـسَ لي بجـزاءِ الذَنبِ من قِبَـلِ
أجل أيها المسلمون:
أروا الله من أنفسكم ما يحب أن يراه, وما تحبون أن تلقوا به وجه الله, لا تتركوا الفروض والواجبات, وتتمسكوا بالنوافل والقربات, ورسول الله يقول لكم: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه». ويقول: «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية». فهل يصح أن نهجر الفروض, ونرتكب المحرمات في هذا الشهر الكريم, وبعد ذلك نواسي أنفسنا بالقيام ببعض الطاعات كقيام الليل, وقراءة القرآن؟ هل يصح أن نمضي نهارنا ونحن في الإثم واقعون, وفي آخر النهار نختلي بأنفسنا دقائق أو سويعات ونحن لربنا راكعون أو ساجدون, ولقرآنه تالون أو مرتلون, ثم نحسِب أنفسنا أننا نحسن صنعا؟ لا والله لا يصح هذا ولا يستقيم.
لماذا نتذكر أشياء في رمضان, ولا نتذكر أخرى مع أنها أشد وضوحا, وأجلى بيانا, وأكثر إلحاحا؟ لماذا نقلع عن أعمال نراها أخطاء, ونصر على أشياء هي أكثر جرما, وأعظم خطأ؟ لماذا نقبل على أعمال, وندع ما هو أولى منها وأوجب.
أيها الصائمون:
أيهما أعظم أجرا؟ قراءة القرآن أم العمل بالقرآن؟ وأيهما أعظم مصيبة أن نهجر قراءة القرآن أم أن نهجر تطبيق الأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن؟ هل ترضون أن نقرأ القرآن ونحمله دون أن نفقه منه كلمة, ولا نعرف منه إلا رسم الحروف؟
هل ترضون أن نكون مثل بني إسرائيل الذين أنزل الله تعالى فيهم قوله: {مثل الذين حملوا التوراةَ ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين}؟
أفلم تقرءوا في كتاب الله في هذا الشهر قول الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؟ وقوله: {إن الحكم إلا لله}؟ وقوله: {ألم تر إلى الذين يَزعُمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت, وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا}؟
ألم تقرءوا قول الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}؟ فلما قرأتم هذه الآيات ماذا كان موقفكم تجاهها؟ أم أنكم مررتم عليها مرور الكرام؟ أليس من الواجب علينا أن نعمل بما نعلم؟ لماذا نلبي قول الله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ولا نلبي قول تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله, ولا تتبع أهواءهم}؟
أيها الأحبة: أيها الصائمون:
إن من أعظم الفروض التي فرضها الإسلام هو العمل لإقامة دولة الإسلام, والإسراعُ إلى تغيير أنظمة الكفر التي ضيعت شرع الله, وأورثتنا الذل والهوان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان, فلا تُفارقوا الكتاب». ويقول ابن الفضل: ((ألا إن القرآن والسلطان توأمان, فالقرآن أس, والسلطان حارس, فما لا أس له فمهدوم, وما لا حارس له فضائع)). ويقول التابعي الجليل القاسم بن مُخيمِرة: ((زمانكم سلطانكم, فإذا صلح سلطانكم صلح زمانكم, وإذا فسد سلطانكم فسد زمانكم)). ويقول سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه (( إن الله ليزَع بالسلطان ما لا يَزع بالقرآن)) .
أجل يا عباد الله, رمضان شهر مضاعفة الأجور والحسنات, فلا تقصروا فيه, واملئوه بالطاعات والقربات, وأقلعوا فيه عن المعاصي, وأول ما تبدءون به هو العمل لإقامة دولة الإسلام, فهو فرض قد أوجبه الله من فوق سبع سماوات, وهو الخير الذي به سيعود للإسلام عزه ومجده, وإن أعظم منكرات هذا الزمان هو الحكم بشرعة الطاغوت, وهجر دستور الإسلام, فاعملوا يا عباد الله على قلب أنظمة الحكم التي تحكم بأنظمة أمريكا وبريطانيا حتى تنجوا من عذاب الله وتفوزوا برضوانه, فاتقوا الله يا عباد الله في هذا الشهر الكريم, وارفعوا عن أكتافكم وأعناقكم إثم القعود عن العمل لإعادة الحكم بما أنزل الله, فهل يرضى أحدكم أن يموت ميتة جاهلية؟ واعلموا أن العمل مع العاملين لإعادة الحكم بما أنزل الله هو خير ما تتقربون به إلى الله في شهركم هذا, والله يضاعف لمن يشاء.
وختاما إخوة الإيمان:
نسأل الله عز وجل, في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل, أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة, وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. وأن يعيد لأمة الإسلام أيام عزها ومجدها ويمكن لها في الأرض, نسأله سبحانه وتعالى أن يكون ذلك قريبا وعلى أيدينا وفي رمضان. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
* * *
مهاجرة غير