معالم الإيمان المستنير الإيمان بالملائكة ح2
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
نتابع معكم احبتنا الكرام الحديث حول الإيمان بالملائكة. فنقول وبالله التوفيق :
فطر الله الملائكة على الطاعة، وطبعهم على الخير، وجنبهم الشر فهم لا يفعلونه ولا يأمرون به. وقد أخبرنا الله تعالى عن طاعة وعصمة الملائكة وهاكم البيان :
أولا :
الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون. قال الله عز وجل: ( وقالوا اتخذ الرحمـن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ). (الأنبياء27) وقال تعالى: ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللـه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ). (التحريم 6)
ثانيا :
والملائكة يسبحون بحمد الله، ويعبدونه دائما، ويذكرونه آناء الليل وأطراف النهار، ولا يفترون قال تعالى: ( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) (الأنبياء20)
ثالثا :
والملائكة يستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين، قال تعالى: ( تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن اللـه هو الغفور الرحيم ). (الشورى5). عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث اللهم اغفر له اللهم ارحمه ". (رواه النسائي)
صلاة الملائكة :
الملائكة تصطف للصلاة والعبادة بين يدي رب العالمين. قال الله تعالى: ( والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلـهكم لواحد ). (الصافات4) فالله عز وجل يقسم بالصافات؛ وهي الملائكة التي تصطف للصلاة والعبادة بين يديه سبحانه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول للصحابة: " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها فقلنا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها قال: يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف ". (رواه مسلم) والله عز وجل يقول على لسان الملائكة: ( وإنا لنحن الصافون * وإنا لنحن المسبحون ). (الصافات 166)
وعن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أرى ما لا ترون, وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله ". (رواه الترمذي) أطت السماء أي: ظهر منها صوت.
وفي حديث المعراج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثم رفع لي البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور, يدخله كل يوم سبعون ألف ملك, إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه ". (رواه مسلم) وفي رواية "لم يعودوا إليه". (رواه البخاري)
أفضل الملائكة :
الملائكة يتفاضلون فيما بينهم، فمن رؤساء الملائكة: جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام، وهؤلاء نؤمن بهم تفصيلا، ولكل منهم أعمال ووظائف، يقوم بها بأمر الله تعالى. عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: " سألت عائشة أم المؤمنين بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل قالت كان إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ". (رواه مسلم) وفي هذا الحديث الشريف دلالة على أفضلية هؤلاء الملائكة، وكرامتهم عند الله تبارك وتعالى :
أولا : جبريل عليه السلام :
ويسمى بروح القدس، والروح الأمين أيضا، وصفه الله عز وجل بالقوة والأمانة فقال: ( إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين ). (التكوير21) وخصه بأشرف وظيفة، وهي الوحي إلى رسله من البشر عليهم السلام، فكان ينزل عليهم بالرسالات كما قال الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم : ( وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين ). (الشعراء 194) وصح عن النبي :صلى الله عليه وسلم " أن جبريل عليه السلام رافقه في أعظم رحلة تمت في الوجود، وهي الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، ومعراجه منه إلى سدرة المنتهى بالملكوت الأعلى ".(رواه البخاري)
ثانيا : ميكائيل عليه السلام :
فقد وكله الله عز وجل بالمطر الذي فيه حياة الأرض والنبات والإنسان والحيوان. قال تعالى: ( وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ). (المؤمنون 18) وقال تعالى : ( والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون ). (الزخرف )
ثالثا : إسرافيل عليه السلام :
فقد وكله الله عز وجل بالنفخ في الصور حيث يحيي الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل، فإذا هم قيام ينظرون. قال تعالى: ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) (الحاقة 16)
رابعا : ملك الموت عليه السلام :
أطلق القرآن اسم "ملك الموت" على الملك الذي وكله الله عز وجل بقبض الأرواح واستيفائها من الناس. قال تعالى: ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ). (السجدة11) وقد شاع على ألسنة الناس أن "عزرائيل" هو اسم ملك الموت, ولم يتواتر ولم يصح في الآيات, ولا في الأحاديث اسم هذا الملك عليه السلام, لذا علينا أن نلتزم بالاسم الذي سمـاه به القرآن.
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.