الخميس، 03 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

معالم الإيمان المستنير المعلم التاسع والعشرون: القضاء والقدر (ح3)  

بسم الله الرحمن الرحيم


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:


من العقيدة التي يؤمن بها المسلم أن ما يحدث في الأرض من المصائب مكتوب في اللوح المحفوظ, فالمسلم يؤمن بقضاء الله وقدره, وحكمته ومشيئته, وأنه لا يقع شيء في الوجود إلا بعلم الله وتقديره, وأنه سبحانه وتعالى عدل في قضائه, حكيم في تقديره وتدبيره, وأن ما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن, ولا حول ولا قوة إلا به تعالى. وقد وردت آيات كريمة, وأحاديث نبوية شريفة لها صلة وثيقة بموضوع علم الله تعالى وعدله, وحكمته في تقديره وتدبيره, يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا, ومن هذه الآيات والأحاديث قوله تعالى: ( ما أصاب من مصيبة في الأر‌ض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبر‌أها إن ذلك على الله يسير‌ ). (الحديد 22) نبرأها: أي نخلقها. يسير: أي سهل. والمعنى أن ما يحدث في الأرض من المصائب كالقحط والزلازل والتلف في المزروعات, وما يصيب الناس من الأمراض والفقر, ومن نقص في الأنفس والثمرات مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله تعالى الأرض.


ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قوله تعالى: ( وإن يمسسك الله بضر‌ فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير‌ فهو على كل شيء قدير‌ ). (الأنعام 17) فلا كاشف له: أي لا رافع أو صارف أو مزيل له. فالله وحده مالك النفع, وكاشف الضر, ومعنى الآية: إن تنزل بك يا محمد شدة من فقر أو مرض فلا رافع, ولا صارف له إلا هو, ولا يملك كشفه سواه, وإن يصبك بخير من صحة ونعمة فلا راد له لأنه وحده القادر على إيصال الخير والضر, والآية برهان على الوحدانية لانفراد الله تعالى بالضر والخير.


ومن الأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنه: "يا غلام, إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف". (رواه الترمذي) ومعنى الحديث: احفظ الله: حفظ الله يكون بالمداومة على طاعته بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه. وقد وجهنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في وصيته الأولى من خلال حديثه مع عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن نحفظ الله تعالى, وذلك بالمداومة على طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه, ومراقبته في السر والعلن, فإن فعل المسلم ذلك فإن الله تعالى يحفظه في الدنيا, ويكون معه يعينه ويوفقه للخير حيثما كان, ويحميه من الوقوع في المعاصي. وفي الوصية الثانية وجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا نسأل غير الله تعالى, وأن لا نستعين بأحد سواه.


والاستعانة بالله تعالى تعني أن يلجأ المسلم إلى ربه طلبا للعون والتوفيق فيما يريد من الأعمال, بعد أن يأخذ بالأسباب ويستعد لها, فالطالب يستعين بالله ويدعوه أن يوفقه في دراسته مع اجتهاده في الدراسة وحرصه على التعلم. وبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن الناس جميعا عاجزون عن أن ينفعوا إنسانا, أو أن يوقعوا به ضررا إلا في حدود ما قدره الله تعالى عليه. وهذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم يغرس في نفس المسلم الطمأنينة والرضا, ويمنع عنه الخوف والتردد, لأنه يصبح على قناعة أكيدة أن النفع والضرر بيد الله تعالى وحده, ولن يصيب الإنسان إلا ما كتبه الله تعالى له.


أيها المؤمنون:


ومن الأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبا جبريل عليه السلام حين جاء يسأله عن الإيمان: "أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره". (رواه مسلم) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن قيس: "يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة هي من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله". (متفق عليه) يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين إلى أن الإنسان ينبغي أن يؤمن بالقدر خيره وشره, وأن يتجرد من كل حول ومن كل قوة سوى حول الله وقوته, وأن يلجأ إليه دائما يستمد منه العون.


ومن الآيات والأحاديث النبوية التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول الله جل في علاه: ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ). (الكهف39)

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قال: ما شاء الله وشئت, "قل: ما شاء الله وحده". (رواه النسائي).


ومعنى الآية فهلا حين دخلت حديقتك وأعجبت بما فيها من الأشجار والثمار, قلت: هذا من فضل الله, فما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن, ولا قدرة لنا على طاعته إلا بتوفيقه ومعونته. ومعنى الحديث أنه لا يقع في الوجود شيء إلا بمشيئة الله تعالى وحده ولا يجوز أن يشرك معه غيره في المشيئة.


ومن الآيات التي يحسن بنا أن نفهمها فهما صحيحا قول الله جل في علاه: ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ). (الأنبياء101) الحسنى: أي الجنة. ومعنى الآية أن الذين سبقت لهم السعادة بدخول الجنة, هم عن النار مبعدون, لا يصلون حرها, ولا يذوقون عذابها.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع