معالم الإيمان المستنير التوكل على الله ح3
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد :
كان نبي الله هود عليه السلام يتوكل على الله حق توكله. قال تعالى في سورة هود عليه السلام: ( وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون * يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون * ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين * قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم * فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ * ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ ).
أيها المؤمنون :
وإليكم تفسير هذه الآيات الكريمة. يقول الله تعالى : ولقد أرسلنا إلى قبيلة عاد نبيا منهم اسمه هود عليه السلام قال: يا قوم اعبدوا الله وحده دون الآلهة والأوثان, ليس لكم إله معبود غيره يستحق العبادة, وما أنتم في عبادتكم غير الله إلا كاذبون؛ لأنه لا إله سواه, ياقوم لا أطلب منكم على النصح والبلاغ جزاء ولا ثوابا, ما ثوابي وجزائي إلا على الله الذي خلقني, أفلا تعقلون أن من يدعوكم إلى الخير دون إرادة جزاء منكم هو لكم ناصح أمين؟
ويا قوم استغفروا ربكم من الكفر والشرك, وارجعوا إليه بالطاعة والاستقامة على دينه, والتمسك بالإيمان والتوحيد, يرسل عليكم المطر غزيرا متتابعا, ويزدكم عزا وفخارا فوق عزكم وفخاركم, ولا تعرضوا عما أدعوكم إليه مصرين على الإجرام, وارتكاب الآثام.
قالوا : يا هود ما جئتنا بحجة واضحة, قال المفسرون: " وإنما قالوه لفرط عنادهم أو لشدة عماهم عن الحق ". ولسنا بتاركين عبادة الأصنام من أجل قولك, ولسنا بمصدقين لنبوتك ورسالتك, ما نقول إلا أصابك بعض آلهتنا بجنون لما سببتها ونهيتنا عن عبادتها.
قال هود عليه السلام: إني أشهد الله على نفسي, وأشهدكم أيضا أيها القوم بأنني بريء مما تشركون في عبادة الله من الأوثان والأصنام, فاحتالوا في هلاكي أنتم وآلهتكم, ثم لا تمهلوني طرفة عين.
قال المفسرون: " من أعظم الآيات أن يواجه بهذا الكلام رجل واحد أمة عطاشا إلى إراقة دمه, يرمونه عن قوس واحدة, وذلك لثقته بربه, وأنه يعصمه ويحميه منهم ".
قال هود عليه السلام: إني لجأت إلى الله, وفوضت أمري إليه تعالى فهو مالكي ومالككم جميعا, ما من نسمة ولا دابة تدب على وجه الأرض إلا هي في قبضته وتحت قهره. والأخذ بالناصية علامة على الملك والقهر. والجملة التي قالها هود عليه السلام دليل على قوة توكله على الله وعدم مبالاته بالخلق. إن ربي عادل يثيب المحسن بإحسانه, ويجازي المسيء بإساءته, ولا يظلم أحدا. فإن تعرضوا عن قبول دعوتي, فقد أبلغتكم أيها القوم رسالة ربي, وما على الرسول إلا البلاغ المبين. فسوف يهلككم الله ويستخلف قوما آخرين غيركم, وهذا وعيد وتهديد شديد لهم, ولا تضرون الله شيئا بإشراككم, إنه سبحانه رقيب على كل شيء, وهو يحفظني من شركم ومكركم. ولما جاء أمرنا بالعذاب, وهو ما نزل بهم من الريح العقيم, نجينا من العذاب هودا والذين آمنوا معه بفضل عظيم ونعمة منا عليهم, وخلصناهم من ذلك العذاب الشديد, وهي الريح المدمرة التي كانت تهدم المساكن, وتدخل في أنوف أعداء الله, وتخرج من أدبارهم, وتصرعهم على وجوههم حتى صاروا كأعجاز نخل خاوية.
عافانا الله وإياكم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة! آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين!
أيها المؤمنون :
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.