من ارقة الصحافة كلينتون تحذّر من اختطاف المتطرفين للثورة السورية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
رويترز - دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى "إصلاح واسع" بالمعارضة السورية، واعتبرت كلينتون أن المجلس الوطني السوري ما عاد يعتبر الزعيم المرئي للمعارضة السورية، وكشفت أن الولايات المتحدة ساعدت في "تهريب" ممثلين لجماعات معارضة سورية من الداخل لحضور اجتماع في نيويورك الشهر الماضي بشأن توسيع تمثيل المعارضة.
وقالت إنه مع تزايد التوتر الطائفي تريد واشنطن " معارضة تواجه بقوة محاولات المتطرفين لخطف الثورة السورية ".
-----------------------
إن المحاولات المستميتة لخطف الثورة السورية هي مرتكز من مرتكزات الخطة الأمريكية لإجهاض ثورة الشام من أجل حرفها وتضليلها وزجها في مستنقع الفشل السياسي كي لا تحقق الثورة شيئا مما طرحته من أهداف تغييرية حقيقية، تماما كما أجهضت قبلها ثورة مصر المباركة ونجحت بسرقتها، وكما شاركت بسرقة باقي الثورات ووأدها وإطفاء جذوتها.
فأمريكا هي الرائدة في خطف الثورات وجرها للإناء السياسي الغربي الضحل.
ولكن وبالرغم من فشل أمريكا الذريع في احتواء ثورة الشام وخطفها وتضليلها، إلا أنها مستمرة باستخدام كافة الأساليب والأدوات الشيطانية للوصول لمبتغاها الخبيث، وإن الادعاء بأن هناك خطرا من المتطرفين (وتعني بذلك المسلمين المخلصين) يتمثل في قدرتهم على خطف الثورة، لهو جزء من هذه الحرب الهوجاء التي تقودها أمريكا ضد ثورة الشام، فهي تحقق من وراء ذلك تحريض النظام التابع لها في دمشق ليصعّد أكثر فأكثر في إراقة الدم السوري الطاهر، وتعطيه الضوء الأخضر ليستمر بوحشيته في محاربة من أسمتهم بالمتطرفين، ليتسنى لها القضاء على المخلصين من ثوار الشام الرافضين لأي حوار مع هذا النظام المجرم والعاملين لاستئصاله واستبدال الإسلام به، ويحققوا بعد ذلك القضاء على النفوذ الغربي والأمريكي ليس فقط في سوريا، بل في بلاد المسلمين كلها.
فبالنسبة لأمريكا، فإن كل من طالب بإقصاء النظام واقتلاعه من جذوره وبناء نظام إسلامي (خلافة راشدة) على أنقاضه، وطالب بزوال كيان يهود وبوحدة الأمة الإسلامية، وطالب بإنهاء النفوذ الاستعماري الغربي من بلاد المسلمين، اعتبرته أمريكا والغرب والشرق متطرفا، أي أن العقيدة الإسلامية السياسية بالنسبة للغرب هي التطرف بعينه.
ولما رأت أمريكا قوة الإسلام العظيم كمحرك في ثورة الشام، وظهرت لها بعض الإشارات الكفاحية الجريئة كتسمية الجمعة باسم "أمريكا.. ألم يشبع حقدك من دمائنا" وبعدها فشل الهدنة التي استماتت أمريكا على تحقيقها، فأفشلها ثوار الشام الأبطال، بالرغم من محاولات المجلس الوطني الحثيثة والمجالس العسكرية المستحدثة لتطويع الشارع السوري للقبول بالهدنة وعدم توجيه اللوم لأمريكا فيما يحدث في الشام. ولكن فشل هذه الأطر المدعومة أمريكيّاً من السيطرة على الشارع والتأثير فيه كما تريد أمريكا، أظهر العجز والفشل أو كما عبرت عنه أمريكا بأن المجلس الوطني لم يعد يعتبر الزعيم المرئي للمعارضة، والحقيقة أنه لم يكن يوما يمثل الثورة الشامية المباركة بمعناها الحقيقي.
إن ما تقوم أمريكا به من عمليات "تهريب" للمعارضة نحو نيويورك كما ذكر الخبر، يوضح طبيعة المعارضة التي تريدها أمريكا ممثلا للشعب السوري، تتميز بأنها معارضة باهتة, علمانية كانت أم معتدلة, تقبل بالدور الأمريكي الحالي في سوريا وتحافظ عليه ليبقى المهيمن الحقيقي على القرار السوري ما بعد الأسد، وأن هذه المعارضة ليست سوى صمام أمان للأسد ونظامه، شكلتها أمريكا تحت سمع وبصر الأسد، همها الوحيد جمع الثروات والمراكز السياسية المستقبلية لتقتات على جراحات الشعب السوري البطل، لا يهمها هيمنة أمريكا والحفاظ على مصالحها الاستعمارية كوسيلة للصعود إلى كرسي الحكم.
إن أبرز ما يكمن في تصريحات كلينتون هذه من أهمية، هو ازدياد خوف أمريكا من الإسلام التغييري في سوريا، وأنه يسيطر على مجريات الثورة على الأرض، وهذا بحد ذاته نصرٌ عظيم، فالعداء أصبح بين فسطاطين، أحدهما تقوده أمريكا ومن يتبعها من كافة قوى الشر العالمي، والآخر يقوده المخلصون من أبناء الشام العاملين لتحكيم شرع الله واستئصال الأسد وما يمثله من تبعية.
فصبرا أهل الشام، ولا تقبلوا إلا أن تكونوا في فسطاط الحق وفسطاط المسلمين, فإنما الصبر مع النصر.
عن أبي الدّرْدَاءِ رضي الله عنه أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: " فُسْطَاط المُسْلِمِينَ يَوْمَ المَلْحَمَةِ بالْغُوطَةِ إلَى جَانِبِ مَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشّامِ ".
كتبه: أبو باسل