شكل دولة الوحدة من منظور الإسلام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
فإن الجيلَ الحاضرَ من المسلمين لم يعاصرْ الدولةَ الاسلاميةَ التي هدمها المستعمرون منذُ ثمانيةِ عقودٍ, وأقاموا على انقاضها للأمةِ الاسلاميةِ الواحدةِ دولاً متعددةً, لم تستطعْ هذه الدولٌ مجتمعةً ولا متفرقةً أن تَحولَ دون ضَعفِ المسلمين ودون إحتلال اجزاءٍ من بلادهم كفلسطينَ وأفغانستانَ والعراقِ, وهذا يَدُلُ على أن الأمر ليس في وجود دولٍ للمسلمين ولا في قيام دولةٍ في قطرٍ من أقطارهم تُسَمي نفسها دولةً اسلاميةً, وليس لها من الاسلام الا اسمُهُ, وإنما الامرُ هو قيامُ دولةٍ واحدة للمسلمين جميعاً, دولةٌ كما أمر الاسلامُ ان تكون وكما كانت قائمة.
فالدولةُ الاسلاميةُ ليست خيالا يداعب الأحلامَ ولا فكراً نظرياً فلسفياً لا واقعَ له, وإنما دولةٌ امتلأت بها جوانبُ التاريخِ على مدى ثلاثةَ عشرَ قرناً, فهي حقيقةً, كانت كذلك في الماضي, وستكون حقيقةً في المستقبلِ القريبِ انْ شاءَ اللهُ , لأن عواملَ وجودها أقوى من أن ينكرَها زمانٌ أو مكانٌ, فقد امتلات بها عقولُ المسلمين المستنيرةُ, واستولت على مشاعِرِهم.
حتى أن اعداءَ الامةِ الاسلاميةِ الحقيقين وعلى رأسهم أمريكا يتوقعون عودتَها ويخافون رجوعَها.
إن البحثَ في الدولة, أيةَ دولةٍ, هو بحثٌ في شكلِ النظامِ وبحثٌ في الدستورِ المتَبَع, وبحثٌ فيما إنبثقَ عن هذا الدستورِ من مؤسساتٍ ودوائرَ, وفيما لهذه المؤسساتِ والدوائرِ من مسؤولياتٍ وصلاحياتٍ.
وباسعراضِ الدولِ القائمةِ قديما وحديثا نجد أن العالمَ عرف النظامَ الملكيَ بدءا بالنظامِ الملكي الاستبدادي ومرورا بالنظام الملكي المطلق وانتهاءاً بالنظام الملكي الدستوري, كما عرف النظام الجمهوري بقسميه الرئاسي والنيابي, ومنذ اربعةَ عشرَ قرناً عرف العالَمُ نظاماً مغايراً للنظامين السابقين, فلا هو يشبه النظامَ الملكيَ, ولا هو يُشبه النظامَ الجمهوريَ, هذا النظام هو نظامُ الخلافة.
ولئن أختارَ البشرُ لحكم أنفسهم نظما متعددة عَبْرَ التاريخ البشري لم تخرجْ في جوهرِها وحقيقتِها عن النظامين الملكي والجمهوري, فإن نظامَ الخلافةِ انفردَ بانه ليس من اختيار البشر, وإنما هو نظامٌ جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه تباركَ وتعالى, فكان هذا النظام بشكله ودستوره ومؤسساتِهِ ودوائرهِ فريداً في بابِه مغايراً كليةً لجميعِ ما عرف البشرُ عَبْرَ تاريخِهم من نُظُمِ الحكمِ والادارة.
فاذا ما أردنا دراسةَ نظامِ الخلافةِ وجب علينا أن نعود للشريعةِ الاسلاميةِ نستعرضُ نصوصَها وأدلتَها المتعلقةَ بالحكمِ والادراةِ, ونَستنطقُها, فما جاءت به النصوصُ والادلةُ أُخِذَ وَوَجَبَ الالتزامُ به, وما ليس له من سندٍ شرعيً تُرِكَ وَحَرُمَ أَخْذُهُ والعملُ به والدعوةُ اليه.
ولقد تعاقبتْ على المسلمين طيلةَ أربعةَ عشرَ قرنا دولٌ اسلامية كانت كُلها تطبقُ نظامَ الخلافةِ هي: دولةُ الخلفاءِ الراشدين وهي ارقى وافضلُ دولةٍ في تاريخِ المسلمين بعد دولةِ الاسلامِ التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة, ودولة بني أميةَ,ودولةُ بني العباسِ, ثم دولةُ بني عثمانَ التي استمرتْ الى ان تأمرت عليها دول الكفر في الشرقِ والغربِ فسقطت في عام 1924,ومنذ ذلك التاريخِ فَقَدَ المسلمون نظامَهم الفريدَ بحيثُ لم يعدْ يُعْرَفُ لهم خاصيةٌ وهُوِيةٌ اسلامية, اذ راحوا يبطقون نظماً وضعيَةً من ملكيةٍ وجمهوريةٍ من عندِ أنفسِهم وتَخلوْا بالكليةِ عن النظام الشرعيَ وهو نظامُ الخلافةِ, ولا يغرنَكم أن الدولةَ الفلانيةَ تُطلقُ على نفسها أنها دولةُ اسلاميةٌ, أو أنها جمهوريةٌ اسلاميةٌ, فهذه الدول ليست من الاسلام في شيء, وما هذه التسميات الا خداعٌ للمسلمين وتلاعبٌ بعقولهم.
ان الدولةَ في الاسلام هي الجهازُ التنفيذيَ لمجموعِ المفاهيمِ والمقاييسِ والقناعاتِ, فالمفاهيمُ هي التي تسيَرُ سلوكَ العاملين في الجهازِ التنفيذيَ, والمقاييسُ هي التي تُضْبَطُ بها الاعمالُ وتُقاسُ بها, وبناءً على ذلك يكونُ الممنوع والمباح والحلال والحرام, وأما القناعاتُ فهي العقيدةُ التي يلتزمُ بها القائمون على هذا الجهازِ, وهي القواعدُ الاساسيةُ الي يتبثقُ عنها دستورُ الدولة وقوانينُها.
ولقد جرى تطبيقُ كلَ ذلك في دولةِ الخلافةِ عَبْرَ تاريخِها الطويل وان حصلَ في بعضها اساءاتٍ في التطبيق, الا أَنها بقيت دولاً اسلاميةً قائمةً على العقيدة الاسلامية تطبق الاسلامَ في الداخِل وتحملُه بالجهادِ الى الناسِ اجمعين. ولم يكنْ يُلحظُ في هذه الدول - اعني دولةَ الخلفاءِ الراشدين وبني اميةَ وبني عباسٍ وبني عثمانَ- خروجٌ على العقيدةِ الاسلاميةِ, ثم لم يكنْ يُلْحظُ فيها اقتباسُ أي من النُظُمِ الوضعيةِ المطبقةِ في دار الحرب.
ولم تكنْ هذه الدولُ تفرقُ بين رعاياها من مسلمين وغير مسلمين, وفاتحين وسكان البلاد المفتوحة, فالكلُ سواءٌ ما داموا يحملون التابعية لهذه الدول, فالمسلم والذمي سواء في تطبيق الاحكامِ ورعايةِ الشؤونِ وصيانةِ المصالحِ, مما لم يكن له وجودٌ مطلقا في غير دولة الخلافة من دولٍ ملكيةٍ وجمهوريةٍ.
فالشريعةُ الاسلاميةُ خوطب بها الناسُ كافةً (وما أرسلناك الا كافةً للناس) ولا تحابي الشريعةُ بين عربيٍ وفارسيٍ وتركيٍ وكرديٍ وهنديٍ وروميٍ اذا حملوا تابعيةَ الدولةِ, سواء منهم من كان مسلما او بقي على دين ابائه واجداده, فالجميعُ من حملة التابعيةِ يَعتبرون بحقٍ الدولةُ دولتُهم يجاهدونَ دونها, ويبذلون الاموالَ والارواحَ في حمياتِها والذودِ عنها مما لم يحصلْ مصله في تاريخ الجنسِ البشري, واستمرت على هذا النهج منذ نشأتِها الي يوم سقوطها عامَ 1924 بعد ان تكالبت عليها قوى الشر والكفرِ من الشرقِ والغربِ يومذاك.
لقد أقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم دولةَ الاسلام بوحي من الله سبحانه, فهي جزءٌ من ديننا, لا يحلُ التفريطُ بشيء منه فكيف بالتنكر له ومجافاتِه والدعوةُ الى غير سبيلِ المؤمنين ممن يدعون وينتسبون لهذا الدينِ القويمِ؟! كدعاةِ العلمانيةِ والاشتراكيةِ واقتصادِ السوق وما الى ذلك من دعاوى الجاهليةِ مما يتصادم تماما مع الاسلام ودولةِ الاسلام.
ونأتي الى بحثِ موضوعِ شكل الدولةِ في الاسلام وجهازها التنفيذي, فنقول: إن الجهاز التنفيذيَ الخاصَ بدولةِ الخلافةِ يتكون مما يلي:
- 1) الخليفةُ أو أميرُ المؤمنين: وهو رأسُ الدولة, وهو القائدُ الفعليُ للجيش, وهو الذي يعتمدُ الدستورَ والقوانينَ المستمدةَ من الشريعةِ ويبايَعُ على العملِ بكتابِ الله وسنةِ نبيهِ عليه الصلاة والسلام بيعةَ رضا واختيار, وطاعتُه واجبةٌ ما أطاعَ الله, ولا يجوزُ للمسلمين ان يكونَ لهم اكثرَ من خليفةٍ واحدٍ لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ), وقوله صلى الله عليه وسلم ( من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجل واحد يريد ان يَشُقَ عصاكُم أو يفرقَ جماعتَكم فاقتلوه ).
وباختصار فالخليفةُ هو الدولةُ, يحمي بيضةَ المسلمين ويرعى شؤونَهم, ويطبقُ عليهم أحكام الشريعةِ في الداخلِ, ويحملها الي الناسِ كافةً بالجهاد.
- 2) المعاونون: وهم الوزراءُ الذين يعينهم الخليفة ليعاونوه في حمل أعباءِ الحكمِ فقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ وعمرَ معاونَيْن, أي وزيرين له, حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( وزيراي من أهل الأرض أبو بكرٍ وعمر ), وكلمةُ الوزير هنا تعني المعاونُ لغةً, والوزيرُ في دولة الخلافةِ غيرُ الوزيرِ في النظم الوضعيةِ الحاليةِ, والمعاونون اثنان:
- أ- معاونُ التفويضِ: وهو يقومُ بما يقوم به الخليفةُ من أعمالٍ, وعملُه من الحكمِ.
- ب- معاونُ التنفيذ: وعملهُ متابعةُ وملاحقةُ ما يصدر من الخليفةِ من أوامرَ وتكاليفَ, وعمله إداريٌ, وليس من الحكم.
- 3) أميرُ الجهاد: وهو الشخصُ القويُ الذي يعينه الخليفةُ أميراً على النواحي الجربيةِ والأمنِ الداخلي والصناعةِ والخارجيةِ, وهذه النواحي كلُها من صلاحيات أميرِ الجهاد لعلاقتها المباشرة بالجهاد.
- 4) الولاة: تُقْسَم الدولة الى وحداتٍ ادارية خاضعة للمركز, تسمى الولايات, يتولى كلَ ولايةٍ شخصٌ يطلق عليه اسم الوالي, يتولى ادارة ولايته باجتهاده ضمن النظامِ العام, وتقسم كل ولاية الى عَمالاتٍ يرأسُ كلَ عمالةٍ منها العامل.
- 5) القضاة: يعينُ الخليفةُ قاضياً للقضاة, وتتولى دائرةُ قاضي القضاة اجراءاتِ تشكيلِ المحاكمِ في الدولة ووضع اختصاصاتِها, والقضاة في دولةِ الخلافة ثلاث هم:
- أ- قاضي الخصومات: وهو الذي يفصلُ الخصوماتِ بين الناس.
ب-قاضي المظالم: وهو الذي يرفع النزاعَ الواقع بين أفرادِ الرعيةِ وبين الدولة.
ج - قاضي الحسبةِ: وهو الذي يتولى الفصلَ في المخالفاتِ التي تضرُ حق الجماعة.
- 6) الجهازُ الادراي: وهو الجهازُ الذي يقومُ بادارة شؤون الدولة والنهوضِ بها, والقيامُ بقضاءِ المصالحِ, وهذا الجهازُ يتكون من :
- أ- المصالحِ, جمع مصلحة.
ب-الدوائر, جمع دائرة.
ج-الادارات, جمع إدارة.
فالمصلحةُ هي الادارةُ العليا لمصالح الدولة كلها من تعليمٍ وصحةٍ وزراعةٍ وصناعةٍ وغيرها. يليها الدائرةُ, وهي تختصُ بقسمٍ من المصالحِ المتعددة, يليها الادارةُ, وهي أخصُ الثلاث, وعملُ هذا الجهازِ الاداريَ بأقسامهِ الثلاثة من الادارةِ ولييس من الحكمِ.
- 7) مجلسُ الامةِ: ويصحُ أن يطلق عليها اسمُ مجلسِ الشورى, وأعضاؤه هم نوابٌ منتخبون عن الامةِ, وعملُ هذا المجلسِ يشتملُ على ما يلي:
- أ. ابداءُ الرأي والتشاورِ مع حكام الدولةِ في القضايا المختلفة.
- ب. محاسبةُ الحكام, وابداءُ عدم الرضا عن أيَ شخص منهم مما يجبُ عزلُه في الحال.
ج-حصرُ المرشحين للخلافةِ عندما يشغرُ مركزُ الخليفة.
وليس لهذا المجلس حقُ الترشيحِ مطلقاً فلا يضعُ أَيةَ مادةٍ من موادِ الدستور ولا يُسِنُ أيَ قانون, ولا يُعدِلُ اياً منها, لانَ كلَ ذلك من صلاحيات الخليفة فحسب, وما يتبناه الخليفة يصبحُ دستوراً وقوانينَ واجبةَ الطاعة.
- 8) الجيشُ: ومنه قسمٌ يخصصُ لحفظِ الأمن هم الشَرِطَةُ.
والجهازُ التنفيذيُ الخاصُ بدولةِ الخلافةِ يختلفُ عن امثالهِ في النظمِ الوضعيةِ ما يجعلُ له خصائصَ وميزاتٍ ينفردُ بها ويُعْرَفُ بها, منها:
- 1. ليس لدولةِ الخلافةِ حدودٌ ثابتهٌ تقفُ خلفَها ولا تتعداها, والا تعطلَ الجهاد الذي هو ذروةَ سنام الاسلام, فبالجهاد يتمُ حملُ الدعوةِ الاسلاميةِ الى الناسِ وتطبيق الاسلام عليهم سواءً اسلموا ام لم يسلموا, وكلُ بقعةٍ من الارض يتم فتحُها تُضمُ الى الدولةِ وتصبحٌ جزءاً لا يتجزأ منها, قال تعالى: { وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا } وقال صلى الله عليه وسلم ( أمرت ان اقاتلَ الناس حتى يقولوا لا اله الا الله, فإن قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم لا بحقها ).
- 2. تلتزمُ الدولةُ بالاحكامِ الشرعيةِ في سياستِها الداخليةِ و الخارجيةِ, ويُعتبرُ حَمْلُ الدعوةِ هو الاساسُ الذي تقومُ عليه علاقتُها مع الدولِ الأخرى, أي هو الاساس الذي تبنى عليه سياسةُ الدولةِ الخارجيةِ كلُها, ويحرُم عليها الاحتكاك الي غير احكام الاسلام كأحكام العلمانيةِ والديمقراطيةِ والاشتراكيةِ والرأسماليةِ أو قوانينِ الاممِ المتحدة ومجلسِ الامن ومحكمةِ العدلِ الدوليةِ, فيحرُمُ عليها الانضمامُ الي عضويةِ هذه الهيئات الدولية كما يحرم عليها الإنضمام إلى عضوية المنظماتِ الاقليميةِ كمنظمةِ المؤتمر الاسلامي وجامعةِ الدولِ العربيةِ وغيرها, لأن جميع هذه المنظمات قامت على غيرِ أساس الاسلام, والدولةُ تلتزمُ بالاحكام الشرعيةِ فحسب في علاقاتها الدولية كعدم قتلِ الاسرى والرسل والوفاءِ بالمعاهدات, وتبادلِ البضائعِ والسلعِ والخدماتِ البريديةِ وغيرها.
- 3. للمسلمين الحقُ في إقامةِ احزابٍ سياسيةٍ لمحاسبةِ الحكامِ أو الوصول للحكم عن طريق الامةِ على شرطِ أن يكون أساسُها العقيدةَ الاسلاميةَ وأن تكونَ الاحكامُ التي تتبناها احكاماً شرعية, ولا يحتاج انشاء الحزبِ لاي ترخيص, ويمنع أيُ تكتل يقومُ على غير أساسِ الاسلام كالوطنيةِ والقوميةِ والطائفيةِ وغيرها.
- 4. العقيدةُ الاسلاميةُ هي أساسُ الدولةِ بحيثُ لا يتأتى وجودُ شيءٍ في كيانِها أو جهازِها أو محاسبتِها أو كلَ ما يتعلق بها الا بجعلِ العقيدةِ الاسلاميةِ أساساً له, وهي في الوقتِ نفسه أساسُ الدستورِ والقوانينِ الشرعيةِ بحيث لا يُسمحُ بوجودِ شيءٍ مما له علاقةً بأي منهما إلا إذا كان منبثقا عن العقيدة الاسلامية.
- 5. الحياةُ العامةُ في الدولةِ خاضعةٌ لأحكامِ الاسلامِ, فلا يُسمحُ بوجودِ أو حصول أيَ مظهر جماعيً فيها غيرُ إسلاميً كعيد النيروزِ وشمَ النسيم وعيدِ الميلادِ وأعيادِ الاستقلالِ وما شابه ذلك, ولا يُسمح فيها بإظهار شعاراتِ الكفرِ كالصُلبانِ وشعاراتِ الماسونيةِ ونجمةِ داودَ وغيرها, ولا يُسمحُ لأي فردٍ فيها سواء أكان من الرعية أم معاهدا أم سفيرا لدولةٍ اجنبيةٍ أن يخالفَ الاسلامَ في الحياة العامة في لباسهِ وسلوكهِ, بل يلتزم كل هؤلاء بأحكام الاسلام التي تنظم الحياة العامة. وهذا لا ينطبق على الحياةِ الخاصةِ, فلغيرِ المسلمينِ في حياتهم الخاصة أن يمارسوا شعائرَهم الدينيةِ في أماكنِ عبادتِهم وبيوتهم وأن يأكلوا ويشربوا ما سمح لهم دينُهم به, فلا إكراه في الدين.
- 6. اللغةُ العربيةُ هي وحدَها لغةُ الاسلام, وهي وحدَها التي تستعملُها الدولةُ, غير أنه ينبغي أن يكون واضحا أن كونَ اللغةِ العربيةِ وحدها لغةَ الدولة لا يمنع أن تستعمل الدولةُ غيرَ اللغةِ العربيةِ, إذ يجوز للدولةِ ان تستعملَ غيرَ اللغةِ العربيةِ في مخاطبةٍ رسميةٍ خشية التحريفِ, أو لأخذِ معلوماتٍ ضروريةٍ, أو من أجلِ تبليغِ الدعوةِ في الخارجِ أو ما شاكل ذلك.
- 7. لا يجوزُ للدولة أن يكون لديها أيُ تمييزٍ بين افرادِ الرعيةِ في ناحيةِ الحكم أو القضاء أو رعايةِ الشؤون أو ما شاكل ذلك, بل يجبُ أن تنظرَ للجميعِ نظرةً واحدةً بغضِ النظرِ عن العناصرِ أو الدينِ أو اللونِ أو غير ذلك.
- 8. إنَ نظامَ الحكمِ في الاسلامِ هو نظامٌ وحدةٍ وليس نظاماً اتحادياً فدرالياً أو كونفدرالياً, فهو نظامٌ مركزيٌ في الحكم تُحصر فيه السلطة العليا بالمركز الذي له الهيمنةُ التامةُ والسلطانُ على كلَ جزءٍ من أجزاءِ الدولةِ.
إن نظامَ الحكمِ في الاسلامِ يقوم على أربعِ قواعدَ هي:
•1- السيادةُ للشرعِ لا للشعبِ
فالذي يُسيَرُ إرادةَ الافرادِ شرعياً تقيدُهم بشرعِ الله, وكذلك مجملُ الامةِ, فالشرعُ هو المرجعُ الأول والأخيرُ, وهو الذي يحدَدُ الاعمالَ والافكارَ, وعنه تصدرُ الاوامرُ و النواهي, ولا حقُ للامةِ ان تتصرفَ في معزلٍ عن احكامِ الشرعِ مطلقاً.
•2- السلطانُ للامةِ
إن الشرعَ قد اعطى الامهَ السلطانَ, وأوجب عليها نصبَ خليفةٍ يحكمُها بكتابِ الله وسنةِ نبيهِ صلى الله عليه وسلم, وجعل البيعةَ برضا وإختيارٍ طريقةَ نصبِ الخليفةِ, وبدونها للا ينتقل السلطان من الامة اليه.
•3- نصبُ رئيسِ دولةٍ- أي خليفةٍ- واحدٍ فرضٌ على المسلمين
إذا يحرُمُ على المسلمين أن يكون لهم في وقت واحدٍ أكثرَ من خليفةٍ لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا بويع لخليفتين فاقلتوا الآخرَ منهما ) وهذا أمرٌ معلومٌ من الدينِ بالضرورةِ.
•4- لرئيس الدولةِ وحدَه حقُ تبني الاحكامِ الشرعيةِ
فالخليفةُ هو الذي يسنُ القوانينَ وموادَ الدستورِ, ويستنبطُها من الادلةِ والنصوصِ الشرعيةِ وما تُرشِدُ اليه, وما يتبناهُ الخليفةُ من أحكامٍ يرفعُ الخِلافَ ويمنعُ التنازعَ بين أفرادِ الرعيةِ, لأن أمرَ الامامِ نافذٌ ظاهراً وباطناً.
فكما تلاحظونَ أيها الاخوةُ الكرامُ فإنَ دولةَ الخلافةِ هي تجسيدٌ عمليٌ لعقيدةِ الاسلامِ وأحكامهِ مما يجعلُ العملَ على إقامتِها والمحافظةِ عليها واجباً شرعياً من أعظمِ الواجباتِ, وما يقومُ به المسلمونَ اليومَ من استيرادِ نظمٍ ودساتيرَ غربيهٍ إنما هو إثمٌ قد يصلُ الى حدِ الكفرِ, ذلك أن الانسلاخَ من عقيدةَ الاسلامِ وأحكامهِ هو إرتدادٌ عن شرعِ الله سبحانه وتعالى, فليحذرِ المسملون من هذا المنزلقِ العظيمِ وليعلموا أن التوبةَ منهُ انما تكونُ بالعودةِ الى الايمانِ بأن شرعَ الله هو وحده الواجبُ في التطبيقُ في الحكمِ والحياةِ, وبالعملِ الجادِ المخلصِ لاستئناف الحياةِ الاسلاميةِ بإقامةِ الخلافةِ الراشدةِ التي لا شك في أنها قائمةٌ بإذن الله لقوله تعالى { يريدون ليطفئوا نورَ الله بأفواههم والله متمُ نورهِ ولو كره الكافرون } وقوله صلى الله عليه وسلم ( تكون فيكم النبوةُ ما شاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفَعَها, ثم تكون خلافةً على منهاج النوبة, فتكون ما شاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها, ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها, ثم تكون ملكاً جبريا, فتكون ما شاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها, ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة, ثم سكت ) رواه احمد
وقال صلى الله عليه وسلم ( لَيبلُغَنَ هذا الامرُ ما بلغَ الليلُ والنهارُ, ولا يتركُ اللهُ بيتَ مدرٍ ولا وبرٍ الا أدخله الله هذا الدين, بعزِ عزيزٍ أو بذلِ ذليلٍ, عزاً يعزُ الله به الاسلامَ وذلا يذل الله به الكفر ) رواه أحمد والطبراني والالباني والحاكم
وقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله زوى ليَ الارضَ "أي جمع وضم", فرأيتُ مشارِقَها ومغارِبَها, وأن أمتي سيبلغُ ملكَها ما زُويَ لي وأعطيتُ الكنزين الاحمرَ والابيضَ ) رواه مسلم وابو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد
ويبدو جلياً ان الغربَ يدركُ هذه الحقيقةَ, ويفكرُ ويقدَرُ للحيلولةِ دونَ عودةِ الخلافةِ, ويقومُ بالاستعداداتِ الواسعةِ لمحاربتها في حالِ عادت الخلافةُ بالفعلِ, وهذا ما يُصرح به مفكروهُم وساستُهم بين الفينة والفينة, ويصفونَها بأنَها أكبرُ خطر يتهددُهم في الايام المقبلة, وما هذه الهجمةُ الشرسةُ المدعمةُ بالحقدِ والاكاذيبِ والفِعال الشائنةِ في طول العالمِ الاسلامية وعرضهِ من قبلِ أمريكا وبريطانيا ومِن خلفهما اليهود وسائر الحواشي والتوابعُ الا مقدمةً و استعداداً لقدومِ الخلافة.
ففي أثناءِ جلسةِ الاستماعِ التي عقدتها لجنةُ الدفاعِ في الكونغرسِ الامريكي لسماعِ شهادة وِلفوتز ومايرز وأرميتاج حول نقلِ السلطةِ في العراقِ والتي استمرت ما يقارب الثلاث ساعات لم يتلعثمْ خلالها مايرز الا عندما بدأ السؤالُ عن الاسلام واحتماليةِ عودتهِ الى الواقعِ, فبدأ بالتأتأة والتلعثم, وأنقل لكم هذه الفقرة من هذه الجلسة:
(مايرز يتدخلُ مقاطعاً, أعتقد أنك سألت عن التبعاتِ, أعتقدُ أن العراقَ ليده كلُ الإمكانياتِ كما ذكر أرميتاج. ولكن هذا يرجع الى سؤالٍ سُئِلَ سابقا" كما تعلم لقد أظهرت مدى عزمنا في بيروت عام 1983 بطريقة معينة, كما فعلت ذلك لاحقا في الصومال, ثم فعلنا ذلك بعد كول-في الهجوم على المدمرة في اليمن-...
هذا الخصم...هدفهم...الحركة المتطرفة,
هدفُهم الرجوع الى القرن السابعِ وتأسيسِ خلافةٍ للاممِ الاسلاميةِ, وهذا تهديدٌ كبيرٌ جداٌ أكبر من العراق)
وما صرح به وزير إسرائيلي قائلاً: فالنتوصل إلى تسويةٍ قبل أن يصل الإسلام إلى الحكم في العالم العربي والإسلامي
فانتبهوا أيها المسلمون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته