سلسلة قل كلمتك وامش - حصاد العدوان على غزة ح3 - بشرى للأمة - الاستاذ أبي محمد الأمين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حصاد العدوان العدوان على غزة
(3)
بشرى للأمة
إن من سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه أن الفرج لا يأتي إلا بعد أن تضيق الأمور وتستحكم حلقاتها، وأن الفجر لا يبزغ إلا بعد أن تصل حلكة الليل ذروتها، وأن النصر لا يأتي إلا بعد اشتداد الأزمات وبعد أن يصل ادار الحروب ذروته.
والأمة الإسلامية ينطبق عليها ما جرى ويجري لغيرها من الأمم، فأزماتها تفرج عند بلوغ أوج شدتها ويأتيها النصر من بين الركام.
ونظرة سريعة لتاريخ هذه الأمة الكريمة التي هي خير أمة أخرجت للناس تُري صدق ما نقول ونرمي إليه من كتابة هذا المقال.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما يرى مبتشراً عند اشتداد الأزمات.
ففي السنة العاشرة من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم توفيت زوجته الحانية المحبة المواسية خديجة رضي الله عنها، كما توفي كافله وحاميه من عدوان قريش عمه أبو طالب فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم عليهما حزناً شديداً حتى سمي ذلك العام بعام الحزن، وفي هذا العام ذهب عليه السلام إلى الطائف طلباً للنصرة من ثقيف التي ردته أسوأ رد وأغرت به سفهاءها وصبيانها فرموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه صلى الله عليه وسلم ، وأثناء رجوعه إلى مكة لم ينس الصلة بالله فدعا دعاءه المعروف: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وهواني على الناس، إلى أن يقول عليه السلام إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.. ويقول لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك» وبعد هذا الدعاء دخل مكة بحماية رجل مشرك هو المطعم بن عدي وجواره لكن الله سبحانه وتعالى لم يتركه في هذه الشدة بل أذن بالإسراء والمعراج تسلية له وتطييباً لقلبه على أثر ما حصل له من حزن وسوء استقبال وكأن واقع الحال يقول إن كان أصابك من حزن لموت الأعزاء ولما لقيت من ثقيف فإنك ستجد عندنا في السماء السلوى وطمأنينة القلب، ولم يمض طويل وقت إلا وأسلم النفر الستة من يثرب ففتحوا بإسلامهم باب النصر الواسع على مصراعيه للرسول صلى الله عليه وسلم ولدعوته.
ولقد مرت الأمة الإسلامية في تاريخها بمراحل عدة ظن أعداؤها أنها لن تقوم لها قائمة ولكنها نهضت من كبوتها أقوى مما كانت عليه قبل الكبوة فها هي دار خلافتها يدمرها المغول ويقتلون مئات الآلاف من أبنائها ويدمرون ويعيثون في الأرض فساداً. لكن هذه الكبوة لم تطل حتى هيأ الله سبحانه وتعالى قطز والظاهر بيبرس فقضوا على قوة المغول وردوهم على أعقابهم خائبين، وكبوة أخرى حدثت باحتلال الصليبيين لبلاد الشام ولكن الزمن أيضاً لم يطل حتى جاء نور الدين رحمه الله وصلاح الدين فقضوا على الجزء الأكبر من قوة الصليبيين واسترد صلاح الدين رحمه الله تعالى القدس من أيدي الصليبيين.
إن الأمم الحية عادة ما تصحو نتيجة الأحداث الجسام التي تقع عليها ومن هذه الأمم الحية الأمة الإسلامية ففي العصر الحديث ولنقل في الربع الأول من القرن الماضي فقدت خلافتها التي كانت تحميها من الأعداء وبعد أن ألغى المجرم مصطفى كمال الخلافة سارت الأمة في حياتها غير مدركة لعظم الخطب الذي ألم بها.
وما أن قارب النصف الأول من القرن الماضي إلا ونجح الغرب الكافر بزرع دولة اليهود في فلسطين لتكون خنجراً مسموماً في قلب العالم الإسلامي يحركه الكافر متى شاء لمنع انعتاق العالم الإسلامي من الاستعمار واستعادة وحدته ثانية تحت خلافة راشدة.
جاءت نكبة فلسطين لتكون عامل يقظة لدى الأمة فبدأ التفكير في الأسباب والنتائج التي ألمت بالأمة فخرجت فكرتان لدى الناس الأولى هي الفكرة القومية وإحيائها وتوحيد الشعب العربي على أساسها وقامت تنظيمات عديدة على هذا الأساس أما الاتجاه الآخر فإن أصحابه بحثوا الوضع من جميع جوانبه آخذين في الاعتبار كل ما يؤثر على سلوك الناس من ماضي مشرق وأفكار نيرة فخلصوا إلى أن السبب الوحيد الذي أدى إلى هذا الضياع وهذه التفرقة والذلة أمام الأعداء الكفار إنما يكمن في بعد الناس عن دينهم وفقدانهم للخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام في الداخل وتحمله رسالة إنسانية للخارج ولذا فقد قرروا التكتل والتنظيم على أساس الإسلام داعين لعودته ليسوس شؤون الناس وتطبقه خلافة راشدة على منهاج النبوة تحمي البلاد والعباد وتسترجع ما افتقده المسلمون من بلدان ارتفعت فوقها راية الإسلام في يوم من الأيام.
بدأت الفكرتان وحاملوها بالعمل بين الناس كل يدعو إلى فكرته وقد تولى شؤون الحكم باسم القوميين أنظمة متعددة في عالمنا العربي، لكن هذه الأنظمة لم تنجح في توحيد الشعب العربي ويا ليت الأمر وقف عند حد العجز عن توحيد الشعب العربي بل إن الأمر تعدى ذلك في العداوة والبغضاء.
وما أن حلت نكبة عام 1967 وذهب باقي فلسطين وذهبت الجولان وسيناء إلا وأدرك الناس أن كل ما عدا الإسلام فاشل في توحيدهم، فاشل في حمايتهم وحماية البلاد من احتلال الأعداء.
لقد كانت أحداث عام 1967 بمثابة هزة عنيفة هزت الأمة جعلتها تؤمن أنها ولا بد أن تلتفت إلى الطريق القويم فتسلكه لتصل إلى المنعة والعزة التي كانت تتمتع بهما في ماضيها البعيد والقريب، وبالفعل فقد بدأت الأمة تستجيب لدعاة إيجاد الخلافة الراشدة ويزداد إيمانها يوماً بعد يوم بوجوب العمل للتغير وإقامة حكم الإسلام في الأرض فتكونت القناعات والمقاييس لدى الناس حتى أننا نستطيع أن نقول أنه قد وجد الرأي العام المنبثق عن الوعي العام لدى الأمة بأنه لا خلاص لها إلا بإرضاء الله سبحانه وتعالى بإقامة حكم الله في الأرض وتوحيد الأمة الإسلامية تحت راية الخلافة الراشدة التي أطل زمانها.
إن ردود الفعل التي حدثت في العالم الإسلامي نتيجة العدوان الغاشم على غزة الصابرة ترى أن الأمة قد بدأت بأخذ زمام المبادرة وأن ما بينها وبين حكامها العملاء قد هوى إلى الحضيض، فلم يعد لهذه الأنظمة العميلة أي احترام في نفوس شعوب هذه الأمة وإنها أي الأمة تتشوق للتغيير والتخلص من العملاء وما يمثلون من أنظمة كفر، وكذلك تتحرق لترى نظام الإسلام، نظام ربها يطبق عليها، ولتبايع خليفة راشداً يطبق عليها دينها ويرفع راية الجهاد في سبيل الله.
وختاماً فالله نسأل أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يوفق العاملين لإيجاد دولة الخلافة الراشدة لإيجادها وأن يهيء لهم على الحق أعواناً وأنصاراً، إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم، أبو محمد الأمين