مقالات رمضانية رمضان شهر الدعوة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على رسول الله الأمين،،
الإخوة الصائمون في كلّ مكان، السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
موسمٌ مُدّته ثلاثون يوماً، ما يبدأ حتى ينتهي، فمن استغلّه فله فرحتان، ورَغِمَ أنفُ مَن أدركه ولم يُغفر له.
يقول الله عزّ وجلّ: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (التـــــ112ـــــوبة).
ما أن يهلّ هلالُ رمضانَ، حتّى يهُبَّ المسلمون لربّهم تائبين عابدين، وحامدين وسائحين، وفي التّراويح راكعين ساجدين، ولكن، لعلّ الكثيرين يغفلون عن بقيّة هذه الآية الكريمة، فلا يستحضرون الأجرَ العظيمَ للآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر، ولحافظ حدود الله بحمل الدّعوة إلى الناس للالتزام بها، وتطبيقها.
إنَّ إقبال النّاس على الله في رمضانَ لهو فرصةٌ لمن تقصّد الدّعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ قلوبُ المسلمين مفتوحة، وشياطينهم مُصفّدة، فيمكن استغلال الفرصة بأمورٍ منها:
الاتّصال بالنّاس بشكلٍ فرديٍّ في المساجد:
فالمسلمون موجودون في المساجد في هذا الشّهر بالذّات قبلَ وبعدَ الصّلوَات بفترة تسمح للدّاعي أن يجالسَهم ويتواصلَ معهم بما يحملُ من أفكار، فيحدّثهم عن صيام الأمّة في يومٍ واحد، وأنّ ربّهم واحد ونبيٌّهم واحد، فلا بدّ أن يكونوا أمّة واحدة في دولة واحدة، يقودهم خليفة واحد.
وعلى حامل الدّعوة أن يرصد الوجوهَ الجديدة في المساجد، إذ قد يكونوا بدأوا علاقتَهم مع الله حديثاً، فيجهلون كثيراً من أحكام دينهم وأحوال أمّتهم، فيعلّمهم ما شاء له الله، ويوجّههم إلى الخير، ويعلّمهم أنّ الإسلام لا يقتصر على العبادات، وإنما الإسلام نظام شامل كامل للحياة، ومنقذٌ للبشريّة ممّا هي فيه.
الاتّصال بالناس جماعيّاً:
بإمكان أصحاب القدرة على إلقاء الكلمات، مخاطبةُ الناس جماعيّاً بعد الصّلوات المكتوبة، وأثناء أو بعد التّراويح، بحيث يتخوّلهم في الموعظة من غير إثقال أو تطويل، فيتكلّم في أمور المسلمين، كالأحداث في مصر والشام، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى وأعراض المسلمين، فيحرّك مشاعرهم تجاه قضايا الأمّة الإسلاميّة، ويبنيهم بناءً فكريّاً صحيحاً، ويبيّن لهم الطريق القويم، الّذي به عزّ الدنيا، ونعيم الآخرة وكسب رضى الله تعالى.
استغلال اجتماع الأرحام على موائد الإفطار:
فيحمل الدّاعية أفكارَه إلى أقاربه وأرحامه عند الجلوس بعد الإفطار، فيعِظهم ويذكّرهم بالله، ويبيّن لهم جانباً من عزّة المسلمين الأوائل، ويعرض حلولاً للأحداث الحاليّة، والّـتي قد يبادرون هم بسؤاله عنها، فيفتح بهذا طريقاً إلى قلوبهم وعقولهم، تمكّنه من التّواصل معهم بعد رمضان.
يستطيع حامل الدّعوة أن يدعوَ مَن يستأنس بهم الخير من معارفه وأصحابه، فيدعوهم إلى طعام الإفطار عنده، ويرتب برنامجاً من ضمنه صلاة التراويح، ومثلاً يعرض عليهم فيلماً مصوّراً لأعمال حملة الدعوة، أو يفتح موضوعاً للنقاش في فكرةٍ يريد أن يوصلها إليهم، أو يعطيهم كتيّبات تخدم الدّعوة، فيفتح بهذا باباً واسعاً للتواصل معهم لكسبهم لحمل دعوته، أو لكسب تأييدهم لفكرته.
يستحضر حاملُ الدّعوة في كلّ ما سبق، وفي غيرها ممّا يمكن أن يبدع فيه من أفكار، يستحضر مواقفَ سلفنا الصّالحين في رمضان، إذ لم يكن شهراً للقعود والكسل، وإنما شهر جهاد وتضحية وبذل، وأنَّ المعارك المركزيّة في تاريخ الأمّة كانت في هذا الشّهر الكريم، كغزوة بدر، وفتح مكة، وفتح عمورية، والأندلس والزّلاقة، وعين جالوت، وغيرها من الأحداث العظام.
هذا رمضان، فليكن شاهداً لنا، لا شاهداً علينا، اللهمّ اجعله شهر فتحٍ ونصرٍ لعبادك المؤمنين.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نضال ابو ابراهيم