الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالات رمضانية الترويج للمخططات الاستعمارية مشروع الدولة المدنية الديمقراطية مثالا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تستعر الحرب بين الحق والباطل ويرتعد الباطل أمام تقدم الحق المتواصل، ويبرز مشروع الأمة الإسلامي النهضوي المتمثل في إقامة الخلافة الراشدة على ساحة الصراع المحتدم في بلادنا ... ولا يجد الباطل أمامه إلا أن يطرح بديلا موازيا لنظام الخلافة الذي يهدد مصالح الغرب ونفوذه في بلادنا ويشكل خطرا حقيقيا على حضارة وثقافة الغرب .


فينتشل الغرب من جعبته الخاوية مشروع الدولة المدنية لتكون الطرح الموازي لنظام الخلافة، في محاولة أخيرة أمام الغرب لحرف الأمة الإسلامية عن ذلك التغيير الجذري الذي ترتعد منه دول الاستعمار والأنظمة التابعة له، فالدولة المدنية تضمن بقاء الأمة الإسلامية تابعة ذليلة للمستعمر الغربي، تستباح ثرواتها وتحتل أرضها وتقسم بلادها، عبر منظومة من القوانين والدساتير الوضعية والمعاهدات الدولية والحدود الاستعمارية والمناهج التعليمية التخريبية والاتفاقيات الاقتصادية التي تهيمن على مقدرات الأمة وثرواتها.


ولا يقوى مشروع الدولة المدنية على الوقوف أمام مشروع الخلافة الذي تجذر في عقول المسلمين وقلوبهم، فقد ملأت الخلافة جنبات التاريخ عدلا وعزا للأمة الإسلامية، فلجأ الغرب المستعمر الكافر إلى حشد كل طاقاته للترويج لذلك المشروع الاستعماري الخبيث فيستنفذ كل أدواته الرخيصة في محاولة منه لإقناع الأمة الإسلامية والالتفاف على ثوراتها المباركة:


فجند الغرب الإعلام المضلل ليروج للدولة المدنية في كل ما يبثه من سموم، فالبرامج الحوارية تصاغ مخرجاتها للترويج لمشروع الدولة المدنية، والأخبار تفبرك لتظهر أن الدعوة لذلك المشروع الاستعماري عامة وطامة وتلاقي قبولا عند عامة المسلمين.


وجند الغرب المستعمر الأقلام المأجورة لتكتب غزلا في الدولة المدنية وتطرحها على أنها المنقذ للأمة الإسلامية وتناست تلك الأقلام أن الأمة عاشت الذل والتبعية والفقر في ظل تلك الدول المدنية التي ثارت عليها الأمة الإسلامية.


واستنفر الغرب الأحزاب والحركات العلمانية -التي لعبت دور المعارضة وأضفت الشرعية على وجود الأنظمة الساقطة والمتهالكة - لتدعو لمشروع الدولة المدنية وتدافع عنه لأنه الملاذ الأخير لها أمام الأمة الغاضبة التي أدركت عمالة تلك الأحزاب والحركات العلمانية وأنها الوجه الآخر للأنظمة التي ثارت عليها الأمة.


وفي جانب مظلم من تلك الحملة الترويجية لمشروع الدولة المدنية الاستعماري وقف بعض الخائفين من التغيير الجذري وبعض المتسلقين على الثورات والباحثين عن المناصب بعد الثورات ليغازلوا الغرب ويبعثوا له الرسائل عبر تأكيدهم على الالتزام بالمشروع الغربي والتقيد بتعليمات المشغل الغربي، فشكلوا بذلك جوقة ترويجية للدولة المدنية تنعق وقتما يشاء السفير الأمريكي.


تنعق بأمر الغرب المستعمر وتوجيهاته لتشكل صورة مفادها أن "النخب المثقفة والمفكرين" ينادون بالدولة المدنية، في محاولة بائسة للتأثير في عامة الناس وإيهامهم أن أهل الفكر والسياسة والثقافة يريدون الدولة المدنية ويروجون لها كمشروع نهضوي للأمة.


وينفذ الغرب المستعمر إلى عقول بعض التائهين فكريا والمهزوزين ثقافيا والمضبوعين بالغرب، فيصبحوا عن قصد أو دون قصد أبواقا تروج لمشروع الدولة المدنية كنموذج يقابل الاستبداد ودولة العسكر، دون أن يعمل أولئك عقولهم ويضعوا أيديهم على مكمن الخطر في الدعوة إلى مشروع يكرس الاستعمار وأتباعه المستبدين الظلمة في بلادنا.


وعلى الجانب الآخر من الحملة الترويجية لمخططات الاستعمار يُستهدف مشروع إقامة الخلافة بالطعن والتشويه والتضليل وإثارة الشبهات حوله، والتعتيم على حقيقته ومحاولة إرباك المفاهيم المتعلقة به، وشيطنة القائمين عليه ووصفهم بالإرهاب والتطرف والتخلف.


فإطلاق مسمى الإمارة الإسلامية على أحياء ومحاولة تركيز الإعلام على أن هذا هو مشروع الخلافة لتقزيمه وبيان فشله، ومحاولة رسم صورة مقززة عن تطبيق الأحكام الشرعية في بعض الحواري والأحياء وكأنها صورة عن ما يكون عليه الأمر في حال تطبيق الإسلام.


وإلصاق تهمة الإرهاب والعنف بكل القائمين على مشروع إعادة الحكم بما أنزل الله وتصوريهم يلبسون السواد وملثمون يذبحون الناس دون رحمة في مشاهد تصور أن هؤلاء البشر ينتمون إلى عصور الظلام والتخلف بعيدون عن الحياة العصرية والتقدم يأخذون الناس إلى الوراء ولا يمكن لهم أن يقدموا لهم السعادة والأمن، وجل ما يمكن أن يقدموه هو القتل والجلد وقطع الرؤوس والأطراف، كل ذلك لتشويه صورة الإسلام وتشويه صورة الحكم بالإسلام وصورة العاملين لتطبيقه.


وقد استغل الغرب مشاركة الحركات الإسلامية في أنظمة حكم لا تحكم بالشريعة الإسلامية ليدلل على أنها لا تحدث تغيرا ولا تصنع فرقا، وخلط الأوراق واعتمد التضليل ليشوه المشروع الحقيقي للنهضة ويدعي ومن شايعه أن الإسلام قد فشل عند وصوله للحكم ...مع أن الإسلام لم يحكم بل الديمقراطية هي التي حكمت والدولة المدنية هي التي كانت.


إن الواجب على شباب الأمة التصدي وبقوة لكل محاولات الغرب لترويج مشاريعه الاستعمارية في بلادنا، فلا يسكت على المناداة بها ويفضح كل القائمين عليها ويكشف عمالة كل مروج لهذه المشاريع في بلادنا، حتى تصبح كلمة الديمقراطية والدولة المدنية مرادفة لكلمة العمالة والتبعية والذل والعبودية لأفكار الغرب ومؤسساته وأدواته الاستعمارية في بلادنا.


فالترويج للدولة المدنية والديمقراطية والعلمانية ترويج للاستعمار والكفر الذي يجب أن ينتزع من بلادنا ويحارب عالميا لتخرج البشرية من عبادة الديمقراطية وأرباب الرأسمالية والمتنفذين وأصحاب المصانع إلى عبادة رب العباد، وبذلك تتخلص الإنسانية من مشاريع الاستعباد الديمقراطية والعلمانية وغيرها من المشاريع التي تضمن تسلط الرأسماليين المتسلطين على أقوات ومصائر البشر.


فلا مكان للدولة المدنية في بلادنا التي يجب أن يظهر فيها الحق جليا متمثلا في تطبيق شرع الله في دولة الخلافة الراشدة التي تحرر المسلمين من العبودية للديمقراطية والاستعمار وتقيم الدين وتحمل الإسلام رسالة نور وهداية للبشرية، وإلى أن يكون ذلك واقعا معاشا في بلادنا... فإن على الثورة أن تستمر.

 

 


الدكتور مصعب أبو عرقوب
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع