الأربعاء، 02 صَفر 1446هـ| 2024/08/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق شعار النسوية بأن مكانة المرأة مشروطة باستقلالها المالي قد وصم وقوّض الأمومة

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


اتُهم هذا الأسبوع، المستشار البريطاني، جورج أوزبورن، من قبل العديد من جمعيات الأمهات والصحفيين بإهانة ووصم الأمهات ربات البيوت عندما أعلن عن خطط الحكومة إعطاء قسائم رعاية الطفل بقيمة 1200 جنيه استرليني لكل طفل للأسر التي يكون فيها كلا الأبوين عاملين، في حين لا يتم تقديم أي دعم مالي للأمهات اللواتي اخترن عدم العمل من أجل تربية أطفالهن. وصرح قائلا، في إعلانه عن الخطط التي ترمي إلى تشجيع النساء للعودة مرة أخرى إلى العمل، "هذه الحكومة تقف بجانب الأفراد الذين يريدون العمل بجد والمضي قدما في الحياة". تصريحه هذا، يوحي بأن الأمهات اللواتي يقررن التفرغ لرعاية أطفالهن بطريقة أو بأخرى هن فاشلات ويعملن بجهد أقل وليس لديهن محرك لل "مضي في معترك الحياة"، وبالطبع يكون دورهن في المجتمع ليس بقدر قيمة المرأة العاملة. كما وصف دور "الأم ربة البيت" كخيار "لنمط حياة"، ملمحاً بذلك أن هذا الدور له مكانة ثانوية مقارنة بالعمل الذي ينبغي أن ينظر إليه باعتباره الطريق الأمثل في الحياة بالنسبة للمرأة.

 

التعليق:


من الواضح أن فلسفة الرأسمالية ونظامها هي القوة الدافعة وراء مثل هذه التصريحات والسياسات من قبل السياسيين والحكومات الذين شكّلوا فوائدهم وسياساتهم الضريبية بطريقة ما لدفع الأمهات للعودة إلى العمل في أسرع وقت ممكن بعد الولادة بدلا من دعمها في دورها الحيوي في رعاية وتنشئة الأطفال ليصبحوا أفرادا مستقيمين يساهمون بشكل إيجابي في المجتمع. وقد أوجدت هذه الأيديولوجية الرجعية، التي تقدس إيجاد الثروة على جميع الأهداف الأخرى في الحياة، بيئةً غالبا ما ينظر فيها إلى الأم باعتبارها عبئا على الشركة أو الاقتصاد بدلا من كونها رصيدا لا يقدر بثمن للمجتمع ورفاهية جيل المستقبل. ومع ذلك، فإن شعار النسوية المستند إلى المفهوم الغربي المعيب، المساواة بين الجنسين، والذي يدّعي بأن مكانة المرأة تعلو من خلال العمل وكسب الدخل بأنفسهن بدلا من التفرغ للأمومة وباستقلالها ماليا عن آبائهن أو أزواجهن، قد أسهم أيضا في وصم الأمومة وتخفيض قيمتها داخل العديد من المجتمعات العلمانية. وقد عززت الحركات النسائية على مر السنين، فكرة أن اعتماد المرأة مالياً على الرجل لا يتوافق مع الاحترام، وأنه يجعلها تابعة أو أدنى منزلة من زوجها وأنه فقط من خلال العمل يمكنها أن تتساوى مع الرجل. كما زعمت أن الاعتماد المالي قد حرم المرأة من الضمان المالي بسبب خطر تعرضها لهجر زوجها المعيل لها أو نتيجة وفاته. لقد أصبحت المرأة العاملة نموذجا للمرأة الحديثة المحررة ومثالا للنجاح.


أثبت شعار النسوية هذا أنه مجرد وهم وضرب من الخيال. فهو أولاً، لم يقدم الوضع الذي وعد به، وبدلا من ذلك فقد قلّل من قيمة الأمومة التي تتفرد بها المرأة عن الرجل، من خلال إعطائها أهمية أقل في المساهمة في المجتمع من كسب الدخل. علاوة على ذلك، جعل المرأة خاضعة للاقتصاد حيث يتوقع منها أو حتى يتم إجبارها على العمل من أجل البقاء على قيد الحياة وتأمين حوائجها المالية، بدلا من جعل العمل مجرد حق لها. ثانياً، لم يقدم الشعار الاحترام والحقوق التي وعد بها، بل حط من مكانة الأمهات حتى في مكان العمل، مما جعلهن عرضة للأهواء والتحيز، وتحت رحمة أرباب عملهن. في تقرير صادر من الحكومة البريطانية عام 2007، وجد أن الأمهات يواجهن التمييز أكثر من أي مجموعة أخرى في مكان العمل.


وأخيرا، فإن استقلال المرأة في كسب المال لم يكفل لها الأمن المالي. وبدلا من ذلك فقد قدمت المساواة بين الجنسين في الأدوار والمسؤوليات، للرجال والدولة المبرر الأخلاقي والقانوني لتبرئة أنفسهم من الحفاظ على المرأة، وتركت العديد من الأمهات العازبات مع عبء ثقيل وقلق كبير في محاولة لتأمين الوظيفة والدفاع عن أنفسهن وأطفالهن لوحدهن.


كثيرا ما هاجمت الحركات النسائية الإسلام ونظامه الاجتماعي الذي يحدد دور المرأة ويصفها بأنها ربة منزل والرجل هو المعيل لها، متهمة هذا الاعتماد المالي للمرأة المسلمة على ولي أمرها بأنه تقويض لمكانتها وأمنها المالي. بيد أن الإسلام لا ينظر الى دور الأم على أنه أقل شأنا من دور الأجير، بل يرفع الأمومة لموضع تقدير عال. وعلاوة على ذلك، فإن منح النساء واجب توفير النفقة لهن دائما ليس مصدرا للإذلال وإنما هو عمل من أعمال الرحمة التي ترفع عن النساء بشكل دائم عبء إعالة أنفسهن وأطفالهن. إنه يؤمّن لهن ذلك الذي يعتبر ترفا داخل الدول العلمانية - وهو القدرة على الالتزام بوقتهن وجهودهن للأمومة والتنشئة الفعالة لأطفالهن دون أن يضطررن لتقديم تنازلات عن دورهن في الأمومة بسبب العمل. مما لا شك فيه أن هناك العديد من النساء المسلمات اليوم اللواتي تُركن غير آمنات ماليا نتيجة للطلاق أو وفاة من يعيلهن. إلا أن ذلك، ليس بسبب خطأً في الشريعة الإسلامية وإنما سبب ذلك هو عدم وجود نظام الخلافة الإسلامية الذي لو كان حاضرا لحاسب الرجل على أي تقصير في تأمين النفقة لأسرته، أو لكان واجبا على الدولة توفير النفقة للنساء اللواتي ليس لديهن قريب ينفق عليهن، وبذلك يضمن الإسلام الأمن المالي دائما للنساء. كل هذا لا يعني أن الإسلام يحرم عمل المرأة فقد منحها الله سبحانه وتعالى هذا الحق. وإنما ذلك يعني ببساطة أنها ليست عبدا للاقتصاد ولا لزوجها ولكنها عبد لربها الذي حدد لها الدور الذي تعتز بتفردها به كامرأة ويضع الطمأنينة في حياتها.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز / عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع