مع الحديث الشريف يوم النحر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ
روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".
جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر
قَوْله: ( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ )
فِي رِوَايَة مَنْصُور عَنْ أَبِي حَازِم الْآتِيَة قُبَيْل جَزَاء الصَّيْد" مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْت" وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق جُرَيْجٍ عَنْ مَنْصُور" مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْت" وَهُوَ يَشْمَل الْحَجّ وَالْعُمْرَة قَوْله:
( فَلَمْ يَرْفُث )
الرَّفَث الْجِمَاع، وَيُطْلَق عَلَى التَّعْرِيض بِهِ وَعَلَى الْفُحْش فِي الْقَوْل،
قَوْله: ( وَلَمْ يَفْسُق ): أَيْ لَمْ يَأْتِ بِسَيِّئَةٍ وَلَا مَعْصِيَة،
قَوْله: ( رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه ): أَيْ بِغَيْرِ ذَنْب، وَظَاهِره غُفْرَان الصَّغَائِر وَالْكَبَائِر وَالتَّبِعَات، وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الشَّوَاهِد لِحَدِيثِ الْعَبَّاس بْن مِرْدَاس الْمُصَرِّح بِذَلِكَ، وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي تَفْسِير الطَّبَرِيِّ، قَالَ الْطِيبِيُّ: الْفَاء فِي قَوْله" فَلَمْ يَرْفُث" مَعْطُوف عَلَى الشَّرْط، وَجَوَابه رَجَعَ أَيْ صَارَ، وَالْجَارّ وَالْمَجْرُور خَبَر لَهُ، وَيَجُوز أَنْ يَكُون حَالًا أَيْ صَارَ مُشَابِهًا لِنَفْسِهِ فِي الْبَرَاءَة عَنْ الذُّنُوب فِي يَوْم وَلَدَتْهُ أُمّه. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَذْكُورَة" رَجَعَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم وَلَدَتْهُ أُمّه"
العيد حاجة إنسانية، لا تستغني عنه أمة ولا شعب، فالإنسان في هذه الحياة الشاقة يحتاج إلى يوم يزيح فيه عن كاهله أعباء وتعب الأيام، ويرتاح من مشاغل الحياة، لذا رأينا الإنسانية على مر العصور تحتفل بأيام معينة كل عام وتسميها أعيادا، تخرج فيها عن روتين حياتها اليومي فينطلق الناس إلى الطبيعة يرفهون عن أنفسهم بلبس أجمل الثياب وتناول أشهى الطعام والشراب وممارسة ألوان اللهو والمرح ما يرجون معه التغلب على ضغوطات الحياة وتعبها وشقائها الذي عاشوه وعانوه طوال سنتهم, ومن ثم شحذ الهمم والطاقات للأيام المقبلة.
وبغض النظر عن ما يمثله يوم العيد عند الأمة أو الشعب من ذكرى دينية كانت أو قومية أو وطنية فلكل أمة ولكل شعب قديما وحديثاً يوم عيد. فالفرس قديما على سبيل المثال كان يوم النيروز لهم عيدا والفراعنة زمن موسى عليه السلام كان يوم الزينة لهم عيدا، حتى أهل يثرب كان لهم عيد يحتفلون فيه إلى أن جاءهم الإسلام فاستبدل لهم ذلك العيد الوثني بعيدين مباركين يمثلان ركنين من أركان ديننا العظيم. الفطر حيث أنهى المسلمون شهرا من الصوم الخالص لله تعالى فخرجوا منه مغفور لهم بإذن الله, قال عليه الصلاة والسلام: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
ويوم الأضحى: يوم إنهائهم مناسك الحج وصدورهم عن عرفات مغفور لهم أنقياء أطهاراً كيوم ولدتهم أمهاتهم, كما بشرنا صلى الله عليه وسلم في حديثنا لهذا اليوم.
فالعيد عند المسلمين ليس بدعة ابتدعوها فلكل أمة عيدها، لكنه يتميز عن أعياد باقي الأمم والشعوب, بأنه جائزة ربانية فوق كونه حاجة إنسانية, فقد شرعه لهم ربهم مكافأة معجلة بعد أن جهدوا في إقامة ركن من أركان دينهم فيه من المشقة والتعب ما فيه فقاموا به طائعين لله راغبين بعفوه ومغفرته ورضوانه فكانت مكافأتهم يوم القيامة: وعد بدخول جنة نعيم, أما في الدنيا فمغفرة من الله وفضل فالله لا يضيع أجر المحسنين. وعيد مبارك يفرح فيه المسلمون ويمرحون, ويأكلون ما لذ وطاب ويشربون ويلبسون أجمل الثياب ويبتهجون. لكن الإسلام حرص أن تكون أجواء العيد إيمانية تبدأ بالصلاة والاستماع لخطبة العيد ثم تبادل التهنئة بين المسلمين, وبعدها ذبح الأضاحي وتناول الطعام وحلوى العيد مع الأهل والأبناء ثم صلة الأرحام بعدها بعض المرح واللهو المباح كل هذا مصحوبا بالحمد والشكر والتكبير والتهليل لتبقى الحكمة من العيد حاضرة في الأذهان مرح وفرح وسرور بما وُعِدْنَا من رحمة ومغفرة من رب رحيم غفور.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.