السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الباحث عن الحق يسعى للتغيير الجذري ولا يقبل بأقل من ذلك -الجزء الأول-

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن تبعه ومن والاه، أما بعد:


لا يختلف اثنان على أن واقع المسلمين اليوم يحتاج إلى التغيير. إلا أن الكثيرين يختلفون على طريقة الوصول إلى هذا الهدف وإيجاد تغيير فعلي ومنتج عملياً ويغير الأوضاع تغييراً انقلابيا.. ولا يستطيع البعض إيجاد تغيير حقيقي لأن الحلول التي يضعونها ليست هي الحلول الصحيحة للمشاكل التي تسببت في هذا الواقع الفاسد. ولذلك كان على كل مسلم مخلص يريد أن يعمل لتغيير واقع الأمة الإسلامية المزري - عليه أن يفكر جيداً في عدة نقاط مهمة توصله لنتيجة تحقق الهدف المنشود. فنقطة انطلاقه تكون من تصحيح طريقة تفكيره ومن فَهم أنه باحث عن الحق وعندما يجده سيتقبله وينصاع له إخلاصاً لله رب العالمين.


وتقتضي طريقة التفكير المستقيمة أن يمتلك الإنسان نظرة شاملة وعامة وواسعة وعميقة عن الإنسان والحياة والكون، فتكون النظرة هذه نظرة واعية مستنيرة ومبنية على قاعدة فكرية أساسية راسخة عن الخالق عز وجل وعن المخلوقات - أي هي العقيدة التي يؤمن بها ويعيش على أساسها وتؤثر على كل أقواله وأفعاله ويحاسب عليها يوم الحساب - وبالتالي توضح له الأهداف المراد تحقيقها ويربط ذلك بسبب خلقه في الدنيا وعلاقة ذلك بالآخرة، فتنقى عقيدته من كل الشوائب.


هذه القاعدة الأساسية إذاً، تكون مصدرًا ومرجعًا للقوانين التي تخص أنظمة المجتمع وتعمل على تنظيم الحياة وعلى معالجة كل مشاكل الإنسان كفرد وكجزء من مجتمع يُطبق عليه دستور النظام الحاكم في الدولة، وكما أسلفنا هذا لن يكون واضحاً إلا باستناد الباحث إلى طريقة صحيحة في التفكير وفي إعمال عقله في التدبر والتفكر في أحوال من حوله.


قال تعالى: ((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)) [الروم : 43]


وقال تعالى: (( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) [البقرة‏:30]


هذا يجعل المسلم يعي جيداً دوره كخليفة الله تعالى في الأرض فهو مسؤول عن رعاية شؤون من حوله بالإسلام فيصبح السياسي الواعي الذي يتحلى بالشجاعة والإخلاص والالتزام والشفافية فيطلع على الثقافة الإسلامية النقية، والبعيدة عن التلوث الفكري، بشغف وإقبال وشيئاً فشيئا تزداد إرادته لتحقيق الأهداف ابتغاء مرضاة الله تعالى، ويقوم بمواجهة نفسه حتى يحمل أمانة رب العالمين فيعمل على قراءة الأوضاع الحاصلة قراءة صحيحة بدون مداراة أو كثرة تبريرات ليرسم واقعاً مغايراً للواقع الموجود وتصوره في صورة "أجمل" حتى يستسيغ معايشته والاستسلام له فيقعد عن العمل للتغيير وربما يكتفي ببعض الإصلاحات الوقتية.

وكما يجب أن يتخذ الباحث عن الحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة له حتى يكون متأكداً أنه لا يتبع هواه ويعمل بما يرضي الله قال تعالى: (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )) [الأحزاب : 21]
ولا بد أن يعلم المسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن الطريق الصحيح للتغيير فهو عليه أفضل الصلاة والسلام من أخذ بيد المسلمين حتى إقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة وعمل على تغيير الفرد والمجتمع والدولة، تغييرا سياسيا رعويا - فنهضت الأمة الإسلامية نهضة استمرت مئات السنين وانتشر الإسلام في العالم. فلقد أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتلة تعمل بهدف تغيير الفرد والمجتمع والدولة تغييرا انقلابيا جذريا، وهذه هي الطريقة التي يتبناها حزب التحرير.


وبهذه المفاهيم النقية يصبح الإنسان جاهزاً لأن يفهم ما هي الأسباب المباشرة التي نتج عنها هذا الواقع الفاسد حتى يعمل من خلال هذا الأساس المتين للتغيير. فأول ما يتضح له أن للمشاكل المتعددة والمشتركة بين المسلمين في بلاد مختلفة سببًا أساسيًّا يؤدي إلى مشاكل أخرى فرعية، مثلاً يلاحظ أن النظام الاقتصادي في بلده نظام مخالف لشرع رب العالمين ويعمل بالربا ويرضخ - بسبب النظام الحاكم - لمنظمات خارجية غربية كصندوق النقد الدولي الذي يقوم على أساس رأسمالي وعلماني، ويلاحظ أن الفقر هو السائد، مع أن كل بلاد المسلمين حباها الله تعالى بثروات طائلة ومتنوعة، فيتساءل من وراء تطبيق هذا النظام الاقتصادي الفاشل الذي يُطبق عنوة على الناس؟ ويستنكر أن يكون النظام المطبق عليه في الدولة وعلى المجتمع نظامًا علمانيًّا يفصل الدين عن الحياة ويتجاهل أحكام الخالق عز وجل والنتيجة أن المسلمين يعيشون في ضنك وفي حالة من الاستنزاف بينما ينعم رموز النظام بالثروات! والأهم أنه يدرك أن هذا الواقع الفاسد واقع مصطنع ومفروض علينا! فيتساءل من وراء هذه المؤامرة؟ ولماذا نتحمل ولماذا نسكت؟! ويبحث عن علماء الأمة وعن جيوشها وعن إعلامييها ومثقفيها ومفكريها وعن شبابها وعن وعن وعن...


وللحديث بقية في الجزء الثاني والأخير..


والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم حنين

 

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

 

 

الباحث عن الحق يسعى للتغيير الجذري ولا يقبل بأقل من ذلك
-الجزء الثاني-

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع