مع الحديث الشريف باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه "بتصرف"، في "باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى قالوا: حدثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
قوله: "من كذب علي متعمدا" أي قاصدا الكذب علي لغرض من الأغراض لا أنه وقع فيه خطأ أو سهوا، فإن ذلك مكفر عن هذه الأمة وقيد التعمد يدل على أن الكذب يكون بدون التعمد أيضا كما عليه المحققون فقالوا: هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه عمدا كان أو سهوا، لا كما زعمت المعتزلة أن التعمد شرط في تحقق الكذب. قوله: "فليتبوأ مقعده من النار"، أي فليتخذ منزلة منها ثم قيل: إنه دعاء بلفظ الأمر أي بوأه الله ذلك، وقيل: خبر بلفظ الأمر ومعناه فقد استوجب ذلك وفي التعبير بلفظ الأمر الواجب إشارة في تحقق الوقوع.
قال النووي: معنى الحديث أن هذا جزاؤه ويجوز أن الكريم يعفو عنه، ثم إن جوزي فلا يخلد فيها وفي الحديث دلالة على أن الكذب عليه - صلى الله تعالى عليه وسلم - كبيرة لكن لا يكفر مرتكبه.
وهل إذا تاب من تعمد الكذب تقبل توبته وروايته؟ ذلك فيه قولان والصحيح الموافق للقواعد القبول، وكيف والكافر إذا تاب تقبل توبته وروايته والكاذب متعمدا دون ذلك؟ ثم معنى كذب عليه أنه نسب إليه من فعل أو قول ما ليس له، وقول من قال كذب عليه في مقابلة كذب له، فمفهوم الحديث أن الكذب له جائز فيجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فإنه كذب له لأنه لأجل نشر دينه؛ جهل باللغة ، على أنه لو صح لكان مردودا هنا بشهادة جمع أحاديث الباب، فإن أحاديث الباب إذا جمعت فهي تدل على أن الكذب في شأنه مطلقا من أشد الذنوب وأقبحها.
لعل هذا الحديث يصيب فيما يصيب علماء المسلمين ومن يسمون أنفسهم بالمفكرين الإسلاميين أكثر من غيرهم، فهم الفئة التي تتكلم باسم الإسلام في هذا الزمان أكثر من غيرها، فقد تكلموا... وتكلموا... وتكلموا...، تكلموا فقالوا: إن للمسلم أن يغيّر دينه إن شاء، وإن للبشر أن يشرِّعوا الأحكام...، وإن الوسطية دين الإسلام، ويجوز أن تتغير الأحكام بتغيّر الزمان والمكان، والحرية والديمقراطية من الإسلام، والدولة المدنية هي دولة الإسلام، وأخضعوا أحكام القرآن للاستفتاء. ونادوا بما ينادي به الحكام دون خوف أو وجل من الله سبحانه وتعالى، فأجازوا الصلح مع يهود، وقبلوا بالأمريكان راعيا وقاضيا ونصيرا، وحاربوا معهم كل من يدعو إلى تطبيق شرع الله، وأفتوا بجواز أكل الربا، وبجواز الشركات المساهمة والتعامل بالبورصات، وأفتوا بقتال المسلم لأخيه المسلم لأنه يحارب الإرهاب.
أيها المسلمون:
هذا وغيره الكثير كان باسم الدين وباسم الإسلام، والإسلام منه براء؛ بل هو كذب على الله سبحانه وتعالى وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف تجرأ أمثال هؤلاء المارقين الذين خلعوا على أنفسهم ألقاب العلماء والمفكرين الإسلاميين على الكذب على رسولهم الكريم؟ ألم يمرَّ أمام أعينهم هذا الوعيد؟ ويحهم ألا يدركون حجم جريمتهم؟ ألم يدركوا أين هم سائرون وما المصير الذي ينتظرهم؟ بلى والله أنهم ليعلمون، ولكنها لحظة الغياب، وساعة الابتعاد، فلو تذكر أمثال هؤلاء مقاعدهم في النار واستحضروها ماثلة أمام أعينهم لخافوا ولفقدوا صوابهم من حجم جرائمهم هذه، ولكن حقت كلمة العذاب على المجرمين. حقت كلمة الله على من وقف ضدّ عودة الإسلام والخلافة من جديد.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم