الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح44 الأمر بطاعة الله والرسول وأولي الأمر من المؤمنين ج2

بسم الله الرحمن الرحيم


(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الر‌سول وأولي الأمر‌ منكم فإن تنازعتم في شيء فر‌دوه إلى الله والر‌سول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر‌ ذلك خير‌ وأحسن تأويلا). (النساء 59)


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء الثاني والعشرون نتناول فيه الآية الكريمة التاسعة والخمسين من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الر‌سول وأولي الأمر‌ منكم فإن تنازعتم في شيء فر‌دوه إلى الله والر‌سول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر‌ ذلك خير‌ وأحسن تأويلا). نقول وبالله التوفيق:


لقد خاطب الله المؤمنين مناديا إياهم بصفة الإيمان، فقال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي منكم). فالله تعالى لم يجعل لولي الأمر طاعة مستقلة, ولم يقل:"وأطيعوا أولي الأمر" بل قال: (وأولي الأمر) دون أن يكرر الطاعة؛ ليدل على أن طاعة ولي الأمر من باطن طاعة الله وطاعة رسوله، ثم عقب بعد ذلك بقوله: (منكم) أي من المؤمنين، فولي الأمر الذي لا يطيع الله ورسوله ليس منا نحن المؤمنين, والذي لا يحكمنا بما أنزل الله بل يحكمنا بأنظمة الكفر ليس منا نحن المؤمنين, والذي يبيح لنا ما حرم الله, ويصد حاملي الدعوة عن سبيل الله ليس منا نحن المؤمنين, والذي يوالي أعداء الله ويستقبلهم في بلادنا ويحميهم ليس منا نحن المؤمنين, وليس له علينا حق الطاعة بل لا تجوز طاعته, ويجب الخروج عليه وخلعه والعمل على تغييره بالطريقة الشرعية, وتنصيب خليفة بدلا منه يحكم المسلمين كافة بما أنزل الله ويطبق عليهم شرعه.


أيها المؤمنون:


فطاعة أولياء الأمور مرتبطة بطاعة الله ورسوله. ومع هذا كله فإن بقية الآيات تبين ماهية الطاعة, وليس هناك أبلغ من كلام الله! قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا * ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا *وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا * فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جآؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا * أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا * وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جآؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).


وبعد هذه الآيات لا مجال للمناورة فكلام الله واضح، لا طاعة للحكام في غير طاعة الله ورسوله. وعند الاختلاف فإن الحكم هو كتاب الله وسنة رسوله.


أيها المؤمنون:


إبراء للذمة ووفاء بالميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم بكتابه أن يبلغوه للناس, حيث قال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه). رأينا لزاما علينا مراجعة المفاهيم المتعلقة بطاعة أولي الأمر, ودراستها دراسة عميقة مستنيرة بنصوص الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة الأثبات الثقات من السلف الصالح، الذين أجمعت الأمة على إخلاصهم، وترفعهم عن مداهنة السلطان، وبعدهم عن شبهة كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى.

 

أيها المؤمنون:


إن ولي الأمر الذي يحكم المسلمين بأنظمة الكفر لا طاعة له في معصية الله, بل يجب الخروج عليه والعمل على تغييره بالطريقة الشرعية, وتنصيب خليفة بدلا منه يحكم المسلمين كافة بما أنزل الله ويطبق عليهم شرعه، فطاعة أولياء الأمور مرتبطة بطاعة الله ورسوله.


أما إذا كان للمسلمين خليفة يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله, ويطبق عليهم شرعه, ولكنه يظلمهم حينا, ويحرمهم حقوقهم حينا آخر فإن الأمر يختلف عن سابقه, ويختلف حكم الشرع فيه تبعا لذلك؛ فتجب طاعته في حدود طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. يقول عليه الصلاة والسلام: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية, فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". (وهو حديث صحيح رواه الشيخان). وثمة أحاديث في هذا الباب سنعرض لها.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يكرمنا بنصره وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها إنه ولي ذلك والقادر عليه نشكركم لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع