نداءات القرآن الكريم ح45 الأمر بطاعة الله والرسول وأولي الأمر من المؤمنين ج3
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا). (النساء 59)
الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء الثاني والعشرون نتناول فيه الآية الكريمة التاسعة والخمسين من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا). نقول وبالله التوفيق:
أيها المؤمنون:
قلنا في الحلقة السابقة: إذا كان للمسلمين خليفة يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله, ويطبق عليهم شرعه, ولكنه يظلمهم حينا, ويحرمهم حقوقهم حينا آخر فقد وجبت طاعته في حدود طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد وردت في هذا الباب أحاديث كثيرة, نذكر منها الأحاديث الآتية على سبيل المثال لا الحصر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله, ومن عصاني فقد عصى الله, ومن يطع الأمير فقد أطاعني, ومن يعص الأمير فقد عصاني". (رواه الشيخان) وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, ويصلون عليكم وتصلون عليهم, وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم, وتلعنونهم ويلعنونكم". قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه, فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة". (رواه مسلم) وعن أنس رضي الله عنه قال: "نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله فإن الأمر قريب". (صححه الألباني)
وروى الطبراني في المعجم الكبير عن فضالة بن عبيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة، وعصى إمامه، ومات عاصيا، وأمة أو عبد أبق من سيده فمات، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده، فلا تسأل عنهم". وروى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون, فمن كره فقد برئ, ومن أنكر فقد سلم, ولكن من رضى وتابع". قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: "لا ما صلوا" أي من كره بقلبه, وأنكر بقلبه. وروى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه. فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان".
وروى البيهقي في شعب الإيمان, وحسنه الألباني عن أبي بكرة رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: "السلطان ظل الله في الأرض, فمن أكرمه أكرمه الله، ومن أهانه أهانه الله". وروى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نزع يدا من طاعة، فلا حجة له يوم القيامة، ومن مات مفارقا للجماعة، فقد مات ميتة جاهلية". وروى ابن حبان في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم".
وروى مسلم عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه, ثم سأله فأعرض عنه, ثم سأله فى الثانية أو فى الثالثة, فجذبه الأشعث بن قيس وقال: "اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم".
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يكرمنا بنصره وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها إنه ولي ذلك والقادر عليه نشكركم لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد أحمد النادي