معالم الإيمان المستنير م4 ح5 إثبات وجود الخالق
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
ثانيا: إثبات وجود الخالق بالطريقة التي يحتاج فهمها إلى تركيز وإعمال عقل:
أيها المؤمنون:
من خلال خبرتي المتواضعة في التدريس, والتي استغرقت أكثر من خمسة وعشـرين عاما وجدت أن أفضل الطرق, وأرقى الأساليب لإيصال الأفكار والمعلومات هي طريقة السؤال والجواب؛ لذا فإني سأسلك هذه الطريقة وسأتبع هذا الأسلوب في إثبات وجود الخالق بالطريقة العقلية المفصلة لمن لا يقتنع بالطريقة السهلة الميسرة, وهو يمر في مرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة إثبات العجز والنقص والاحتياج للأشياء المدركة المحسوسة.
المرحلة الثانية: مرحلة إثبات المحدودية للأشياء المدركة المحسوسة.
فإذا أثبتنا هذه الصفات للأشياء المدركة المحسوسة, فإننا نكون قد توصلنا إلى أنها مخلوقة لخالق خلقها وهو الله تعالى الذي يتصف بصفات تناقض صفات هذه الأشياء المخلوقة, فهي تتصف بالعجز والنقص والاحتياج والمحدودية, وهو سبحانه يتصف بالقدرة والكمال والغنى, وعدم المحدودية.
أولا: مرحلة إثبات العجز والنقص والاحتياج للأشياء المدركة المحسوسة:
أيها المؤمنون: وللسير في هذه المرحلة أوجه سؤالي لمن أريد إقناعه بموضوع حلقتنا, وأتركه يجيب, وإن عجز عن الإجابة أساعده في الوصول إليها, ولا أنتقل معه في النقاش من نقطة إلى أخرى حتى أشبع الأولى بحثا وأتفق وإياه عليها.
السؤال الأول: عدد مدركات العقل التي يستطيع العقل إدراكها عن طريق الحواس الخمسة المعروفة, واحصرها في أشياء ثلاثة أساسية.
الجواب: الأشياء التي يدركها العقل, وتقع تحت الحواس تنحصر في ثلاثة لا غير هي: الكون والإنسان والحياة. فالشمس والقمر والنجوم وسائر الكواكب التي تسبح في الفضاء, والسماء والأرض والسهول والجبال والصحارى الشاسعة والبحار الزاخرة والمحيطات العميقة, كلها تندرج تحت مسمى الكون. والإنسان هو ذلك الكائن الحي المعروف الذي يعيش على سطح الأرض, وقد أفرد وفصل عن سائر الكائنات الحية لتميزه بالعقل. والحياة هي ما نشاهده في الكائنات الحية من الحركة والنمو والتكاثر, وهي موجودة في الإنسان والحيوان والنبات, وسائر الكائنات الحية, صغيرها وكبيرها, ذكرها وأنثاها. ومظهرها فردي, تبدأ في الفرد, وتنتهي فيه.
السؤال الثاني: هل هذه المدركات موجودة قطعا؟
الجواب: كون هذه المدركات المحسوسة موجودة أمر قطعي لأنها مشاهدة بالحس.
السؤال الثالث: هل الأشياء المدركة المحسوسة عاجزة وناقصة ومحتاجة إلى غيرها؟
الجواب: كون هذه الأشياء المدركة المحسوسة عاجزة وناقصة ومحتاجة إلى غيرها أمر قطعي لأنها بالمشاهدة لا تستطيع التصرف والانتقال من حال إلى حال إلا بغيرها.
السؤال الرابع: أعط أمثلة على احتياج الأشياء المدركة إلى غيرها.
الجواب: الأمثلة على احتياج الأشياء المدركة المحسوسة إلى غيرها كثيرة نذكر منها ثلاثة:
مثال (1) النار تحرق إذا كانت المادة الأخرى فيها قابلية الاحتراق, فهي محتاجة إلى المادة القابلة للاحتراق.
مثال (2) وبعض الأحماض تذيب بعض العناصر ولا تذيب غيرها, فهي محتاجة إلى العناصر التي فيها قابلية الذوبان.
مثال (3) وبعض العناصر تتحد مع عناصر أخرى وتتفاعل معها ولا تتفاعل مع غيرها, فهي محتاجة إلى العناصر التي فيها قابلية الاتحاد والتفاعل.
السؤال الخامس: هل يقال: إن الأشياء المدركة المحسوسة احتاجت لبعضها, ولكنها في مجموعها مستغنية عن غيرها؟
الجواب: لا يقال ذلك؛ لأن الحاجة إنما تبين وتوضح للشـيء الواحد, وتلمس لمسا, ولا تفترض افتراضا لشـيء غير موجود, فالأشياء التي من الكون لا يحصل من اجتماعها شيء يحصل منه الاستغناء أو الحاجة. فالحاجة والاستغناء متمثلة في الجسم الواحد, ولا يوجد شيء من مجموع ما في الكون حتى يوصف بأنه مستغن أو محتاج, فإنه يكون وصفا لشـيء متخيل الوجود, لا لشيء موجود, ولذلك يرد هذا السؤال, لأنه سؤال فرضي تخيلي لا يجاب عنه.
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.