خبر وتعليق بل الخلافة فرض ووعد
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
نشر موقع "وادي مصر" خبرا جاء فيه: قال الإعلامي محمد الغيطي: "أن الخلافة ليست لها علاقة بالإسلام في صدره الأعظم، وليست لها علاقة بالقرآن والسنة كان كل خليفة يأتي بالدم والضغينة والكراهية وعلى جثث الآخرين، والخلافة الأموية كانت زفت".
ووصف الغيطي، في برنامج "صح النوم" على قناة التحرير: "جماعة الإخوان أنهم ما زالوا يعيشون في الوهم ويأخذون حبوب الهلوسة، وعايشين في الوهم، ويتشدقون بأشياء ليست لها علاقة بالإسلام كالخلافة التي جلبت الدماء والعار لنا".
التعليق:
مع أن اسمه محمد، لكنه يبدو وكأنه لم يقرأ القرآن يوما، أو لم يمر على سيرة النبي عليه الصلاة والسلام العطرة وسنته الشريفة، وأنه اكتفى فقط بترهات علي عبد الرازق، الذي كفره الأزهر وحكم بردته.
أقول ذلك لأنه ادعى أن الخلافة لم تذكر في القرآن، مع أن آيات الحاكمية التي وردت في كثير من سور القرآن الكريم، وآيات الحدود، والعقوبات، والآيات التي تتحدث عن المعاملات المالية والتجارية، والآيات التي تعالج النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ كلها تعني وجوب وجود دولة تطبقها، وترعى شئون الناس بحسبها وعلى أساسها، وهذه الدولة هي الخلافة.
أما السنة وقد ادعى الغيطي أيضا أنه ليس فيها شيء عن الخلافة، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحدّث عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما».
أما الادعاء بأن الخلافة لم تكن موجودة في صدر الإسلام، وليس لها علاقة بالصحابة، فإن الصحابة كلهم أجمعوا طوال أيام حياتهم على وجوب نصب الخليفة.
ومع اختلافهم على الشخص الذي يُنتخب خليفة - كما حصل في سقيفة بني ساعدة التي استدل بها الغيطي على عدم وجود الخلافة - فإنهم أي الصحابة لم يختلفوا مطلقاً على إقامة خليفة، لا عند وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا عند وفاة أي خليفة من الخلفاء الراشدين. فكان إجماع الصحابة دليلاً صريحاً وقوياً على وجوب نصب الخليفة.
وأما أن العمل لإقامة الخلافة فرض على جميع المسلمين، وأن نظام الحكم في الإسلام هو الخلافة، فقد قـال الله سبحانه وتعالى مخاطباً الرسـول عليه الصلاة والسلام: ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾، وقال: ﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾. وخطاب الرسول عليه الصلاة والسلام بالحكم بينهم بما أنزل الله هو خطاب لأمته صلوات الله وسلامه عليه، ومفهومه أن يوجِدوا حاكماً بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام يحكم بينهم بما أنزل الله، والأمر في الخطاب يفيد الجزم؛ لأن موضوع الخطاب فرض، وهذا قرينة على الجزم كما في الأصول، والحاكم الذي يحكم بين المسلمين بما أنزل الله بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام هو الخليفة. ونظام الحكم على هذا الوجه هو نظام الخـلافة. هذا فضلاً عن أن إقامة الحدود وسائر الأحكام واجبة، وهذه لا تقام إلا بالحاكم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، أي أن إيجاد الحاكم الذي يقيم الشرع هو واجب. والحاكم على هذا الوجه هو الخليفة، ونظام الحكم هو نظام الخـلافة.
وأما الادعاء بأن الخلافة وهم، فإنا نقول أن الخلافة حق، بل وعد من ربنا سبحانه وتعالى، لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وبشرى من رسوله عليه الصلاة والسلام الذي قال: «تكونُ النُّـبُوَّةُ فيكمْ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثمّ يرْفعُها اللّهُ إذا شاءَ أنْ يرْفَعَها. ثـُـمّ تكونُ خِلافةً على مِنهاج النبوَّة، فتكونُ ما شاءَ اللّهُ أنْ تكون، ثـُمّ يرْفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُمّ تكونُ مُلْكاً عاضّاً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُمّ يرفعُها إذا شاءَ الله أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ مُلْكاً جَبريَّةً، فتكونُ ما شاءَ الله أنْ تكونَ، ثـُـمّ يرفعُها إذا شاءَ أنْ يرفعَها. ثـُـمّ تكونُ خِـلافـةً على مِنهـاج النُّـبُوَّة، ثم سكت» أخرجه أحمد.
وأكثر من ذلك فإن راية الخلافة لن ترفرف على البلاد الإسلامية فقط، بل ستعم العالم كل العالم إن شاء الله، قال عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ وقال: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾، وعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا»، وعن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل يعز بعز الله في الإسلام ويذل به في الكفر».
ويومها سيقول محمد الغيطي وأمثاله ممن يسخرون من الخلافة ومن العاملين لها، كما حكى الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، ونقول: ﴿قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
﴿فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك