السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

أين الحركات الإسلامية من مشروع الخلافة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم يظهر على الحركات الإسلامية باستثناء حزب التحرير أنها تسعى بشكل جدي لإقامة الخلافة الإسلامية، وإن ذكر لفظ الخلافة في بعض أدبياتها على استحياء، ولم تقم هذه الحركات بتوضيح معالم مشروع الخلافة ولا بذكر تفاصيل أحكامه وأدلته، بوصفه مشروعاً سياسياً للأمة، بل رأى بعضها أن رفع لواء الخلافة بشكل واضح وعلني سيجعل الغرب يصفها بالتطرف والإرهاب، فآثرت السلامة وأرادت أن تظل ضمن التصنيف العالمي للتيارات "المعتدلة". وبدلاً من أن تعمل على تبني أفكار الإسلام وأحكامه والمجاهرة بها لتعلو على الدين كله، وتصل عن طريق ذلك إلى الحكم، أخذت تلبس شعار الديمقراطية وتتلفع بدثار العدالة والحرية، فكانوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا مخالفين قول الله سبحانه: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾ [النحل: 92]، ووصل الحال ببعضهم إلى القول: «إننا على قناعة بأنه لا يمكن إحداث تغيير في العالم الإسلامي بدون أمريكا»، كأن أمريكا هي صاحبة القول الفصل في العالم، ونسوا أو تناسوا أن الله القوي العزيز قد أهلك من القرون من هو أشد منها قوة وأكثر جمعاً، وأن من والى غير الله كان إلى ضعف وهوان ولو بعد حين: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾.


لقد سارت بعض الحركات الإسلامية في مسار الديمقراطية ووصلت لأعلى مناصب الحكم، ولكن انقلب عليها الديمقراطيون والدول الديمقراطية، وبدل أن ترجع إلى دين ربها وشرعه وتتمسك بهما، تجدها تدعو للشرعية الديمقراطية وتراهن عليها وتطلب ود دول الغرب التي مكرت بها وأسلمتها، كأنها لم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ» أخرجه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.


لقد وجه القرآن الكريم نداءه الحق إلى أتباع الحق حين قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة:208-209]. وهي دعوة للمؤمنين باسم الإيمان، بهذا الوصف المحبب إليهم، الذي يميزهم ويفردهم، ويصلهم بالله، هي دعوة للذين آمنوا أن يدخلوا في السلم كافة، أي في الإسلام بكل أحكامه وشرائعه، وألا يتخلوا عن شيء منه. ووعد الله سبحانه وتعالى في كتابه ووعده الحق فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد :7]، ونصرنا لله يكون باتباع شرعه في كل كبيرة وصغيرة، وفي العمل الجاد المخلص لوضع شريعته سبحانه وتعالى موضع التطبيق في ظل خلافة على منهاج النبوة، لنحمل بعد ذلك رسالة الإسلام دعوة للعالم نخرجه بها من ظلمات الرأسمالية وعفن الديمقراطية إلى نور الإسلام. ولذلك لا يصح من المسلم ولا من الحركات الإسلامية استبعاد الدعوة إلى إقامة الخلافة الإسلامية والاستعاضة عنها بالدعوة إلى الديمقراطية والدولة المدنية، ولا يجوز لهم طلب رضا أمريكا وغيرها من دول الغرب، بل عليهم التوجه الخالص إلى الله سبحانه وتعالى طالبين العون منه وحده. قال تعالى: ﴿بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ [آل عمران:150].


هذا الموضوع من كتيب "سعيُ الأمة نحو الخـلافة" الذي أصدره حـزب التحـرير ولاية مصر

 


أعده لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع