خبر وتعليق ما هو المعيب
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
حكمت محكمة الجنايات السودانية في الخامس من أيار/مايو 2014 على امرأة نصرانية حامل بالإعدام شنقا ومائة جلدة بعد إدانتها بالردة والزنا. كما وصفت منظمة العفو الدولية هذا الحكم بالـ"بغيض" (منبر السودان، 15 مايو 2014)، مريم يحيى إبراهيم الحامل في الشهر الثامن هي الآن رهن الاعتقال مع ابنها البالغ من العمر 20 شهرا. وقد صدر الحكم بإعدامها بعد أن رفضت التراجع عن ردتها. وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية منار إدريس: "حقيقة إن الحكم بالإعدام على امرأة لاختيارها دينها، وجلدها لكونها متزوجة من رجل على دين آخر هو أمر مروع وبغيض. فالزنا والردة أفعال لا ينبغي أن تكون جرائم على الإطلاق. وهذا خرق صارخ للقانون العالمي لحقوق الإنسان". (منظمة العفو الدولية 15 مايو 2014)
التعليق:
هذه القضية الأكثر انتشارا في وسائل الإعلام العالمية للسودانية مريم يحيى إبراهيم وخاصة في الإعلام الأمريكي والبريطاني، والتي أثارت الحوار بين المسلمين في الغرب ممن حاولوا إخفاء رؤوسهم أمام هذا الموضوع، وخاصة لامرأة حامل في شهرها الثامن والتي ستجلد 100 مرة. هي قضية مشحونة عاطفيا، لا سيما مع صدور تصريحات قوية لمنظمة العفو الدولية مثل "تعتقد منظمة العفو الدولية أن مريم هي سجينة رأي، أدينت فقط بسبب معتقداتها الدينية وهويتها. ويجب الإفراج عنها فورا ودون أي شروط. إن حق حرية الفكر، الضمير والدين والتي تتضمن حرية اعتناق أي معتقد، هو عميق وبعيد المدى، إنه يشمل حرية الفكر في جميع المسائل بما فيه الاقتناع الشخصي والالتزام بأي دين أو معتقد".
ويعلن الكثير من المسلمين أن هذا قطعا مخالف للإسلام ناقلين تفاصيل مختلفة كالتي تثار من قبل والدتها النصرانية وغيرها في محاولة لإبطال حكم المحكمة. ولكن النقطة الرئيسية هنا هي نظام الحكم المختلط، نظام علماني بالكامل مع بعض أحكام الشريعة المتعلقة بالعقوبات كحدّ الردة والزنا. في حين أنه من المهم أن نلاحظ أن الإسلام لا يجبر أي شخص داخل أراضيه على الدخول للإسلام ولكن لديه قوانين صارمة ضد المسلمين الذين يرتدون عن دينهم بعد إسلامهم. وعلى هذا الأمر الكثير من الأدلة من القرآن والسنة.
ولكن خلط النظام العلماني بمسحة من الأحكام الإسلامية لن يجلب أي شكل من أشكال العدل للناس. في المقابل، نحصل على مثل هذه الحالات التي يستغلها الغرب بشكل تام لإلقاء الاتهامات جزافا على الإسلام وأحكام الشريعة، متجاهلا تماما حقيقة أن المنظومة القضائية لهذا النظام وبقية الأنظمة المتعلقة بهذا الأمر ليس لها علاقة بالإسلام، إلا الشيء الذي يتم تطبيقه من قبل المسلمين على المسلمين وغير المسلمين الذين يعيشون في السودان. في النهاية، فإن أهل السودان يعانون من ظلم رهيب وارتباك مما جعل الكثير من المسلمين ينأوا بأنفسهم عن الشريعة التي أسيء فهمها. هذا وضع غير مقبول بالنسبة لنظام يتم محاكمته ووضعه في سياق غير سياقه، فيجب تطبيق النظام بأكمله وأي تطبيق جزئي سيؤدي حتما إلى نهاية كارثية ويجعل الناس الذين يحبون الإسلام وينصرونه عرضة لهجمات مضلله ضد شريعتهم. زد على ذلك، لم يُترك المسلمون وحدهم مع تداعيات هذه النظم القضائية البائسة بل كذلك هو حال غير المسلمين أيضا، فقد أصبحوا محرومين من شريعة الإسلام ورعايتها والتي من شأنها حمايتهم وحماية المجتمع من جميع الرذائل سواء كانت زنا أو ردة، عندما يتم تطبيق الشريعة بشكل كامل وليس تطبيقاً اندفاعياً من الحاكم هنا أو هناك.
بصفتنا مسلمين، نحن لا نعود لمنظمات حقوق الإنسان لحل مشاكلنا، ولكننا بحاجة إلى الرجوع بمشاكلنا الاجتماعية إلى نظام قادر على درء المشاكل التي تسببت فيها النظم الوضعية. وأن يكون الإسلام عرضة للهجوم هو أمر غير مقبول بالنسبة لنا، وبالتالي فإن المسلمين وغير المسلمين سيجدون العدل الحقيقي في نظام خال من أحكام وضعية وضعها الإنسان لخدمة مصالحه الآنية وهذا النظام العادل لا يوجد إلا في الإسلام عندما يكون طريقة عيش. لذلك ليس المعيب هو ما تصفه منظمة العفو الدولية معيبا، بل عدم تطبيق أحكام الإسلام وعدم إقامة دولة الخلافة هو الأمر المعيب.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مهند