خبر وتعليق حجم أمريكا وقدراتها على قيادة العالم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
تناقلت الكثير من وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية الخطاب الذي ألقاه أوباما وما تعاقب عليه بعد ذلك من تحليلات سياسية وتبريرات لمواقفه.
وتطرقوا إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة وكذلك لوريث أوباما في رئاسة أمريكا حيت بدأت فترة حكمه العد التنازلي.
التعليق:
الواضح أن أمريكا تعاني من أمور كثيرة داخلية وخارجية اختل معها توازنها وهي تحاول إخفاءها عن العالم لتبدو أنها بكامل قواها لتبقى في مكانتها التي لا ينازعها عليها أحد في العالم بعد.
فلا يخفى علينا الحالة الاقتصادية التي وصلت إليها أمريكا وهي تقاوم بشتى الوسائل أن لا تؤثر هذه القضية على قدرتها في التحكم في دول العالم والتفرد في قيادته. لكن مع مضي الوقت يزداد الوضع سوءاً وتقترب البلاد أكثر من قاع الهاوية السحيقة التي بدأت بالسقوط فيها من وقت ليس بالقصير.
كثر في الأيام الماضية اتهام أوباما بعجزه عن اتخاذ القرارات الخارجية وبعدم حسم الأمور وهو صحيح، وليس لقلة حنكة أوباما بل على العكس فهو يتمتع بدهاء وحنكة كبيرة. بل لأن الرياح لم تجر مع أوباما بما تشتهيه سفنه، كيف لا وهو وريث عهد طويل من الإخفاقات في القضايا الدولية مثل إخفاق أمريكا في أفغانستان والعراق، وبغض النظر عن مشاكله الداخلية الكثيرة، فهناك المشاكل الخارجية التي تظهر وكأن زمام الأمور قد فلتت من يد أمريكا وأظهرت بأنها لم تعد قادرة على السيطرة على الأمور كما كانت الحال سابقا.
ولعل من أبرز ما في الموضوع هو الربيع العربي الذي جاء حقيقة مُرّة مرعبة، عليها أن تتقبل التعايش معه إلا أنه كان صدمة غير متوقعة ولم يكن بحسبانها هذه الثورات، فيبدو أنهم ما زالوا تحت تأثير هذه الصدمة ولا يملكون سياسة واضحة للتعامل مع الأمر، مما دفعهم لمراجعة التاريخ والاستفادة من تجارب سابقة، لعل من أبرزها ما حصل في الحرب العالمية الثانية حيث برزت فيها سياسات تدمير المدن والبنى التحتية، والمنشئات الحيوية وقتل المدنيين بأعداد هائلة للضغط على الحكومات للاستسلام، أو للضغط على الشعوب لتغيير رأيها تجاه قضايا مصيرية، الأمر الذي كررته أمريكا في الجزائر بعد انتخابات 1992 التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فأشعلت أمريكا الجزائر بأتون حرب قتلت أكثر من 300 ألف مدني، واختفى عشرات الآلاف، حتى إذا انقضت عشر سنوات من الإرهاب الذي مارسته الدولة بقيادة الجيش قدمت للجزائر حكومة تعدهم بالأمن والاستقرار، ووضعت المسلمين فيها بين مطرقة اختيار الإسلام وسندان حياتهم ودمائهم وأعراضهم، وما زالت تلك الحكومة برئاسة بوتفليقة إلى اليوم، والأمر نفسه تجريه في سوريا، وفي مصر وليبيا، وكأنها أدركت أنها تستطيع الاستعاضة عن خوض الحروب المهلكة بجنودها، بتسخير أمثال السيسي والأسد والمالكي وخليفة حفتر وأمثالهم لإخضاع البلاد والعباد بالحديد والنار، وبدلا من أن يكون لدى أمريكا زعماء يظهرون بمظهر الأبطال ويسعون لكسب الرأي العام لصالح سياساتهم كعبد الناصر نجدها الآن تنحدر لدرك أن تعتمد على بلطجية وشبيحة، ومجرمين وبراميل متفجرة، واغتصاب الأعراض وسرقة الأموال، والتلوث بالدماء، مما ينبئ عن مقدار الهبوط الذي وصلته أمريكا في سياستها الخارجية وأنها إنما ترقص رقصة الديك المذبوح.
وأكثر ما فجع أمريكا هي الثورة السورية المباركة التي تنادي بتطبيق شريعة الله وتحكيم الإسلام، فهذا هو أسوأ كابوس يمكن أن يراود هذه الدولة الكافرة، ولسوء حظهم فهو ليس مناماً بل حقيقة واقعة بفضل الله ترك أمريكا تضرب أخماسا بأسداس وترك أوباما يظهر بأسوأ صورة له أمام العالم بمظهر العاجز الذي لا يقوى على اتخاذ القرار.
ولا ننكر كم حاول أوباما أن يحل القضية السورية بالطريقة التي تلائمه لنتائج تناسبه، إلا أن كل محاولاته تكللت بالفشل لأنهم ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
فالذي نشهده هذه الأيام إنما هي مراحل تاريخية مهمة ومنعطف يغير حياة البشرية. نهاية عصر الاستبداد والظلم وبداية بزوغ فجرٍ جديدٍ ليمكن الله تعالى للمؤمنين المكان الذي ارتضاه لهم ويمسكوا هم بزمام الأمور بالطريقة التي ارتضاها الله لهم ليعم نوره مشارق الأرض ومغاربها فهي حتمية واقعة كما وعد الله ورسوله لمن صدق الله وعده ولكن ليمحص الله الذين آمنوا.
قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾.
فما هي إلا مسألة وقت ونسأل الله أن يكون التمكين للمسلمين قريبا.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مالك