خبر وتعليق إن الله ما نصر هذه الأمة إلا باتباع الدين واجتناب الغدر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
بثت الجزيرة على الجزيرة مباشر يوم 22 من حزيران/يونيو 2014 مؤتمر حزب التحرير في تونس، وذكر الخبر أن حزب التحرير يسعى لإقامة الخلافة ويعتبر أن إقامتها هو أكبر فرض.
التعليق:
نعم إن الخلافة ووجودها والعمل من أجل رجوعها إلى الدنيا يعتبر الفرض الأكبر الذي يقع على عاتق أمة محمد اليوم، كيف لا والخلافة هي التي تحمي وتصون، تحمي الدين والعرض والحدود والضعيف، وتطبق أحكام الإسلام كلها، وتنشر الإسلام في ربوع الدنيا، فيها عز المسلمين وسلطانهم، وبها وحدها تقتعد الأمة الإسلامية مقعد الصدارة كما كانت عبر أربعة عشر قرناً.
لقد تأملت في كلمات شباب الحزب ومنظريه في هذا المؤتمر فشعرت بحرارة وطاقة قوية تنبعث من المحاضرين والحضور، شعرت بطاقة الإيمان تنبعث من صدور الشباب وإرادة جبارة وعزيمة أخالها لا تلين، ولقد لفت انتباهي أيضا كثرة الحضور من فئة الشباب، أولئك الشباب الذين أنفق الغرب عليهم الغالي والنفيس عبر قرون من أجل أن يغربهم عن دينهم تحت أنظمة سايكس بيكو المتعاقبة على حكم تونس من نظام الحبيب بورقيبة البائد إلى نظام الرئيس الفارّ بن علي.
لقد نهض شباب تونس تحت قيادة حزب التحرير للعمل لاستئناف الخلافة الإسلامية ولكشف خطط الاستعمار يثقفون الناس بالإسلام ويدعونهم إلى نظام حكمه الفريد نظام الخلافة، نعم إنهم شباب تونس، شباب جامعة الزيتونة ومدينة القيروان، شباب الدعوة النبوية المحمدية الأصيلة، يتفانون في دعوة الناس لترك العلمانية البغيضة والديمقراطية السقيمة، يتفانون في دعوة أبناء الأمة في تونس لنبذ الدستور التونسي والدساتير الوضعية والاحتكام إلى دين الله الواحد الأحد.
إنه من دواعي الإجلال لحزب التحرير أنه ثابت على فكره المتبنى من كتاب الله وسنة نبيه، لا يتأثر بالأحداث الجسيمة التي تعصف بالأمة وتعقيدات الواقع الذي تحياه أمة الإسلام. لم يكن عمل الحزب يوما كردة فعل لواقع فاسد أو حدث طارئ، على العكس تماما فكلما مرت الأمة بويلات ونكبات، تجسدت القناعة بنقاء فكر هذا الحزب العظيم. فحزب التحرير عود الأمة الإسلامية على الثبات على الحق وعلى الالتزام بأحكام الإسلام دون أن يكل أو يمل. كيف لا وهو لا يهتم بالنتائج بقدر ما يهتم بصحة الطريق إليها. فحزب التحرير يريد للإسلام أن يصل الحكم ولذا فإن الحزب معني بأن يوصل الإسلام إلى الحكم بطريقة شرعية وهو صابر في طريقه عازم على هدفه دون أن يحيد قيد أنملة عن الإسلام. فلا يغير حزب التحرير طريقة رسول الله في إقامة دولة الإسلام بغية الوصول للحكم بوقت أسرع.
وهنا أذكر قول قاضي سمرقند الذي حكم بين الكهنة وقتيبة بن مسلم على إثر أن شكى الكهنة إلى عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين آنذاك بأن جيش قتيبة دخل البلاد دون إنذار أو دعوة إلى جزية أو قتال. وكان جيش المسلمين قد دخل البلاد ثم حكمها المسلمون ست سنوات ونعم الناس بعدل الإسلام حينها. إلا أن الكهنة قد شكوا إلى عمر بن عبد العزيز فطلب من القاضي في سمرقند أن يحكم بين الكهنة وقتيبة. فحدد يوماً للقضاء في المسألة.
واحتشد الناس من كل حدب وصوب، وحضر كبير الكهنة وحضر القائد العظيم قتيبة بن مسلم، وكان الجميع ينتظرون القاضي أن يأتي، وما هي إلا لحظات حتى جاء القاضي ومعه غلامه، وبدأت المحاكمة.. سكت الناس وساد الصمت حين بدأ القاضي بالكلام، (فسأل الكاهن ما تقول؟ قال الكاهن: إن القائد المبجل قتيبة بن مسلم دخل علينا غدرا من غير منابذة ولا دعوة إلى الإسلام. قال القاضي للأمير: ما تقول؟ قال الأمير: أصلح الله القاضي، إن الحرب خدعة، وهذا بلد عظيم قد أنقذه الله بنا من الكفار وأورثه المسلمين. قال القاضي: أدعوتم أهله إلى الإسلام، ثم إلى الجزية، ثم إلى القتال؟ قال الأمير: لا. قال القاضي: إنك قد أقررت. وإن الله ما نصر هذه الأمة إلا باتباع الدين واجتناب الغدر، وإنا والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهاداً في سبيل الله؛ ما خرجنا لنملك الأرض ولا لنعلو فيها بغير الحق.
حكمتُ بأن يخرج المسلمون من البلد ويردوه إلى أهله، ثم يدعوهم وينابذوهم ويعلنوا الحرب). اعتلت الدهشة على وجوه الناس وكاد يطير عقل الكاهن من رأسه من الحكم الذي نطق به القاضي النزيه ومن المحاكمة التي استمرت لدقائق معدودة.. وما هي إلا سويعات حتى سمعوا جلبة ورأوا غباراً ينتشر في أنحاء المدينة، فسأل الكاهن ما الذي يجري؟ فقالوا: نُفّذَ الحكم وها هم المسلمون يخرجون من المدينة.. فصاح الكاهن "أشهد أن لا إله إلا الله" وصاح الناس خلفه وأعلنوا إسلامهم مما شاهدوا من عدل هذا الدين ونزاهة المحاكمة.. وبهذا كانت أعظم محاكمة عرفها التاريخ ولن يعرف التاريخ مثلها في القسط والنزاهة إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية القادمة قريبا إن شاء الله، ومن بعدها أصبحت مدينة سمرقند تنعم بالإسلام حتى يومنا هذا وهي الآن إحدى المدن القابعة في أوزبكستان.
نعم إن حزب التحرير لن يخالف الإسلام من أجل الوصول للحكم لأنه وكما قال القاضي لقتيبة (وإن الله ما نصر هذه الأمة إلا باتباع الدين واجتناب الغدر، وإنا والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهاداً في سبيل الله؛ ما خرجنا لنملك الأرض ولا لنعلو فيها بغير الحق).
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج أبو مالك