الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الحلقة السادسة جهازٌ تنفيذيٌّ مُميز

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنَّ لِلدولةِ الإسلاميةِ جهازٌ تنفيذيٌّ خاصٌ بِها، أسَّسهُ الرسولُ صلى اللهُ عليهِ وسلم في المدينةِ المنورة، والتزمَ بِه خلفاؤهُ الراشدونُ من بعدِه، ثم أقامَ معظمَه الخلفاءُ المسلمونَ من بعدهم، إلى أن هُدمت دولةُ الخلافة عام 1924م.


ويتكونُ هذا الجهازُ من: الخليفةِ، والمعاونينَ، ووزراءِ التنفيذِ، والولاةِ، وأميرِ الجهادِ (الجيش)، والأمنِ الداخليِّ، والخارجيةِ، والصناعةِ، والقضاءِ، ومصالحِ الناسِ (الجهاز الإداري)، وبيتِ المالِ، والإعلامِ، ومجلسِ الشورى "مجلسِ الأمة".


وهو جهازٌ خاصٌ بدولةِ الخلافة، يختلفُ عن الأجهزةِ التنفيذيةِ في الأنظمةِ الوضعيةِ التي سبقت الدولة، والتي جاءت بعدها، ما يميّزُ دولةَ الخلافةِ ونظامَ الإسلامِ عن سائرِ الدولِ والأنظمة.


ودليلُها فِعلُ الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه قد أقامَ جهازَ الدولةِ على هذا الشكلِ. فقد كان صلى الله عليه وسلم هو رئيسَ الدولة، وأمرَ المسلمينَ بأن يقيموا لهمَ رئيسَ دولة حين أمرهم بإِقامةِ خليفة، وبإقامةِ إمام.


وأما المعاونونَ فقد اختارَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ وعمرَ معاونينَ له، والمعاونَ الذي سمَّاهُ الرسولُ وزيراً لا يختصُ بعملٍ معين، بل هو معاونٌ يُفوِّضُ إليه الخليفةُ القيامَ بجميعِ الأعمالِ تفويضاً عاماً، ولا يصحُ اختصاصُه بعملٍ مُعين.


وأما وزراءُ التنفيذِ، فهم الوزراء الذي يعيّنهُم الخليفةُ ليكونَوا معاونين له في التنفيذِ والملاحقةِ والأداء، ويكونون وسيطين بينَ الخليفةِ وبين أجهزةِ الدولةِ والرعايا والخارجِ، وقد كان وزيرُ التنفيذِ يُسمّى (الكاتب) على عهدِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، والخلفاءِ الراشدين.


وأما الولاةُ فإنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم عيَّنَ لِلمقاطعاتِ ولاةً، فقد ولَّى عتّابُ بن أُسيد والياً على مكة بعد فتحِها، وولّى كثيراً من الولاةِ غيره.


أما الجيش، والذي يتبعُ إدارياً لأميرِ الجهاد، فقد كان صلى اللهُ عليه وسلم هو القائدُ الفعليُّ لِلجيش، وهو الذي يُباشِرُ إدارتَهُ، ويتولَّى شئونَهُ، وكانَ يُعيّنُ قواداً في بعضِ الأحيانِ للقيامِ بعملِ من الأعمالِ.


أما الأمنُ الداخليُ، فقد روى البخاري عن أنس: "أن قيس بن سعد كانَ يكونُ بينَ يدّيِ النبيِ بِمنزلةِ صاحبِ الشُرَطِ من الأميرِ". ودائِرةُ الأمنِ الداخليِّ تتولى كلَ ما له مساسٌ بالأمن.


أما الخارجيةُ (العلاقاتُ الدوليةُ)، فإنَّهُ كما يجوزُ للخليفةِ أن يتولى العلاقاتِ الدوليةَ مباشرةً بوساطةِ وزيرِ تنفيذِهِ، فإن له كذلِك أن يُعينَ مُديراً يتولى العلاقاتِ الدوليةِ.


أما الصناعةُ، فقد أمرَ رسول الله صلى الله عليهِ وسلم بصناعةِ المنجنيقِ والعرَّادةِ أي الدبّابةِ، فدائِرةُ الصناعةِ هي الدائِرةُ التي تتولى جميعَ الشئونِ المتعلقةِ بالصناعةِ.


أما القضاءُ فهو الإخبارُ بالحكمِ على سبيلِ الإلزامِ، وهو يفصِلُ الخصوماتِ بين الناسِ، أو يمنعُ ما يضرُّ حقَّ الجماعةِ، أو يرفعُ النزاعَ الواقِع بين الناسِ، أو أي شخصٍ ممن في جهازِ الحكم. فقد ولّى قضاةً يقضونَ بين الناس، فقد عيَّنَ علي بن أبي طالب قاضياً على اليمن.


وأما الجهازُ الإداريُ لِمصالحِ الدولةِ فقد عيَّنَ صلى اللهُ عليه وسلم كُتّاباً لإدارةِ المصالحِ، وكانوا بمقامِ مُديري الدوائر، فقد كانَ حذيفة بن اليمان مثلاً يكتبُ خرص ثمارِ الحجاز، وعيِّنَ غيرَه لباقي المصالحِ، لِكُلِ مصلحةٍ، أو أكثر كاتباً.


أما بيتُ المال، فهو المكانُ الذي تُحفظُ فيه وارداتُ الدولةِ ريثما يتمُ إنفاقُها، ويطلقُ ويرادُ بهِ الجهةَ التي تختصُ بقبضِ وإنفاقِ ما يستحقهُ المسلمونَ من مال. وقد كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعُ المالَ إما في المسجدِ، وإما في حجرةٍ من حجرِ زوجاته.


أما الإعلامُ، فهو من الأمورِ المهمةِ للدعوةِ والدولةِ، فوجودُ سياسةٍ إعلاميةٍ متميزةٍ تعرض الإسلامَ عرضاً قوياً مؤثراً، من شأنِهِ أن يُحرِّكَ عقولَ الناسِ للإقبالِ على الإسلامِ ودراستهِ والتفكيرِ فيه.


وأما مجلسُ الأمةِ الذي عملُهُ الشورى والمحاسبةُ لِلحاكم، فإن الرسولَ صلى الله عليه وسلم لم يكن له مجلسٌ معينٌ دائماً، بل كانَ يستشيرُ المسلمينَ حينما يريدُ، فقد جمعَهم يوم أحدٍ واستشارهم، وجمعهم في غير ذلك.


ومن كُلِّ هذا يتبينُ كيفَ أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم قد أقامَ جهازاً معيناً للدولة، على شكلٍ مخصوص، وظلَّ يسيرُ بحسبِهِ إلى أن التحقَ بالرفيقِ الأعلى، ثم جاءَ خلفاؤهُ من بعدِهِ فساروا على ذلك، يحكمونُ حسبَ هذا الجهازِ الذي أقامَهُ الرسولُ بعينِه.


هذا ما ستكسِبُه الأمةُ بعودةِ الخلافةِ من جديد، خلافةً راشدةً، "جهازاً تنفيذياً مميزاً"، تماماً كالذي أقامه نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، جهازٌ كاملٌ متكاملٌ يرعى شئونَ الدولة.


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع