خبر وتعليق كيف يُنقِذُ العراقَ ثوارٌ تجمَعُ بينهم المَصالِحُ وتـُفرِّقهُمُ الأهواء
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
نقلت وكالات الأنباء و"كل الأردن" - يوم الجمعة، 18 تموز/يوليو 2014 نصَّ البيان الختامي لمؤتمر عَمَّانَ التمهيدي للقوى الإسلامية والوطنية في المحافظات الثائرة - واصفاً أوضاع العراق بالمأساوية ظلماً وقهراً للناس ونهباً للمال العام وتفشيا للفساد والنفوذ الأجنبي..، واشتمل ذلك البيان على عدة نقاط أبرزها:
- التأكيد على وحدة العراق ورفض دعوات تقسيمه تحت أي ذريعة،
- الدعوة - لاحقاً - إلى لقاء وطني عام يضم جميع العراقيين للبحث في مستقبل عراق جديد، يعم الخيرُ أبناءَه، ويكونُ سِلماً لأهله وجيرانه،
- السعي للحصول على التأييد والدعم العربي والدولي، ومطالبة المجتمع الدولي لإيقاف دعم الحكومة الحالية، وحماية المعتقلين والمدنيين من القصف الجوي.
التعليق:
لقد بلغ عدد المشاركين في المؤتمر (150 - 300) شخصية توزَّعت على جهاتٍ متنوعةٍ هي: "هيئة علماء المسلمين" السنة في العراق، وحزب البعث، وفصائل من "المقاومة المسلحة"، من ضمنها تنظيم الدولة، و"المجالس العسكرية لثوار العراق"، و"المجالس السياسية لثوار العراق"، وشيوخ عشائر.
وإن هؤلاء يمكن تصنيفهم إلى فئتين: (إسلامية) وعَلمانية:
- أما الأولى فهي ما يُعرَفُ بعلماء المسلمين يتزعمهم الشيخ عبد الملك السعدي أكبر علماء العراق، وتنظيم الدولة وبعضُ مَن وَصف نفسَه بالإسلامي اسماً لا معنىً.
- وأما الثانية فتمثلت بفصائل حزب البعث، وضباط الجيش السابق وشيوخ العشائر.
ولقد وحد الجميع رغم اختلاف مشاربهم العمل على إسقاط حكومة المالكي فضلاً عن شعارات أخرى ظاهرها الرحمة والخير، وجوهرها الشر والمتاجرة بآلام الناس. والعجيب أن الجميع يدعو إلى دولة مدنيةٍ وإعداد دستور جديد وانتخاباتٍ (حرة ونزيهة) بإشراف الراعية لإذلال المسلمين ونهب خيراتهم عقوداً من الزمن: الأمم المتحدة... فلقد تواتر ذلك عن معظم العلماء وشيوخ العشائر وسائر السياسيين، باستثناء تنظيم الدولة المتسرع في إعلان خلافة لم يِـَلِجْ إليها من بابها كما أمر الله سبحانه: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
والحاصل أن المدقق في هذا الحدث: المؤتمر يلاحظ أمرين هما:
الأول: الجانب الإعلامي حيث يُحاوِل (الثوارُ) النأيَ بأنفسهم عن التزام الإسلام عقيدة ونظاماً، أو السَّعيِ لتطبيقه في واقع الحياة، لرفع شأن المسلمين وإزالة الحَيفِ عنهم جراء مبادئ الكفر الديمقراطية والعلمانية ومنطق الحداثة المزعوم. هذا من جانب، ومن جانب آخر يتعهدون (للمجتمع الدولي) بأنهم ينسِجون على مِنوَالهِ، ولن يخرجوا عن مخططات "سايكس - بيكو" وأن (مصالح) الغرب لا خوف عليها..! يستدرون بذلك الدعم والتأييد متناسين أن واهِبَ ذلك هو الله عز وجل: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
والثاني: موافقة الأردن على عقد مؤتمر كهذا على أرضها، والذي يعني تأييد (الثوار) ضد حكومة المالكي، ولذلك دلالات مهمة أيضاً ومنها:
الأولى: أن أوروبا وفي مقدمتها بريطانيا عدوة الإسلام والمسلمين ضالعة في هذه الثورة لاسترجاع نفوذها السابق عبر أدواتها حزب البعث والفصائل المسلحة وبعض علماء أهل السنة لقلة وعيهم أو انعدامهِ... ولهذا الوجه قرائنه وأدلته.
الثانية: أن تكون أمريكا بالتعاون مع بريطانيا قد أعطت الضوء الأخضر لعَمَّانَ لاستضافة المؤتمر... ولذلك شواهده وقرائنه: كتراخي أمريكا في نجدة أزلامها في العراق، وعدم جديتها في إسعاف حكم المالكي الذي انحسر إلى المنطقة الخضراء أو أبعد من ذلك قليلاً، وقد صرح سياسي عراقي مستقل في عمان لـ«الشرق الأوسط» عن يقينه «بوجود مباركة أميركية لهذا الاجتماع وإلا كيف يمكن أن ترعى المملكة الأردنية مثل هذا الاجتماع اليوم، بينما كانت عمان ترفض قبل شهر توجيه أي هجوم إعلامي لحكومة المالكي».
الثالثة: تكرار السيناريو السوريّ في عقد المؤتمرات والمراهنة على الزمن لحين إنضاج حَلٍّ يحفظ (مصالحَها) وماءَ وجهها، وخلال ذلك لا تلجأ إلى ترجيح إحدى الكفتين على بعضها بل تـَعِدُ هؤلاء ِوهؤلاء بوعود لا يتحقق إلا القليل منها كوعد الشيطان لأوليائه بالنصر والتمكين كذباً: ﴿وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾، وخلال ذلك يكون الثوار تحت النظر تتخير أقرَبهُم مَودَّةً لها، ولحين الخروج من الأزمة السورية، ولقد سبقت الإشارة في تعليق سالفٍ إلى مثل هذا الكلام، والله تعالى أعلم وأقدر على نجدة أمة الإسلام بتأييد المخلصين من أبنائها الساعين إلى استئناف الحياة الإسلامية بحوله وقوته سبحانه، وإقامة دولة الخلافة الحَقـَّة على منهاج النبوة حيث بشر صاحبها عليه الصلاة والسلام بقوله: «أنَّ النصْرَ مع الصَّبر، وأنَّ الفرَجَ مع الكـَرْب وأنَّ مع العُسْر ِيُسْراً».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو زيد
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية العراق