مع الحديث الشريف باب شدة الزمان
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه في "باب شدة الزمان".
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا طلحة بن يحيى عن يونس عن الزهري عن أبي حميد يعني مولى مسافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَتُنْتَقَوُنَّ كَمَا يُنْتَقَى التَّمْرُ مِنْ أَغْفَالِهِ فَلْيَذْهَبَنَّ خِيَارُكُمْ وَلَيَبْقَيَنَّ شِرَارُكُمْ فَمُوتُوا إِنْ اسْتَطَعْتُمْ".
قوله: (لتنتقون) على بناء المفعول والواو مضمومة والنون ثقيلة (من أغفاله) قد جاء الفعل بضمتين بمعنى المجهول وبالفتح بمعنى التكثير الرفيع والمعنيين نوع مناسبة بالمقام، والله أعلم بالمرام قوله: (فموتوا) أي: إذا تحقق ذلك فموتوا يريد أن الموت خير حينئذ من الحياة فلا ينبغي أن تكون الحياة عزيزة.
هذا الحديث يشبه حديث "يأتي بين أيديكم زمان يوشك أن يغربل فيه الناس غربلة، حتى لا يبقى إلا حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا"، رواه أبو داود في سننه.
وهنا «لتنتقونَ كما يُنتقى التمرُ من أغفاله»؛ يعني من رديئه. الأغفال جمع غُفْل، والغُفْل من الناس كل من لا خير فيه، وكذلك من الأطعمة الغفل الشيء الرديء. «وتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله »؛ يعني بالموت، فـ«يذهب الصالحون الأول فالأول».
والجملة الثانية من الحديث "وليذهبن خياركم ويبقى شراركم فموتوا إن استطعتم"، مفسرة لما قبلها. ولعلنا نقف على حال المسلمين هذه الأيام وقد أصبحوا أيتاما لا أم لهم ترعاهم، لا خلافة لهم فتلم شعثهم أيتاما بلا رعاية، فتناوشتهم أيادي الكفر من كل الجهات قتلا وظلما وقهرا، حتى صارت الصورة بالأحمر القاني. نقف على حال المسلمين لا لنبكي هذا الحال، ولا لنقف على الأطلال، بل لنصف الواقع وخطورته.
فبعد أن عجزت الأنظمة العميلة ومن ورائهم الغرب من القضاء على الإسلام ومحوه من صدور المسلمين، وبعد أن بدأت الصحوة الإسلامية تعمّ أوساطهم بل وأرجاء الأرض، فقَدَ الغرب توازنه وبدأ بشنّ حرب بلا هوادة على هذه الأمة الكريمة.
أيها المسلمون:
"لتنتقونَ كما يُنتقى التمر من أغفاله"، إنها الغربلة والانتقاء، فبعد أن أصبحت كلمة الحق عزيزة لأن قائلها سينتقى من غُفْلِهِ، وبعد إعلان القانون الأمريكي اليوم "من ليس معنا فهو ضدنا" سارعت الأنظمة في العالم الإسلامي إلى تقديم التسهيلات والمساعدات للصليبيين في حملتهم، ومن هذه المساعدات استباحة بعض دماء المسلمين وانتهاك كرامة البعض الآخر وحبسهم والحجر على أموالهم. هكذا أصبح الغرب يختار المسلمين. بعد أن قسمهم إلى مسلم صالح ومسلم غير صالح، فأعمل فيهم سياسة الانتقاء. فالمسلم الذي يسير وفق المنهج الأمريكي مسلم صالح يستحق الحياة، فيفتح له الإعلام الباب على مصراعيه، ويخرج على الفضائيات يخاطب الملايين، وهو مسلم مرحب به مرضي عنه في كل العواصم العربية والأجنبية حتى لو كان ذا لحية ولفّة، فله ما للحكام من الخيرات والأنعام، يدخل القصور ويأكل فيها ويخرج منها بكرش ممتلئ فينطق بما ينطقون. وأما المسلم غير الصالح فهو إرهابي يجب التخلص منه بأي طريقة كانت، بالقتل أو بالسجن أو بالإقصاء أو الإبعاد فهم الأعداء.
أيها المسلمون:
لقد ضاقت الأرض على المسلمين بما رحبت، فأين يذهبون؟! والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم: "موتوا إن استطعتم" في إشارة منه إلى بيان عظم الفتنة وخطرها والحث على تجنبها والهرب منها، فشدة الحياة وصعوبة العيش بسبب ما يلاقيه المسلمون من هؤلاء الكفار وهذه الأنظمة البائدة تدفع بالمسلمين إلى الوقوع فيها. وهنا يكون الموت أهون. فحذارِ حذارِ أيها المسلمون من الوقوع في فتنة هذه الأنظمة وهؤلاء الحكام. بل الواجب على المسلمين هنا أن لا يطيعوا الكافرين والمنافقين، وأن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وأن يعملوا على تطبيق شرع ربِّهم وسنة نبيهم من خلال إعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بها وبها وحدها يطبق القرآن.
فاللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم