الحديث الشريف باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا".
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا".
والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة، ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة، والمراد به التخويف وقد جاء لهذا الحديث سبب أخرجه سنيد في تفسيره بسند واه والطبراني عن ابن عمر خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فإذا بقوم يتحدثون ويضحكون فقال: والذي نفسي بيده فذكر هذا الحديث.
وعن الحسن البصري: "من علم أن الموت مورده والقيامة موعده والوقوف بين يدي الله - تعالى - مشهده فحقه أن يطول في الدنيا حزنه". قال الكرماني: في هذا الحديث من صناعة البديع مقابلة الضحك بالبكاء والقلة بالكثرة ومطابقة كل منهما.
لا شك أن الأمر خطير خطير..فأهوال يوم القيامة عظيمة تستحق الوقوف على تفاصيلها، فكم من المسلمين اليوم يقف على تفاصيل التافه من الأمور؟ وكم منهم يقف عند عناوين تافهة مثل متابعة مونديال كرة القدم، وأسماء اللاعبين وأعمارهم وأسماء النوادي التي تقلّبوا فيها، بل وأحجام أحذيتهم، ومثل متابعة آخر الصيحات في عالم الأزياء ومراقبة الفنانين والفنانات في حياتهم الفنية والشخصية وغير ذلك الكثير الكثير من أمور الدنيا التافهة بل المحرمة أحيانا. لكنهم لم يكلفوا أنفسهم أن ينظروا إلى ما بعد حياتهم هذه، لم يكلفوا أنفسهم مراجعة حساباتهم في أمر الآخرة، "أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون".
لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة كما علم رسولهم - صلى الله عليه وسلم - لضحكوا قليلا ولبكوا كثيرا... لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة لما أوقفوا حياتهم على أمور دنياهم، ولما اكتفوا منها ببناء البيوت الفارهة أو ركوب السيارات الفاخرة...
لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة لما أوقفوها على الزواج والإنجاب ولا على جمع الأموال...
لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة لتأثروا بحال أمتهم... ولبكوا أطفال المسلمين ونساءهم وشيوخهم...
لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة لأنقذوا أمتهم من بين فكاك الغرب الكافر الذي يعمل ليل نهار لإغراقها في مستنقعات التخلف الفكري والحضاري الساقط...
لو يعلم المسلمون من شأن الغيب والآخرة لما قعدوا عن العمل مع العاملين لإعادة مجد الإسلام، الخلافة الثانية على منهاج النبوة.
فاللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، وتغرس فيهم مخافته وتقواه، والتفكر في الأمور العظام، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم