مع الحديث الشريف الله ثالث الشريكين ... ما لم يخن أحدهما صاحبه!!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نُحَيِّيكُمْ جَمِيعًا أيها الأَحِبَّةُ الكِرَامَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, نَلتَقِي بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرنَامَجِكُم "مَعَ الحَدِيثِ النَّبوِيِّ الشَّرِيفِ" وَنَبدَأ بِخَيرِ تَحِيَّةٍ وَأزكَى سَلامٍ, فَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ:
رَوَى أبُو دَاودَ فِي مُسنَدِهِ عَنْ أبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام : «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: أنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَخُنْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَينِهِمَا».
الأحكَامُ المُستَنبَطَةُ مِنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ:
1. الشَّرِكَةُ عَمَلٌ مُبَارَكٌ.
2. خِيَانَةُ الشَّرِيكِ حَرَامٌ.
3. إذا خَانَ أحَدُ الشَّرِيكَينِ شَرِيكَهُ مُحِقَتِ البَرَكَةُ. أي نُزِعَتْ وَأُزِيلَتْ كُلُّهَا بِشَكلٍ كَامِلٍ.
4. الشَّرِكَةُ لا تَكُونُ إِلاَّ بَينَ بَدَنَينِ أو أكثَرُ.
الشَّرِكَةُ عَقدٌ بَينَ اثنَينِ فَأكثَرُ, يَتَّفِقُونَ فِيهِ عَلَى القِيَامِ بَعَمَلٍ مَالِيٍّ بِقَصدِ الرِّبْحِ, فَالشَّرِكَةُ عَمَلٌ مُبَارَكٌ, يُبَارِكُ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مَا دَامَ الشَّرِيكَانِ مُتَّفِقَينِ مُتَعَاوِنَينِ فِيمَا بَينَهُمَا, كُلٌّ مِنهُمَا أمِينٌ عَلَى مَالِهِ وَمَالِ شَرِيكِهِ, وَيُحِبُّ كُلُّ شَرِيكٍ لِشَرِيكِهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ, لَيسَ هَذَا فَحَسْبُ, بَل يُؤثِرُ أي يُفَضِّلُ كُلٌّ مِنهُمَا شَرِيكَهُ عَلَى نَفسِهِ, فَإِذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ بِهَذِهِ المُوَاصَفَاتِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُبَارِكُ فِي هَذِهِ الشَّركَةِ.
وَقَدْ يُفَكِّرُ بَعضُ الشُّرَكَاءِ بِخِيَانَةِ شَرِيكِهِ, أو يُبَاشِرُ الخِيَانَةَ, أي يَقُومُ بِهَا فِعْلاً, فَيَخُونُ الشَّرِيكُ شَرِيكَهُ طَمَعًا فِي أخْذِ مَالِهِ, فَيأخُذُ مَالاً لَيسَ مِنْ حَقِّهِ أنْ يَأخُذَهُ. وَإِنَّ وُجُودَ مِثْلِ هَؤُلاءِ الشُّرَكَاءِ فِي المُجتَمَعِ أمْرٌ طَبِيعِيٌّ؛ لأَنَّ المُجتَمَعَ لَيسَ مُجتَمَعًا مِنَ المَلائِكَةِ الَّذِينَ لا يَعصُونَ اللهَ مَا أمَرَهُمْ, وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ, بَلْ هُوَ مُجتَمَعٌ بَشَرِيٌّ فِيهِ المُؤمِنُ وَالكَافِرُ, وَفِيهِ الأمِينُ وَالخَائِنُ, وَفِيهِ الصَّالِحُ وَالفَاسِدُ, قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ).
( سورة ص 24) وَالخُلَطَاءُ هُمُ الشُّرَكَاءُ.
وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ تَعَالَى الخِيَانَةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ, وَمِنهَا خِيَانَةُ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ, فَإِذَا خَانَ أحَدُ الشَّرِيكَينِ شَرِيكَهُ مُحِقَتِ البَرَكَةُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: أنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَخُنْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَينِهِمَا, وَدَخَلَ الشَّيطَانُ». وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ اللهِ عَلَى الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا». وَمَعنَى "يَتَخَاوَنَا": أي يَتَّهِمُ كُلُّ شَرِيكٍ شَرِيكَهُ بِالخِيَانَةِ.
وَمِنَ الأدِلَّةِ القُرآنِيَّةِ عَلَى تَحرِيمِ الخِيَانَةِ عُمُومًا قَولُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ. وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ). (الأنفال 27) وَمَعنَى كَلِمَةِ "فِتنَة" الوَارِدَةِ فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ أي: ابتِلاءٌ وَاختِبَارٌ وَامتِحَانٌ. وَمِنَ الأدِلَّةِ القُرآنِيَّةِ عَلَى تَحرِيمِ الخِيَانَةِ أيضًا قَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ). (الأنفال 58)
احبتنا الكرام: نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي - ولاية الأردن