فقرة المرأة المسلمة - نصائح للآباء والأبناء - مسلمة وأم سدين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
العائلة في الإسلام قلعة الله في الأرض وضع لها سبحانه أحكاماً تفصيليةً في تنشئتها وزيادة أفرادها، وتربيتهم وطاعتهم، وفي كل أمرٍ يتعلق بحفظ عائلة متماسكةً متحابةً متفاهمة.
الزواج هو أصل العلاقات التي تنشأ عن اجتماع النساء والرجال ، فإذا لم يحصل الزواج لا تحصل أبوةٌ ولا بنوةٌ ولا أمومةٌ ولا غيرها, ومن هنا كان الزواج أصلها.
ولمـا كان الزواج هو حجر الأساس في إنشاء العائلة ، وبناء الهيكل العائلي هم الأبناء، فقد حافظ الله على دوام اعتبار الوالدين الأساس في العائلة وأن يكون الإكرام الدائم والطاعة الدائمة واجبةٌ على الأبناء لآبائهم.
ولأهمية هذا الكيان ، ولسعادة أهل هذه القلعة ، كان لا بد من توجيه نصائح لأهل هذه القلعة عل فيها الخير وما يساهم في تحقيق الطمأنينة والهناءة والسعادة لأهلها .
لذا سيكون لنا نصائح ووقفات ، نوجهها للآباء والأبناء ، لاستمرار هذا التماسك ، ولتحقيق غاية السعادة والهناء.
وسأوجه نصحي بدايةً للأم والأب ، وسأذكر كليهما بأحكامٍ شرعها الله حين شرع الزواج لكليهما ، حتى يكون هذا البناء متماسكاً قوياً ، لا يتأثر بحالةٍ بل دائمٌ دوام حياة أفرادها.
وهذه الأحكام جاءت في اختيار الزوج لزوجته واختيار الزوجة لزوجها ، فعلى كلا الطرفين أن يدركا أن الغاية من الزواج هو بقاء النوع البشري ، وعليهما أن لا يغفلا أنهما باختيارهما هذا ، يختار كلٌ منهما أمٌ لأبنائه ، وأبٌ لأبنائها .
فوجب عليهما تقوى الله حين الاختيار، ومن فضل الله علينا أنه أرشدنا ووجهنا في هذه المسألة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً )
وقال للمرأة عند اختيار زوجها : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير )
لذا وجب على كلا الطرفين حسن اختيار الطرف الآخر ، كيف لا وقد حث الشرع حثاً عظيماً على الأخذ بالأسباب لإيجاد الولد الصالح ؛ لأن الله تعالى أخبر أن الأولاد الصالحين المتابعين على الإيمان يكونون مع والديهم في منزلةٍ واحدةٍ في جنات النعيم، فضلاً منه ورحمة.
قال تعالى:{ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كل امرئٍ بما كسب رهينٌ } , وتزداد الأهمية إذا علمنا أمر الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة }
ونأتي الآن إلى أبنائنا الأعزاء
ولدي العزيز :
دعني أتلو عليك قوله تعالى في وصيته للإنسان بأبويه :{ ووصينا الإنسان بوالديه }وأيضاً { أن اشكر لي ولوالديك }وآية: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا }
ودعني أذكرك بضعف المخلوق الذي حملك في بطنه ، مخلوقٌ ضعيفٌ في طبيعته والذي ارتضى أن يزداد ضعفاً ويتحمل عبئاً على ضعفٍ استجابةً لفرض الله بالإنجاب, قال تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهنٍ } وبالرغم من ذلك فقد بقيت ملتصقاً بهذا المخلوق والتي هي أمك بعد الولادة عامين : { وفصاله في عامين }
وأذكرك بأن خروجك من بطن أمك ليس إنهاءً لآلامها ومشقتها في حملك ووضعك، لأن لفظة { وفصاله } تعني أن الولد المولود تبقى علاقته بأمه كما كانت علاقته قبل الولادة، وواجبات أمه وهو رضيعٌ كواجباتها وهي حامل، ومشقتها وآلامها وصعوبة عيشها وهو جنينٌ كمشقتها وآلامها وصعوبة عيشها وهو رضيع , فحمل الوهن على الوهن ينتهي بانتهاء فترة الرضاعة ولا ينتهي بالولادة.
هذا التذكير بواقع أمك المفروض عليها، هو وصفٌ لعملٍ ضخمٍ ليس بمستوى الأعمال العادية بل هو أهم غايات وأعمال المرأة في الحياة.
وهو فوق ذلك رسالتها التي تؤديها بإتقان ، ولذلك وجب علي تذكيرك بهذا كله حتى تعي دائماً أنك تطيع الله وأنت قوي ، بينما أمك أطاعت الله في تحمل مشقةٍ فوق مشقةٍ وهي أساساً في عجزٍ طبيعيٍ عن القيام بأمور الحياة ومواجهتها وحدها.
وهذا التذكير الدائم تذكيرٌ بضعف أمك الدائم قبل الحمل وأثناءه وبعد الوضع وفي الرضاعة وبعدها، وبيانٌ لك أن أمك ضعيفةٌ لا تستطيع أخذ حقها منك بالطاعة، فعليك حتى تكون باراً بها ، وأن تحرص أشد الحرص أن لا تبخس لها حقاً ولا تستهين بالقليل القليل من التفريط في حقها منك بالبر , وأنها قد لا تقوى بسبب حبها أن تطالب بحقها في البر منك ، ولكنه سبحانه لا ينسى تفريطك في حقها.
فهذا التذكير في الحقيقة تذكيرٌ بواجب وفرض البر بالأم خوفاً على حقها من الانتقاص بسبب ضعفها الطبيعي الـذي فطرها الله عليه , ولأن الله خلقها هكذا هينةً لينةً ضعيفةً متعاطفةً تتجاذبـها الظروف.
وفي الختام أقول
إن الوصية بالوالدين والتذكير بإعجاز الله في ولادة الإنسان من أضعف الطرفين في الزواج وهو الأم ، له سببٌ كبيرٌ جداً وغايةٌ من أكبر الغايات المفروض على الإنسان إنجازها، ألا وهو واجب إنشاء عائلةٍ ورعايتها , إنشاء عائلةٍ جديدةٍ في الحياة ليس فرضاً شرعياً يعاقب تاركه بالنار والعذاب، بل جعله مهمةٌ أساسيـةٌ في الحياة تستوجبها الحياة الطبيعية ويحتمها العيش الهنيء. وقد خصها سبحانه وتعالى بلفت نظر الأبناء على عظيم تضحيتها ليكون في ذلك أيضاً تذكيرٌ للمرأة بكبير ثوابـها على تصبرها في القيام بمسؤوليتها الأساسية في الحياة بنفسٍ راضيةٍ طائعةٍ هانئةٍ بحكم الله , إن الإنسان يستطيع قضاء حياته من دون زوجةٍ وأطفالٍ ولكن هذه الحياة لا يمكن استكمال عناصر السعادة فيها دون زواجٍ وأولادٍ أي دون عائلة.
ولهذا من أجل العائلة وصيانتها وتسييرها في الطريق الذي تتحقق فيه غاية الإنسان بالسعادة والهناء وضعت أحكام العائلة في الإسلام.
وإلى لقاءٍ آخر في الأسبوع القادم إن شاء الله ، مع نصائح مفيدةٌ ونافعةٌ بإذن الله
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
والسلام عليكم ورحـمة الله تعالى وبركاته