إيران إلى أين..؟ (2)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
\n
\n
السياسة الخارجية للنظام الإيراني:
\n
ما قبل الثورة الخمينية، أي عام 1979م، كانت سياسة شاهنشاه إيران توافقية مع محيطه العربي والإسلامي إلى أبعد الحدود، وكانت إيران تمثل شرطي المنطقة وخصوصًا في الخليج العربي، وهذا لا يعود لحكمة حكام إيران ولا لدول المنطقة، بل لأنهم يأتمرون بأمر سيدهم المستعمر القديم الإنجليزي وأوروبا، وبما يخدم مصالح أوروبا وأمريكا، وللعلم فإن أمريكا ظهر تأثيرها العالمي على السياسة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وسيادة الدولار الأمريكي، فأصبحت حيث استوطن الدولار تتدخل لحمايته وإيجاد مشاريع استثمارية له، فأصبح الصراع السياسي على إيران وكل الشرق الأوسط على أشده، وخصوصًا مع ازدياد الحاجة والطلب على البترول والغاز وبقية المعادن والمواد الخام، فأخذت أمريكا تعمل على إزعاج وخلخلة حكم الشاه، فوجدت في رجل الدين الخميني ضالتها وكان قد عوقب بالطرد للعراق، وحيث إن هناك توافقًا بين إيران والعراق، فقد عمدت في السنوات الأخيرة لما قبل الثورة إلى ترحيله إلى فرنسا، وبعد ذلك اشتد أوار الثورة وتغطيتها الإعلامية، وبأقل من عام كان الشاه قد استسلم، وأخذ يحاول إيجاد مكان لجوء له، وعند عودة الخميني على متن طائرة وإعلام يزهو منتصرًا وبحراسة قوية واستقباله من قبل ضباط في الجيش الإيراني وطائرات سلاح الجو الإيراني الحربية، هنا بدأت فعليًا السياسة الخارجية تختلف جذريًا في كل المحيط العربي والإسلامي.
وسنتناول بعض المواضيع التي تبرز الاختلاف الجذري والتوجه لتنفيذ مخططات السياسة الأمريكية وبدهاء الثعلب مع الإبقاء على العداء مع الشيطان الأكبر، حتى أصبح شعارًا إيرانيًا بامتياز:
\n
تصدير الثورة الإسلامية:
أقلق هذا الخطاب كل منطقة الشرق الأوسط على الخصوص والعالم الإسلامي على العموم، وبالفعل أخذ هذا العنوان يروج إعلاميًا لدرجة أنه لاقى ترحيبًا من الشعوب المغلوب على أمرها من حكامها، وذلك حال شعوب العالم الإسلامي بلا استثناء حتى الغنية والبترولية منها، وبالفعل عقدت مؤتمرات للحركات وبعض الأحزاب الإسلامية، وكذلك التجمعات الطلابية، ولغاية أواسط ثمانينات القرن الماضي لم يكن لسياسة إيران الخارجية أي منافس في العالم الإسلامي، وقد دعمت حركات مثل الجهاد الإسلامي في فلسطين، وحركة حماس، وحزبها في لبنان، وكثيراً من الشخصيات الإسلامية المعروفة في العالم الإسلامي، وذكرت بالخير سياسة الخميني من قبل مجلة الدعوة في مصر للإخوان المسلمين، وزار محمد عبد الرحمن خليفة المرشد العام للإخوان المسلمين في الأردن طهران، وكل ذلك ضمن الترحيب بالثورة الخمينية، وعندما أحس الحكام بخطورة السياسة الإيرانية بدأوا يحاربونها ويصفونها بدعم التطرف، حيث لم يكن آنذاك مصطلح الإرهاب قد ظهر وأخذ دوره في الإعلام، وهنا بدأ بعض الكتاب، وحتى بعض الحركات التي زارت إيران ينقلبون عليها شيئًا فشيئًا، حتى وصل الأمر حد القطيعة السياسية والدينية، ومما يذكر أن بعض المساجد بدأت بتوزيع كتاب مشهور: \"وجاء دور المجوس\"، وأصبحت العلاقات البينية مع أكثر الدول العربية وخصوصًا الخليجية منها من السوء بمكان، ولا أظن ذلك إلا لاختلاف العمالة لكلا الجهتين، فعندما كان السيد المستعمر واحدًا وجد التوافق، وعندما اختلف اختلف العملاء، وقد وصلت بين إيران وحكم البعث العربي حد الحرب الضروس وقد استمرت قرابة الثماني سنين، واليوم تتقاتل دول الخليج وإيران على أرض سوريا حربًا بالإنابة واضطرت إيران للتدخل المباشر وبحجج واهية.
\n
أمريكا الشيطان الأكبر:
أصبح هذا الشعار \"أمريكا الشيطان الأكبر\" هتافًا شعبيًا بامتياز في صلاة الجمعة وفي المظاهرات، وقد ترسخ مفهومه عند أكثرية الشعب الإيراني، وهناك شعار مماثل له وهو: \"الإمبريالية العالمية\" في الإعلام السوري أيام حافظ أسد عميلها الأكبر في الشرق الأوسط، فكان ينفذ كل ما تريد أمريكا وإعلامها، وهو يشتمها ويصفها بالإمبريالية حيث هي كلمة مذمومة، وبشكل مقذع آنذاك، ولم ينكشف لغالبية الناس والمتابعين أن إيران وأمريكا أصدقاء، وأنها أي \"إيران الخميني\" هي عميل وشرطي لأمريكا إلا هذه الأيام، وبعد تعاون أمريكا وإيران للقضاء على ثورة الشام، وبشكل علني ومفضوح للقاصي والداني؛ وحتى لمن لا يتابع السياسة العالمية والخارجية لبلاده، وفي هذه الأيام انكشف السحر، وافتضح الساحر بدعم أمريكا لإيران بمفاوضات المفاعل النووي المسماة خمسة زائد واحد.
\n
التشيع ونشره والسياحة الدينية:
عمدت الجمهورية الإيرانية على اعتماد المذهب الجعفري في دستورها لأكثرية المسلمين في إيران، وبغض النظر عن صحة الإحصائيات أو خطئها، فالموضوع بعدم جواز تبني مذهب معين للدولة، وإجبار الناس عليه، وليتهم اتبعوا مذهب الإمام جعفر الصادق رحمه الله تعالى، بل سمحوا لأسوأ علماء الشيعة أن يتقدموا الصفوف والمنابر والإعلام، ممن يسيئون للصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وفتحوا لهم منابر إعلامية من السوء بمكان لدرجة أن الإنسان لا يستطيع سماع كلامهم الممجوج والقذر، ومنه الكفر الصراح، وأخذوا يدفعون الأموال الطائلة والمنح الدراسية، وما يسمى بالسياحة الدينية للتبشير والاستمالة لمرضى النفوس إلى ما يسمى التشيع المقيت، وليتَهُ كان تفقها بدين الله تعالى وانتقالاً من مذهب إلى آخر فكل المذاهب الإسلامية الصحيحة المعتمدة والتي لا تخالف الكتاب والسنة النبوية المطهرة معتمدة عند المسلمين، ويجوز التعبد بها عند كل المسلمين، بعكس ما نرى ونسمع من أقوال وترهات علماء معتمدين عندهم لكلام تقشعر منه الأبدان، وهذا ما كشف ما تبقى من ورقة التوت الإيرانية القومية.
\n
خدمة السياسة الأمريكية المعادية للإسلام والمسلمين:
وهنا يطول الحديث والبحث، ولأنه معاصر ومعاش وبشكل يومي سنقتضب ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، فمنذ الحرب العراقية الإيرانية والتقتيل بين المسلمين مصلحة إيرانية، وكذلك هدر أموالهم وتبديدها، ثم انتقال التهديد المستمر لأمن دول الخليج التي هي ليست أحسن حالاً من إيران، وسباق التسلح الغالي الثمن والرخيص النوع، والأمر مستشر بينهم، والتبديد لأموال المسلمين ديدنهم، ثم نأتي إلى التآمر مع أمريكا في قضية تهديد الملاحة الدولية، لتتحرك أمريكا بأسطولها البحري بحجة حماية التجارة الدولية وتصدير النفط، ومن ثم إقناع دول الخليج بوجوب بناء قواعد عسكرية أمريكية ومن ثم أوروبية في الخليج والمنطقة ولمآرب أخرى ليس هنا مقام بحثها، ووصولاً إلى أفغانستان والتورط الأمريكي فيها، ومساعدة إيران على إنقاذ أمريكا منها، فقد صرح أكثر من مسؤول لولا إيران لغرقت أمريكا بمستنقع أفغانستان كما الاتحاد السوفياتي، ومن ثم أتى دور الحرب العراقية الإيرانية والتي كان دور إيران فيها مكشوفًا وبشكل صلف لما لها من نفوذ وعملاء من بعض علماء التشيع هناك، وهنا أثارت إيران الطائفية والأحقاد القومية والفارسية والصفوية وكل مصطلح ذميم شرعًا، والتصريحات لكثرتها تكاد تتواتر. وأما في ثورة الشام التي رفعت جهارًا نهارًا راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحكيم شرع الله تعالى وإقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، فقد كشرت طائفية نظام الملالي في إيران السياسية والقومية الفارسية عن أنيابها وصرحت وبكل عنجهية ودون أدنى وجل، أن سقوط سوريا يعني نهاية إيران من المنطقة، وهنا نقول: إن قراءتهم القومية والطائفية والسياسية الأمريكية صحيحة وبامتياز، وأن لا علاقة لأفعال النظام الإيراني بالإسلام، لا سنية ولا جعفرية الصادق رضي الله عنه وأرضاه، بل سياسة قومية وفارسية وتنفيذ أوامر سيدهم الأمريكي، الذي توعد بشار مرارًا وتكرارًا، حتى أصبحت السياسة الأمريكية أضحوكة وألعوبة في ثورة الشام، وبان عوارها وضعفها في إيجاد بديل مقبول للثوار المخلصين، وإنها ليست إلا ردات أفعال، وليست سياسة ممنهجة وسياسة ملفات، وعندما اشتد الخطب زج النظام الإيراني بجنوده وعصاباته بمن فيهم حزبها في لبنان، فكانت الكاشفة الفاضحة لإيران وحزبها اللبناني، وشعار عدائهم للإسلام والمسلمين، وعمالتهم لسيدهم الأمريكي الذي عمل على إنجاح ثورتهم ليخدموه في مثل هذه الأوقات العصيبة، فالعميل العريق يُحافظ عليه للأوقات الصعبة والحالكة، وبمثل هذا صرح وزير الخارجية الأمريكية اليهودي كيسنجر عندما اشترك حافظ أسد البعثي بتحالف أمريكي ضد دولة العراق البعثية فقال: \"لقد كشفتم أكبر عميل لنا في الشرق الاوسط\". ورغم أن حزب التحرير بوعيه السياسي كان قد كشف ومنذ 1971 عمالة حافظ الأسد لأمريكا وكذلك منذ 1981 كشف عمالة إيران لأمريكا، ولكن لا حياة لمن تنادي، وها هي الحوادث تكشف وتفضح إيران، وقد بدت وبصلف بوجهها العميل والقومي البعيد كل البعد عن الإسلام، ولكنه يستغل الغطاء الطائفي، وللعلم فإن كثيرًا من أبناء إيران المخلصين سواء أكانوا من أهل الشعية أو من أهل السنة في السجون أو في الإقامة الجبرية أو قتلوا.
وفي النهاية نقول: إن إيران تمثل الوجه القبيح لما كان عليه النظام العربي قبل الربيع العربي، وإن سياسة العنجهية والعمالة والبطش والفساد إلى زوال مهما طال الزمن، لذا لا ننتظر كثيرًا أن تقف أي من الدول العربية الحالية في وجه إيران ولا نتمنى ذلك، فسواء آل سعود أو مصر أو أردوغان كلهم يلعبون على طاولة العمالة الأمريكية وعلى المكشوف حيث يعرفون بعضهم بعضًا، فزوار المواخير يعلمون من يزورها ومن أصحابها، ولكل دوره المناط به، وبالمتابعة ينكشف الكثير مما بين السطور، وسنأتي في المقال القادم إن شاء الله على ما سمي بالمفاوضات النووية والاقتصاد الإيراني والعلاقة مع كيان يهود.
\n
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
وليد نايل حجازات
\n
\n
\n\n | \n\n |
\n
\n
\n
\n