شرح مواد النظام الاقتصادي في الإسلام- شرح المادة (154) ح30
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
شرح لمواد الدستور المتعلقة بالنظام الاقتصادي في الإسلام
من مشروع دستور دولة الخلافة (من منشورات حزب التحرير).
(ح30)
شرح المادة 154
نص المادة 154:
(الموظفون عند الأفراد والشركات كالموظفين عند الدولة في جميع الحقوق والواجبات، وكل من يعمل بأجر هو موظف، مهما اختلف نوع العمل أو العامل، وإذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجرة، يحكم أجر المثل، أما إذا اختلفوا على غيرها فيحكم عقد الإجارة على حسب أحكام الشرع.)
تبين هذه المادة: الموظف أجير، والشرع الإسلامي يعني بالأجير، كل إنسان يشتغل بأجرة، سواء أكان المستأجر فردا أو شركة أو دولة، فالأجير يشمل العامل في نوع من أنواع العمل، بلا فرق في الحكم الشرعي بين أجير الأفراد مهما دنا، وأجير الدولة وما علا، حسب أحكام الشرع فكل واحد منهم عامل، وتجري عليهم أحكام العمل، وتجري عليهم أحكام الإجارة.
فالذي يعمل لغيره في الزراعة أجير، والخادم أجير، وعمال المصانع أجراء، والمحاسبون عند التجار أجراء، ويطلق عليهم أيضا موظفون، لأن الموظف هو الذي يعمل بأجر مهما اختلف نوع العمل أو العامل.
أما إذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجر، يحكم أًجْر المثل، لأن الإجارة عقد على المنفعة بعوض، ويشترط لانعقاد الإجارة أهلية العاقدين، ورضاهما، ويشترط أن تكون الأجرة معلومة وليست مجهولة، لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا استأجر أحدكم أجيرا فليعلمه أجره) رواه الدارقطني عن ابن مسعود، ولما رواه أحمد عن أبي سعيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى تبين له أجره)، إلا أنه إذا لم تكن الأجرة معلومة انعقدت الإجارة وصحت، ويرجع عند الاختلاف في مقدارها الى أجر المثل، قياسا على المهر، وذلك لما روى النسائي والترمذي وقال حسن صحيح، عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق إمرأة منا مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود، ومعنى قوله: لها صداق نسائها أي مهر مثل مهر نسائها، فأوجب الشرع عند الإختلاف على المهر مهر المثل. ولما كان عوضا لازما يترتب على عقد النكاح، فإنه يقاس عليه، كل عوض لازم يترتب على عقد، بغض النظر عن مقابل هذا العوض، أكان مالا كالبيع أم منفعة أم جهدا كالإجارة، أم نحلة كما في عقد النكاح، وعليه فإنه يحكم فيه بأجر المثل في حالة عدم تسمية الأجر في العقد أو في حالة الإختلاف على الأجر.
فالأجرة قسمان: الأجر المسمى، وأجر المثل، أما الأجر المسمى فيشترط في اعتباره رضا العاقدين عليه، فإذا رضي العاقدان بأجرة معينة، كانت هذه هي الأجر المسمى، ولا يجبر المستأجر على دفع أكثر منها، كما لا يجبر الأجير على أخذ أقل منها، بل هي الأجرة الواجبة شرعا.
أما أجر المثل، فهو أجر مثل العمل، ومثل العامل، إذا كان عقد الإجارة قد ورد على منفعة العمل، ويكون أجر المثل، أجر مثل العامل فقط إذا كان عقد الإجارة ورد على منفعة الشخص.
والذي يقدر أجر المثل عند الإختلاف إنما هم ذوو الخبرة في تعيين الأجرة، وليست الدولة ولا عرف أهل البلد، على أساس المنفعة، سواء أكانت منفعة العامل أم منفعة العمل لأن عقد الإجارة وارد على المنفعة، فتكون هي الأساس الذي يقوم عليه تقدير الأجرة، فلا تقدر الأجرة بإنتاج الأجير، ولا بأدنى حد لمستوى عيشه بين جماعته، فلا دخل للأجير بهذين الأمرين، فإذا جرى الاختلاف على تقدير قيمة المنفعة التي قدرها الخبراء، فلا يجوز أن تقدر بالبينة او الحجة، بل يكتفي برأي الخبراء فحسب. لأنهم قد نظروا الى الشخص المماثل لذلك الأجير ولذلك العمل، ونظروا إلى الزمان والمكان بالنسبة للأجرة، لأنها تتفاوت بتفاوت العمل والعامل والزمان والمكان.
أما إذا اختلف الأجير والمستأجر على غير الأجرة، فيرجع إلى العقد ويحكم على حسب أحكام الشرع وما فيه من مواد كانا قد اتفقا عليها عند العقد.
وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق