الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

شهر رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

    و الصلاة و السلام على رسوله الكريم, و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين, و من تبعه بوعي وسار على دربه و دعا بدعوته إلى يوم الدين, و بعد أيها المسلمون:

    .... و مرة أخرى يعود علينا شهر رمضان, شهر الخير كله و الذي تتنزل الملائكة و الروح فيه, و هل من خير أعظم من تنزيل القرآن فيه, و هل من نعمة أكبر من غفران الذنوب والأجر الجزيل الذي ينتظر الصائمين و الصائمات و الحافظين فروجهم و الحافظات و الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات؟ لا و الله, لا أجر أعظم, و لا خير أكبر من ذلك ما دمنا من الصائمين الذاكرين.

   فهل الصائمون الذاكرون هم الذين يمتنعون عن الطعام و الشراب و الذين يجلسون في المساجد يسبحون الله فقط في رمضان؟

    إن الصائمين الذاكرين هم الذين يضعون الله تعالى أمامهم, فلا يقومون بأي فعل إلا و يبتغون الأجر و الثواب من الله تعالى مراعين في ذلك أوامره فقط, ولا يمتنعون عن فعل إلا لأن الله قد نهى عنه في رمضان و في غير رمضان, و لا يكتفون ببعض العبادات ناسين الخسران المبين الذي سيلحق بهم إن تخلَّوا عن أوامر الله تعالى كلها, و هذه الأوامر يجب أن تكون مجتمعة و غير منقوصة و قد جاءت قرآناً يتلى في سورة العصر: "و العصر إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر"

    و المقصود بالصالحات في هذه الآية: كل الصالحات ومنها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و التصدي للأمور الجسام التي تهم الأمة.

    و يجب أن يعلم المسلمون أن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت من الشر و معنى وسعها: كل وسعها.

   و يجب أن يتيقن الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و منها مصارعة الظلمة أن الله تعالى سينصرهم في نهاية المطاف و سينجيهم من عذابه, و سيلحق العذاب الشديد بالظلمة و الساكتين عن قول الحق كما قال الله تعالى في أهل القرية, قرية الصيادين و الذين ابتلاهم ربهم بابتعاد السمك عن شاطئهم أيام الأسبوع و بقربه منهم يوم السبت حيث قال الله تعالى فيهم:"و اسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعاً و يوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون" فنجى الله الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر و ألحق العذاب بالظالمين, فقال الله تعالى فيهم: "فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء و أخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون".

    أما ما يظهر على المسلمين بشكل بارز في رمضان من إقبال على الصيام و القيام و الصلاة و التوبة و أعمال البر و صلة الأرحام و غيرها من أفعال الخير لتملأ القلب فرحاً و خاصة أن الناس يقومون بذلك قربى إلى الله فجزاهم الله خيراً على هذه الطاعات. و لكن مما يحزن القلب أن هذه الأعمال تتوقف بعد رمضان عند بعض المسلمين. ترى ما هو السبب في ذلك؟ هل هناك رب لرمضان غير رب شوال و شعبان؟ أم أن هناك أمراً خطيراً لم يتنبه المسلمون إليه, جعل العبادة تقتصر على رمضان و تتلاشى بعد رمضان؟

    و هذه هي طريقة الغرب الكافر بالعيش و النظر للدين و الدنيا فيفصل الدين عن الحياة, فتعوّد المسلمون على إقامة حياتهم على قوانين الربح و الخسارة و المصلحة, و كذلك الاقتصار على العبادات و لكنهم يُغلّبون في رمضان أمور دينهم على دنياهم, و هذا الفصل بين الدين و الدنيا قد طرأ على المسلمين منذ سقوط الخلافة و احتلال الكفار لبلاد المسلمين و ما تبعه من احتلال فكريّ, فانصاع المسلمون لثقافة الاستعمار فعندما تطلب من شخص أن يتقي الله و يعود إليه في كل صغيرة و كبيرة, يقول لك ها هو رمضان قادم و هو شهر التوبة و شهر الطاعات, و حتى إذا أراد أن يترك التدخين أجل ذلك إلى رمضان, و كذلك زكاة الأموال فتجد من يؤجلها عن موعدها إلى رمضان و هكذا.

   إن الله تعالى الذي طلب منا العبادة في رمضان هو نفسه الذي طلب العبادة في غير رمضان, و هو نفسه الله تعالى الذي طلب منا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر, و طلب العمل لإقامة حكم الله في الأرض, و هو نفسه الذي نهانا عن موالاة الكفرة و الظالمين و علماء السوء و الفضائيات الذين يروجون للكفار مفاهيمهم من فصل الدين عن الحياة و ذلك من خلال المؤتمرات و الندوات و التي يسرف عليها الأموال الطائلة في عواصم بلاد المسلمين و بإشراف من الحكام العملاء الذي تنكبوا طريق الصواب, مثل مؤتمرات حوار الأديان و مؤتمرات المرأة و مؤتمرات الوسطية و غيرها من مؤتمرات الشر.

    أيها المسلمون:

إن فصل الدين عن الحياة حرام شرعاً و قد يؤدي إلى الكفر و العياذ بالله, و اعلموا أن هذه الحملات و الدعوات لم و لن تتوقف إلا إذا جاء من يقف بوجهها بقوة و حزم, و ينشر بالمقابل رسالة الإسلام كما جاء من عند الله رسالة هدى و نور إلى العالم, و لن يكون أجدر من دولة الخلافة لهذه المهمة التي فيها عزنا و رفعة ديننا و قبل كل شيء رضا الله سبحانه و تعالى.

    فإلى العمل الجاد المخلص من أجل إيجاد هذه الدولة أدعوكم أيها المسلمون. "يا أيها الذين امنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم و اعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه و أنه إليه تحشرون* و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة و اعلموا أن الله شديد العقاب" صدق الله العظيم.

و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع