الأربعاء، 02 صَفر 1446هـ| 2024/08/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

سلوكياتنا بين العادة والعبادة-ح4-الألعاب النارية

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا العظيم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،،
حياكم الله مستمعينا مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ،،
ونقدم لكم من أستوديو البث المباشر لإذاعة المكتب الإعلامي ::
حلقة جديدة من حلقات "سلوكياتنا بين العادة والعبادة "

حديثنا اليوم سيكون عن ظاهرة باتت شائعة في مجتمعنا ألا وهي إطلاق الألعاب النارية في أفراحنا ومناسباتنا، فالمناسبات السعيدة والألعاب النارية إثنان لا يفترقان٬ هذا ما يدل عليه الوضع الراهن على الأقل! فما أن تحل مناسبة سعيدة (زفاف- نجاح) حتى تنطلق الصواريخ النارية بألوانها الزاهية وأصواتها الصاخبة إلى عنان السماء، لا شك أن لهذه الصواريخ تأثيراً سحرياً خاصاً وإلا لما استخدمها الناس بهذه الكثرة وهذا الجنون! لكن هل سألت نفسك يوماً ما الذي ينطلق إلى السماء ليصنع تلك الإستعراضات المدهشة؟ ما هي هذه المفرقعات؟وكيف يعمل هذا السحر؟

 

مستمعينا الكرام
إن الألعاب النارية هي مفرقعات أو متفجرات ضعيفة الانفجار نسبياً تصنع من مواد كيميائية تتفاعل وتتحول إلى غازات ولهب، شديدة الاشتعال وتنتج نتيجة اشتعالها العديد من الألوان ويتم التحكم بدرجة وتنوع هذه الألوان حسب نوع المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة المفرقعات.

تعتبر ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا، ورغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب فإن بيعها ما زال منتشرا بلا رقيب، حيث يقوم بائعوها بتوفيرها وترويجها لمن يرغب فيها، خاصة مع الاحتفال بالأعياد والمناسبات الأخرى كالأفراح والنجاح وما شابه. كما أن استخدام الألعاب النارية أصبح عادة سلوكية سيئة عند بعض الأطفال تلحق الأذى بالآخرين وتعكر حياتهم مما يقوض راحة الناس وسكينتهم ويثير الرعب والفوضى في الشوارع والأسواق، خاصة في الأماكن المزدحمة، كما تؤدي إلى ترهيب الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات التي تسبب لهم الهلع والخوف والانزعاج وبالتالي تترك آثارا نفسية عليهم.

كما أن استهلاك آلاف الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات، خاصة في شهر رمضان المبارك وخلال الأعياد والمناسبات والأيام التي تليها وترويجها المتواصل في الأسواق يؤدي إلى استهلاك وتبذير كميات كبيرة من دخل الأسر التي تعاني أصلا من ضائقة مالية وبالتالي يؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد العام.

 

أيها الإخوة الكرام
للحد من هذه الظاهرة أرى أن تتكاثف الجهود بين جميع أفراد المجتمع فالأسرة لها دورها في توعيتها بمخاطر الألعاب النارية على أبنائها وتقوم بتوضيح ذلك لهم، وتوجيه الأطفال بالابتعاد عن استخدامها وعدم تداولها بينهم، كما أنه يقع على الأسرة دور متابعة أبنائهم وردعهم عن استخدام هذه الألعاب ومحاسبتهم على كيفية إنفاق النقود التي تعطى لهم والمراقبة الدائمة على مشترياتهم.

كما يلعب المعلمون دورا مهما في توعية الطلاب وأولياء أمورهم بمخاطر الألعاب النارية وما تشكله من تهديد حقيقي لا يستهان به لحياتهم، وذلك عبر الوسائل التربوية المتاحة لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة وإبراز المخاطر والمآسي التي تجلبها لأطفالنا وما لها من أضرار على الأنفس والممتلكات والأموال، ويتم ذلك عن طريق تثقيف الطلبة وتقديم النصح والإرشاد لهم حول تلك المخاطر من خلال الإذاعة المدرسية اليومية ومن خلال التفاعل الإيجابي بين المرشدين التربويين والطلبة وتوزيع النشرات التعريفية والإرشادية، وعمل المحاضرات بهدف المساعدة في توصيل الرسالة حول مخاطر استخدام الألعاب النارية.

ولا ننسى دور وسائل الإعلام بحيث تقوم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بتوعية المجتمع بمخاطر وسلبيات استخدام الألعاب النارية، خاصة من خلال برامج التلفاز الذي يجب أن يكثف بين كل فقرة وأخرى مادة إرشادية عن مخاطر وعواقب استخدام هذه الألعاب.

ونظرا لدور الدين الكبير في الحد من كافة الظواهر السلبية فلا بد لأئمة المساجد من طرح مخاطر الألعاب النارية في خطب الجمعة ومن خلال الندوات التي تعقد بين فترة وأخرى وتوضيح موقف الشرع من ذلك على مختلف الصعد.

فإطلاق الألعاب النارية والرصاص في الأعراس يترتب عليه إيذاء الناس وإزعاجهم إزعاجاً شديداً وخاصة إذا أطلقت في ساعات الليل المتأخر ومن المعلوم شرعاً أنه لا يجوز إيذاء المسلم سواء كان الإيذاء معنوياً أو مادياً. وقد وردت نصوص كثيرة تحرم إلحاق الأذى بالناس ونصوص أخرى تحث على ترك إيذاء عباد الله، فمن ذلك ما جاء في الحديث ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ:"‏ ‏مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ" رواه البخاري. فهذا النهي الوارد في الحديث يعم كل أذى فلا يجوز إلحاق الأذى بالجار سواء أكان الأذى مادياً أو معنوياً.

 

أيها الإخوة الكرام
قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: [للوسائل أحكام المقاصد فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل] فوسيلة المحرم محرمة، أي إن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، فإيذاء الناس حرام فما أدى إليه فهو حرام، وإلحاق الضرر بالنفس حرام، فما أدى إليه فهو حرام، وترويع الناس وإخافتهم حرام، فما أدى إليه فهو حرام.

فلا يخفى على أحد أنّ إطلاق الألعاب النارية يترتب عليه ترويع الناس وإخافتهم وخاصة الأطفال وبالتحديد النيام منهم ومن المقرر شرعا أنه يحرم على المسلم أن يروع أخاه فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (‏لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ ‏ ‏ يُرَوِّعَ ‏ ‏مُسْلِمًا" رواه أبو داود وأحمد والطبراني وصححه الشيخ الألباني.
أضف إلى ذلك أنّ استعمال الألعاب النارية قد يلحق الضرر والأذى بمستعمليها وخاصة الأطفال منهم، وكم سمعنا عن حالات فقد فيها الأطفال أصابعهم ولحقت الإصابات بأعينهم وبقية أجسامهم.

ويضاف إلى ذلك ما يترتب على إنفاق المال في شراء الألعاب النارية من إثقال لكاهل العائلة من نفقات لا حاجة لها، والذي يعتبر إنفاقاً للمال فيما لا ينفع ويعد من باب إضاعة المال وقد نهانا الله جل جلاله عن إضاعة المال كما ثبت في الحديث ‏عَنْ ‏ ‏الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ:"‏ ‏إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ" رواه البخاري ومسلم، قال الإمام النووي [و (( إضاعة المال )) : تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا ، وترك حفظه مع إمكان الحفظ ، و (( كثرة السؤال )) : الإلحاح فيما لا حاجة إليه] شرح النووي على صحيح مسلم

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني:
[ قوله: (وإضاعة المال) تقدم في الاستقراض أن الأكثر حملوه على الإسراف في الإنفاق, وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام, والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواء كانت دينية أو دنيوية, لأن الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد, وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح, إما في حق مضيعها وإما في حق غيره] فتح الباري

وبناءً على ما سبق يجب تضافر جميع الجهات المسئولة للقضاء على هذه الظاهرة، ولا بد للجهات الصحية من إصدار النشرات التي تبين أضرارها وواجب وسائل الإعلام وكذا أئمة المساجد في خطب الجمعة وغيرها بيان مخاطرها وأضرارها ويجب على الأسرة أن تثقف أطفالها حول مخاطر هذه الألعاب وكذلك المدارس لها دور في محاربة هذه الظاهرة، فإذا تكاتفت جميع الجهود يرجى تحقيق القضاء على هذه المفسدة في مجتمعنا.

وفي الختامِ أُحيِّيكُم مستمِعينَا الكرام وإلى لقاءٍ آخرَ وسلوك آخر نضعه على الميزان والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُهُ

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع