الأربعاء، 02 صَفر 1446هـ| 2024/08/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

ذل من لا سيف له

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ) رواه مسلم

 


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْإِمَامُ جُنَّةٌ ) أَيْ : كَالسِّتْرِ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ ، وَيَتَّقِيهِ النَّاسُ وَيَخَافُونَ سَطْوَتَهُ ، وَمَعْنَى " يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ " أَيْ : يُقَاتَلُ مَعَهُ الْكُفَّارُ وَالْبُغَاةُ وَالْخَوَارِجُ وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَادِ وَالظُّلْمِ مُطْلَقًا ، وَالتَّاءُ فِي ( يُتَّقَى ) مُبْدَلَةٌ مِنَ الْوَاو لِأَنَّ أَصْلَهَا مِنَ الْوِقَايَةِ . كتاب الإمارة بصحيح مسلم

 

أيها الصائمون:
إن الناظر لحال المسلمين اليوم يبكي دماً على الفرقة والشتات والذلّ الذي تتجرعه الأمة صباح مساء, فأصبحت الذئاب تعدو على من لا كلاب له, وما استأسد البغل إلا لما خبت رؤوس الضياغم.

 

ولما فقدت الأمة جُنّتها وحاميها وساترها, من تقاتل من ورائه وتتقي به الكفار والبغاة, من يتقيه الناس ويخافون سطوته, لما فقدت كل ذلك وهو خليفتها, طمع الطامعون وكاد لها الكائدون بل استباحوا بيضتها فقتّلوا رجالها واستحيوا نساءها, وساموها سوء العذاب, لذلك قال الحكماء سابقاً: ذل من لا سيف له..., وقالوا: السيفُ أهولُ ما يُرى مسلولاً.

 

فلو كان للأمة سيف (خليفة) مسلولاً ما تجرأ أحد عليها بل وفكّر مليّاً أن يمس شعر مسلم أو مسلمة في جنبات الأرض وبقاعها.

ذكر أبو زكريا أحمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي ثم الدمياطي المشهور بابن النحاس في كتابه : مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق و مثير الغرام إلى دار السلام ( في الجهاد وفضائله) :

أن الروم أسرت مسلما قرشيا في زمن معاوية رضي الله عنه: وادخل الأسير على ملكهم ، فتكلم على يديه بعز الإسلام ، فلطمه احد البطارقة . فقال الأسير: الله بيننا وبينك يا معاوية ، وليت أمورنا ثم ضيعتنا .

 

وبلغت المقالة معاوية ، فأرسل في فدائه فافتدى ، وسأل عن اسم اللاطم فاخبر به . ثم أرسل معاوية إلى قائد له فطن ذي معرفة وخبرة ، وقال : أريد أن تتحيّل في إحضار ذلك البطريق من القسطنطينية.

فقال القائد : إني أريد أن أنشأ مركبا بمجاديف خفية يَلحق ولا يُلحق.

فقال معاوية : افعل ما بدا لك ، ولك ما تحتاجه ، فصنع المركب ، وأعطاه معاوية أموالا جزيلة ، وقال له : اذهب كأنك تاجر وبع واشتر ، واهد لوزير الملك والملك ولخواص الملك وبطارقته إلا ذلك الرجل الذي لطم المسلم فلا تقربه ولا تهاده ، فان عتب عليك فقل : ما عرفتك, وسأضاعف لك الهدية متى عدت.

وفعل القائد ورجع إلى معاوية واخبره ، فضاعف له الهدية ، وقال معاوية : هذه للملك وهذه لخواصه ، وهذه للاطم ، فإذا عزمت على العودة فقل له إني أحب أن أصاحبك فسلني حاجة احضرها لك جزاء ما قصرتُ في حقك ، ففعل القائد ، فقال البطريق الظالم اللاطم : أريد بُسطا من حرير يحوز جميع الألوان، وصور الأطيار والوحوش والأزهار ، طوله كذا وعرضه كذا ، والموعد كذا.

 

رجع القائد إلى معاوية فأخبره ، فأمر الصناع بصنع هذا البساط في صورة تدهش الأنظار,ثم قال معاوية : اذهب ، فإذا وصلت إلى فم البحر، فانشر البساط ، فان الشره والطمع سيحمله على النزول إليه ، فإذا أتاك فاشغله بالحديث ، واعرض عليه البساط وقدم له التحف ثم ابسط الشراع وقيد الذراع والكراع ثم الإسراع.
ومضى المركب حتى إذا وصل قريبا من الساحل ، إذا بالعلج في ستاره على فم البحر ، واقبل المركب فنشر البساط فلما رآه كاد عقله أن يذهب, فنزل إلى المركب فتلقاه القائد يعرض عليه البساط ، ويلعب به لعب الأفعال بالأسماء ، وأشار إلى أصحابه بالتجديف ، فما شعر البطريق إلا والشراع يرفع فقال : ما هذا ؟
فقيدوا الكراع والذراع .

 

واتوا به إلى معاوية موثقا ، فقال معاوية : الحمد لله ، علي بالأسير ، فجاءوا بالأسير فقال معاوية: أهذا خصمك ؟ قال : نعم .

فقال معاوية : قم فالطمه كما لطمك ولا تزد ، بمثل ما عوقبتم به . فتقدم المسلم فلطمه ، وحمد الله ، وشكر لأمير المؤمنين.

ثم التفت معاوية للبطريق وقال له : قل لملكك : "لقد تركت خليفة المسلمين يقتص ممن هم على بساطك من وزرائك وخواصك ، فاعرف قدرك وإياك وغدرك" ،

ثم قال لقائده : خذه وألقه في فم البحر ، والق معه بساطه , فذهب به القائد حتى وصل إلى البحر فرمى به ، فذهب البطريق إلى الملك ، واخبره بالخبر, فهاب معاويةَ وعظمه وقال: "لله أبوه ، أمكر الملوك وأدهى العرب قدَموه فساس أمرهم , والله لو هم بأخذي من على بساطي لتمت له الحيلة في ذلك". تاريخ القرطبي - مشارع الأشواق لابن النحاس.

فاللهم لا تحرم معاوية أجر هذه المهمة ..

اللهم أبدلنا حاكما خيرا من حكامنا يقودنا في رمضان إلى الجنة زمراً .

فإلى العمل مع العاملين لسل سيف الإسلام من جديد, لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الثانية الراشدة على منهاج النبوة أدعوكم أيها المسلمون في يومكم هذا وفي شهركم هذا, شهر الفتوحات والانتصارات .

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أخوكم حسام ذالق
18 رمضان 1431

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع