الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الرزق والابتلاء

بسم الله الرحمن الرحيم

        هناك أشياء وأفعال من حول الإنسان يفهمها  بينما غيره لا يستطيع حسه أن يقع عليها ويقف الإنسان أمام أشياء كثيرة ليعرف ما الذي يحدث, فيسأل نفسه ماذا يحدث وما هذا؟ وفي الغالب إن لم يجد مساعدا على الإجابة يبقى السؤال يدور في نفسه حتى يسمع أو يرى أشياء اخرى فيقوم بربط ما كان عنده من أسئلة ولم يجد الجواب عليها بالجديد مما رآه . فمثلا نرى شخصا فقيرا يكاد يكون معدوما يصارع في الحياة وتضرب به ويضرب بها من غير جدوى ، وآخر على النقيض غني ميسور الحال  لا يجد ما يجده الفقير من عناء وفقر . فيسأل الناظر نفسه كيف يستوي أمر هذا الفقير كثير الابتلاء والغني قليل الابتلاء في  الامتحان ؟ فيقف حيرانا غير مدرك ما لا يقع عليه حسه مثله مثل موسى عليه السلام مع الرجل الصالح. فلو كان موسى عليه السلام يعلم الحكمة من وراء قتل الطفل وعيب السفينة وبناء الجدار لما احتاج الى اعتراض على ما فعل الرجل الصالح . لكن استعجالنا واستباقنا الحكم من قبل البحث العميق والمستنير للأحداث تجعلنا  في حيرة من الجواب على ما نرى . أما الفقير فالأمر هذا ليس بيده ولم يوجِد نفسه في هذا الوضع ، وفي ذات الوقت الغني لم يوجد نفسه في هذا الأمر . والسبب بسيط هو أن الله موزع الأرزاق والابتلاء  فلا أحد منا يقدر أن يمنع ما قد قضاه الله علينا وقدَّره لنا . فهنا يجب استحضار آيات الرزق والابتلاء  لفهم ما يحدث لكلا الشخصين. فالله تعالى يقول في كتابه الكريم } وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْرّزْقِ.{النحل71.  ومن هذه الآية يفهم بما لا يقبل التأويل والتبديل أن الله هو مقسم الأرزاق وموزعها وهو مفضل الناس على بعضهم البعض بالرزق ، فلا يوجد في يدنا منع أو زيادة  هذا القسمة. والله تعالى هو من قال في كتابه الكريم < إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ> . إن هذا الأمر بيده وليس هناك من يرزق غيره سبحانه . فكيف بعد قراءة هذه الآيات وكثير غيرها في ما يتعلق بالرزق والتي تدل مما لا يجعل للشك طريقا أن الله وحده من يرزق ويعطي ويمنع  لا نجد إجابة  تشفي الصدور وترسخ  فينا الكلام وتثبِّت قلوبنا على ما لا نشك فيه ويقنع عقلنا وتسكن أنفسنا . كل هذا من آية نسمعها ونتدبرها. وأما الابتلاء والبلاء فكثير منا يخلط بينهما , فالبلاء هو نوع من العذاب يكون لغير المسلم من أجل عقابه على معصيته وتأديبه عليها. أما الابتلاء فهو للمسلم حيث هي امتحان من الله تعالى ليعرف الطيب و الخبيث والأبيض والأسود ويبين المسلم من المنافق. وكما قال الرسول الكريم<  أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة اشتد  بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة< . من هذا الحديث تطمئن أنفسنا على أن حب الله لنا يظهر في الابتلاء والامتحان ، وإن منا من يُمتحن في دينه وبدنه. وكما قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) . من هذا نفهم أن كل مسلم مهما كانت درجة التزامه وتقواه سوف يكون موضع ابتلاء ويقف أمام امتحان الله له في مدى التزامه . فقول الكريم أيضا في موقع آخر ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)  يدل على أن الله يبتلي المسلم بالخير كالمال والبنون، وأيضا يبتليه بالمرض والفقر والتضيق  في العيش وكلاهما من الله ولا يوجد في يدنا رد على قضاء الله . ولا ننسى قول الله تعالى( الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) ، إننا إن قلنا نحن مؤمنون فهذا موضع ابتلاء وامتحان لنا حتى ينقي الله أنفسنا ويطهرنا ويأجرنا على صبرنا واحتسابنا وثباتنا على ما نحن فيه من حق .

فكيف بعد هذا يصبح الأمر فيه سؤال : لماذا هذا الفقير أكثر ابتلاء من الغني؟ ولماذا هذا يسير ويضرب ليل  نهار في الأرض  ولا يجد سوى شقاء وعناء ، وأما الغني فيجلس  متنعما في الدنيا ولا يجد ما  يلاقيه الفقير ؟ اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين حين الابتلاء .

أعده للإذاعة

الأخ أبو يوسف

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع