الخميس، 03 صَفر 1446هـ| 2024/08/08م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

وصية أب

بسم الله الرحمن الرحيم

    شاب في ريعان شبابه له أب أكل الدهر منه ، يقول هذا  الأب للابن هل أنصحك بشئ يجعلك تعيش في هناء وبعيدا عن منغصات الحياة ؟ فوقف الابن الشاب كله آذاناً صاغية ليستمع إلى نصيحة الأب يستعين بها على حياته المقبلة . فبدأ الأب بالكلام قائلا إذا ابتعدت عن المشاكل وتحاشيت من يصنعها وسرت بجوار الحائط  يحتار عدوك فيك. ففكر الشاب فيما قاله الأب قليلا ثم نظر ثم تدبر ثم سأل وماذا بعد هذه الحياة ؟ هل سأبقى هانئاً من غير منغصات في هذه الدنيا التي لا اعلم متى أغادرها ؟ بالطبع لم يجد الجواب عند من  ينصحه بالبعد عن الحياة وبنفس الوقت العمل على البقاء عليها . لكن دعنا  نجيب الشاب عن سؤاله  ونرد على نصيحة الأب .

أولا : العمل مهم وضروري خاصة للشباب ، فكيف أصبح لهذا الإسلام عزة ودولة  وكيانا ؟ هل بكسل الشباب أم بسواعد الرجال وروحهم الطيبة التي من أجلها  قدموا كل رخيص وغال؟ ألم يكن هؤلاء رجال ونحن في هذا الزمان رجال أم تغير الرجال  فتغير الحال ؟

ثانيا: السعادة ليست في أن تكون في هناء دنيوي  ورخاء مادي ، بل السعادة أن تشعر برضى عن ذاتك وانك غير مقصر بالغاية التي من أجلها انت موجود والتي حددها الله تعالى في كتابه ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )  وعندما نتدبر هذه الآية ندرك تمام الإدراك لماذا نحن هنا  ولماذا خلقنا الله وأنه ليس للعيش كما نريد أو يريد غيرنا لنا. فكيف تكون السعادة بمعزل عن طلبات الله لنا والتزامنا بما أمرنا ؟

ثالثا: عندما ننسى أننا مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منا شخص في آخر الأرض توجع له من في أولها ، وعندما ننسى أننا أصبحنا بهذا الدين أمة واحدة نشد بعضنا البعض ويآزر الأخ أخاه وينصره ظالما أو مظلوما . نقول أنا ومن بعدي الطوفان، لكن هذا الأمر لا ينسجم مع شاب ترعرع في ظل نور سطع في مكة وحوَّل أهلها من لا شئ يذكر إلى خير أمة تقود العالم وتنصف المظلوم وتعز العزيز وتذل الذليل . ولكل هذا الكلام أدلة مستفيضة جدا .عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ) . وهذا الدليل  يدلنا كيف تكون عليه علاقتنا نحن أبناء هذه الأمة وكيف يجب أن نخشى ونسهر على راحة غيرنا. وكذلك قول نبينا صلى الله عليه وسلم  حول كيف نساعد بعضنا البعض قوله عليه السلام ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصر) . فكيف بعد هذا الأمر أرى الظالم يظلم فلا أنهاه وأرفع الظلم عن المظلوم ؟ كيف أصحح ميزان العدل الذي جاء به الرسول الكريم؟ ولا ننسى أننا مؤمنون،  والمؤمنون كما وصفهم الرسول في الحديث حيث قال (  المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه .)

ألسنا  أمة محمد ؟! أليس لهذه الأمة مميزات وصفات وحقوق يجب أن نؤديها لها؟ ولا ننسى الصفة التي وصفنا بها رب العزة إلى يوم القيامة ، قال  تعالى ) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) لهذا استحققنا أن نكون خير أمة. فلنسعى لهذه الدرجة التي وصفنا بها الله تعالى واشترط علينا ان نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر. و كلمة قالها علي بن طالب كرم الله وجه قوله " علموا أولادكم لزمان غير زمانكم".  فإن كنا في زماننا لا نقدر أن نغير أو نبدل فلنترك لغيرنا ما لم نستطع أن نعمل, وإن كنا  لم نستطع أن نكون مثل الصحابة فلنربي أبناءنا كما ربى الرسول الكريم أصحابه. فليس ما لم أستطع القيام به  لا أحد يمكن أن يقوم به وليس ما حدث لغيري سوف يحدث لي وليس ما أصاب غيري سوف يصيبني . فلا تقاس الأمور بهذا المقياس بل بالمقياس الشرعي المنضبط .

وأخيرا .. إن كنا موصيين فلنذكر قول المصطفى عليه السلام إلى الفضل بن عباس قائلا :
 "
يا غلام إنى أعلمك كلمات :أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله وإذا أستعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة  لو أجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك وإن أجتمعوا على أن يضروك بشئ لن يضروك إلابشئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ".

 

أعده للإذاعة

 أبو يوسف

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع