الأحد، 27 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفائس الثمرات  الانتفاع بالقرآن وشروطه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه وإليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ، قال تعالى‏:‏ ‏{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }‏ ‏‏الآية‏:‏ 37 من سورة ق‏. وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد‏.‏

فقوله تعالى‏:‏ ‏ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا، وهذا هو المؤثر، وقوله تعالى‏:‏ ‏ {‏ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } ‏ فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ * لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا }‏ ‏الآيتان‏:‏ 69‏.‏ 70 من سورة يس‏. أي حي القلب‏.‏ وقوله‏:‏ ‏ { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } ‏ أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام‏.‏ وقوله تعالى ‏ {‏ وَهُوَ شَهِيدٌ } ‏ أي شاهد القلب حاضر غير غائب‏.‏

 قال ابن قتيبة ‏ ‏:‏ استمع كتاب الله، وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله، فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلى شيء آخر، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر‏.

كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع