الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المفهوم الصحيح للعبادة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم العالي العظيم والصلاة والسلام على خير المرسلين سيدنا محمد المصطفى الامين وعلى من تبعه ووالاه إلى يوم الدين. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.

قال تعالى في سورة الذاريات: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين".

هذه الآية تحتوي على حقيقة ضخمة وعظيمة من الحقائق الكونية والتي لا تستقيم حياة البشر في الأرض إلا بإدراكها والاستقامة عليها سواء أكانت حياة فرد أو جماعة أم حياة الإنسانية.

وهذه الحقيقة تتلخص أن الله خلق الجن والإنس (والذي يعنينا هنا الإنس) لغاية تتمثل في وظيفة من قام بها يكون قد عمل وفق الغاية من وجوده ومن قصر يكون قد عمل بخلاف غاية وجوده وأصبح بلا وظيفة وحياته تكون فارغة ويكون قد انتهى إلى الضياع المطلق.

هذه الوظيفة هي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.

ومعنى قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون" أي خلقهم على هذه الحال والصورة من أجل عبادة الله وحده لا شريك له.

مفهوم العبادة: أولا: العبادة في اللغة من الفعل عبد أي انقاد وأطاع وخضع فالعبادة في اللغة هي الخضوع والانقياد والطاعة.

ثانيا في الشرع: العبادة أو العبودية لله أي أن هناك عبد ورب عبد يعبد ورب

يعبد وأن تستقيم حياة العبد كلها على هذا الأساس.

 ومدلول العبادة في الشرع يشتمل على معنيين :معنى خاص ومعنى عام.

فالمعنى الخاص يعني التقرب الى الله تعالى بأعمال وأقوال معينة مخصوصة وهي إقامة الشعائر التي علمنا إياها الله تعالى من فرض أو نافلة من صلاة وصوم وزكاة وحج.

والمعنى العام يعني الخضوع والانقياد وطاعة الله تعالى في كل أمر وفي كل شأن من شؤون حياته.

فمدلول العبادة أوسع وأشمل من مجرد إقامة الشعائر لأن الإنس لا يقضون حياتهم بإقامة الشعائر ولم يكلفهم الله بذلك فقط وإنما كلفهم بكافة النشاط الإنساني والتي نظمها الله من خلال الأحكام الشرعية في الكتاب والسنة وهذا المعنى موجود في أكثر من دليل في الكتاب والسنة مثل: الآية: " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " فالخلافة أي استخلافه في الأرض لعمارتها وهذا هو عمل الإنسان ويقتضي النشاط والحيوية وكل سنن الأرض ونواميسها واستغلالها وفق شريعة الله فهنا نجد أن العبادة أوسع وأشمل من مجرد العبادات والشعائر التي نتقرب بها الى الله وأن الإستخلاف في الأرض داخل فيها.

والآية: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"

وقوله تعالى:" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا "

ففي هذه الآية وعد من الله للإنسان حيث قرن الإيمان والعمل الصالح بالاستخلاف والتمكين حتى يتمكنوا من إقامة دينهم لعمارة الأرض والذي يدل على ذلك قوله تعالى "يعبدونني لا يشركون بي شيئا" وهذا يدل على أن مفهوم العبادة يشمل الخضوع وطاعة الله في كل شيء فيشمل التقرب إلى الله بالعبادات والشعائر المقررة شرعا وأيضا طاعة الله في كل حركات جوارحنا أو تصرفاتنا.

ونستفيد من ذلك:

1.      : استقرار معنى العبادة لله في النفس أي في نفس الإنسان المؤمن حين يشعر شعورا حقيقيا أن هناك عبدا وربا عبدا يعبد وربا يعبد فتستقر في نفسه أن علاقته مع الله علاقة عبودية أو خضوع تام لله تعالى فيتوجه أولا بالعبادات ليشكر الله ولا ينقاد ثانيا إلا له في بقية تصرفاته وليس هناك إلا هذا الوضع عابد ومعبود رب واحد هو الله والكل عبد له.

2.      يتوجه في كل حركة في الضمير وكل حركة في الجوارح وفي كل حياته الى الله خالقه فيتحرر من كل شعور آخر وكل معنى غير معنى التعبد لله .وهنا يتحقق معنى العبادة كاملا فيصبح العمل كالشعائر.

والشعائر كعمارة الأرض وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله والجهاد كالصبر على الشدائد فكل عمل يقوم به وهو منقاد لله وخاضع لأوامره ويكون قيامه بذلك إرضاء لله نطلق عليه اسم العبادة.

ومن هنا يقوم الإنسان بوظيفته التي خلقه الله تعالى من أجلها، فالإنسان عندما يعيش في هذه الأرض يشعر أنه هنا للقيام بوظيفته من قبل الله ألا وهي عبادته وطاعته ولا غاية له من وراء ذلك إلا ارضاءه ويكون جزاؤه الطمأنينة والرضا عن وضعه وعمله في الدنيا والتكريم والنعيم في الآخرة.

وأمر آخر، عندما يهتدي المسلم لهذا المفهوم ويتمثله يكون هم الإنسان القيام بالعمل ولا يهتم بالنتائج فهو متعلق بأداء العبادة لأنه يجازى على العمل وأما النتائج فهي بيد الله تعالى.

ويؤكد ذلك قول الرسول- صلى الله علية وسلم - :"أن رجلا سأله :"أرأيت إن صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئا، هل أدخل الجنة؟ قال نعم".

فهنا لم يكتف الرسول لدخول الجنة بالعبادات الشعائرية فقط أي التقرب إلى الله بها وإنما اشترط التقيد بالحلال والحرام أي الحكم الشرعي في كل عمل.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين .فقال تعالى :" يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم  "وقال: " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون "

ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك"

ويؤيد هذا المفهوم للعبادة قصة عدي بن حاتم الطائي مع الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قدم إليه وكان نصرانيا فدعاه إلى الإسلام  وبين له أن النصارى اتخذوا رهبانهم أربابا من دون الله أي عبدوهم  فقال عدي :"ما عبدوهم" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى ألم يحلوا لهم ويحرموا عليهم فذلك عبادتهم لهم"

من خلال هذه القصة نجد أنه لا تتحقق العبادة التامة من الإنسان لله، ولا يستحق الطمأنينة والسعادة في الدنيا والنعيم في الآخرة إلا إذا اتبع أوامر الله ونواهيه في كل أمور حياته سواء الشعائر التعبدية أم الاحتكام إلى شريعة الله .

مثل عبادة الصوم تعني الإمساك عن سائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولكن لا تتحقق العبادة بالكامل إلا إذا أمسكنا عن المعاصي حيث بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من لم يدع قول الزور وما يغضب الله فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل (أي السفه) فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"

وينطبق ذلك على كل شيء فعلينا طاعة الله تعالى وأن نحرص على التحاكم لأمر الله والتعامل فيما بين بعضنا وفي تنظيم علاقتنا حسب أوامر الله ونواهيه أي بالإسلام فقط وبذلك نكون قد حققنا غاية وجودنا وهي عبادة الله وحده لا شريك له ونستحق تشريفنا بكوننا عباد الله قال تعالى :"قل يا عبادي لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا"

وقوله: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما .

والله من وراء القصد.

الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام القويم

وأخرجنا من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واحشرنا مع الصالحين الصادقين الأبرار

اللهم اجعل الجنة مقرنا ومستقرنا يوم البعث العظيم

وأجرنا من عذاب جهنم وباعد بيننا وبينها كما باعدت بين السماء والأرض.

اللهم أجرنا فلا مجير لنا إلا أنت

اللهم أغثنا فلا مغيث لنا إلا أنت

اللهم إنك تحب العفو فاعف عنا

اللهم إنا نسألك النصر والتمكين والاستخلاف في الأرض

اللهم لا تجعلنا من الخائبين اليائسين الخاسرين

نعوذ بنور وجهك العظيم أن يلحق بنا غضبك وسخطك

إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي غير أن عافيتك أحب إلينا.

 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

كتبته للإذاعة

الأخت سلافة

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع