الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي من إرث المفكر السياسي الدكتور عايد الشعراوي (يرحمه الله) ح3 أساليب الإعلام الخبيث - ج2

بسم الله الرحمن الرحيم

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

نتابع معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة بعضا مما تبقى من أساليب الإعلام الخبيث والتي بينها لنا الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله، حيث ذكرنا في الحلقة السابقة أربعة أساليب وهي:

 

أولاً: أسلوب التحضير المسبق.
ثانياً: أسلوب الترويج الحماسي.
ثالثاً: أسلوب الاستعانة بآراء وتصريحات أشخاص ذوي نفوذ وشهرة.
رابعاً: استصدار فتاوى مؤيدة.

 

أما الأسلوب الخامس فهو: الاستفتاءات المزورة: وقد كتب الدكتور الشعراوي يرحمه الله تحت هذا الأسلوب:

 

تلجأ السلطات الحاكمة في كثير من البلدان إلى إجراء استفتاءات عامة للرأي العام لإيهام البسطاء بأن مشروعهم يحظى بالرضى العام والقبول التام من قبل الرعية، وكذلك يقصد من وراء ذلك إيهام الرأي العام خارج ذلك البلد بأن الحاكم الفلاني ومشاريعه تلقى التأييد المطلق من الجميع، أما في بلدان العالم الرأسمالي فالاستفتاء له وضع مختلف حيث تقوم شركات متخصصة في قياس الرأي العام ومعرفة اتجاهاته عن طريق اختيار عينة عشوائية أو طبقية من المجتمع المراد قياس اتجاه الرأي العام فيه، ثم تقوم هذه الشركات بتزويد الجهات المعينة بنتيجة البحث بما في ذلك السلطات الرسمية التي يهمها معرفة ميول الناس وانطباعاتهم عن سياسة الحكم وانعكاسها على جمهور الناس، ومعرفة مدى رضى أو سخط الناس عن سياسته تلك. الأمر الذي تحرص عليه دول العالم الرأسمالي لأن الحاكم يهاب الرأي العام ويحسب له حساباً نظراً لوجود الأحزاب والكتل السياسية التي حاسب الحاكم وتتصيد الفرص للحلول محله إذا ثبت فشله أو تقصيره تجاه المحكومين، ولهذا يعتبر ضغط الرأي العام سيفاً مصلتاً على رأس النظام في الدول الرأسمالية بينما هو عديم الجدوى في الدول القائمة في العالم الإسلامي حيث لا يحسب الحاكم أي حساب لرأي الناس ولا لمطالبهم ولا لمدى رضاهم وقبولهم لسياسته أو عدم رضاهم، ولا يسمح بوجود أحزاب سياسية تتنافس على خدمة الناس ورعاية شؤونهم، بل هنالك الحزب الحاكم الواحد كما هو حال تونس والجزائر واليمن الجنوبي مثلاً، أو لا يسمح بوجود أحزاب للسلطة ولا لغيرها كما هو حال السعودية والأردن وليبيا على سبيل المثال لا الحصر، وفي ظل هذه الأوضاع القائمة في العالم الإسلامي تطالعنا بعض السلطات بين الفينة والأخرى باستفتاء فريد من نوعه وليس له مثيل في شرق أو غرب، ولعل حصولهم على قصب السبق فيه يعتبر مثاراً لدهشة الشرق والغرب، حيث يتم استفتاء على شخص الزعيم دون منازع وتأتي النتيجة دائماً لصالح صاحب الاستفتاء حتى يكاد الرقم أن يكون متماثلاُ عند كل من عبد الناصر، والسادات، ومبارك، ومن على شاكلتهم، وهذا هو النوع الوحيد من الاستفتاءات المزورة لقياس الرأي العام والتي تتم في العالم الإسلامي، اللهم إلا حالات نادرة في الاستفتاء والتي تطلب من الناس إبداء رأيهم في دستور جديد يضعه الحاكم وليس للناس الخيار في أن يقولوا "لا" لأن مصيرهم معروف إذا قالوها.

 

أما الأسلوب السادس من أساليب الإعلام الخبيث فهو: استغلال الكوارث والنكبات والمناسبات:

استغلال الكوارث والنكبات والمناسبات التي تسمى وطنية والمناسبات الدينية والأعياد للدعاية للحاكم ونظامه، مثل الفيضانات والزلازل والمجاعة حيث يجد الحاكم أو الزعيم فرصة لإبراز مواهبه أمام شعبه المنكوب، فيتظاهر بالحرص والحنو عليه ويبدأ بتلقي المساعدات وتوزيع ما تجود به نفسه على المنكوبين فيما يشبه حرص الأم على وحيدها، والمثل يقول "الصديق وقت الضيق"، لذا يحاول اصطناع الغيرة، وافتعال الحرص في أشد حالات الضيق والحاجة، هذا بالنسبة لاستغلال الكوارث أما استغلال المناسبات التي تسمى وطنية، فلا تكاد تختفي مناسبة حتى تظهر أخرى وتكاد تمتلئ أيام السنة بالأمجاد (الوطنية) التي سطرناها حتى تفوقنا على أجدادنا في أمجادهم الحقيقية، أما استغلال المناسبات الدينية والأعياد فمن غير المعقول من وجهة نظره أن لا يتظاهر الزعيم بالإيمان وهو يتزعم شعباً يغلب عليه الإيمان والتعلق بشعائر دينه مهما كانت طبيعة الظروف السياسية السائدة، وهو أي الحاكم يحرص على أن يكون في صفوف المصلين الأولى وهذا من مكملات الدعاية السياسية الناجحة.

 

والأسلوب السابع: أسلوب استغلال الدين والمشاعر الدينية:

يتفاوت الحكام في أقطار مختلفة في طريقة رعايتهم للرعية ولكن هنالك قواسم مشتركة عديدة تجمعهم لدرجة أن المرء يكاد يجد نفسه أمام نفس الأمراض الفكرية والسياسية وهو في كراتشي أو استانبول أو بنغازي أو الخرطوم أو عمان، فالتخلف هو ذاته والتبعية هي ذاتها والانقياد الفكري للغرب هو ذاته والخبث الإعلامي هو ذاته والكيد للرعية وللإسلام تحت ستار الإسلام هو ذاته، ومحاربة حملة الدعوة يتشابه فيه الجميع ويرجع ذلك إلى أن منطقة العالم الإسلامي كانت قد خضعت لاستعمار الإنجليز المباشر لعشرات السنين وبعد انسحاب جيش (بريطانيا العظمى) كما كانت تسمى - أصبحت المنطقة تحت إشرافهم السياسي فيما يشبه (الريموت كنترول) أو التحكم عن بعد، عن طريق عملائهم الذين غرستهم في كل بقاع العالم الإسلامي ولكن المنطقة لم تبقَ على حالها بعد الحرب العالمية الثانية وبروز أمريكا كدولة كبرى، حيث بدأت أمريكا تحاول جادة طرد النفوذ السياسي للاستعمار الانجليزي والحلول محله، فكان أن بدأ صراع حاد بين الدولتين منذ بروز مسرحية الاستقلالات المزيفة في الأربعينيات وحتى الآن، وخير دليل على ذلك الصراع هو الانقلابات الكثيرة والثورات والحروب التي حصلت في العالم الإسلامي ولا زالت النيران مشتعلة وستبقى طالما بقي التسابق على النفوذ في بلاد المسلمين بين دول الكفر الطامعة. وخلاصة الأمر أن تشابه الأمراض السياسية والفكرية والاجتماعية في أقطار العالم الإسلامي يعود إلى تشابه الظروف التي مرت بها هذه المنطقة من حيث خضوعها للمستعمر نفسه في فترة سابقة ثم خضوعها لصراع بين الفريقين نفسيهما في كافة الأقطار في فترة لاحقة وحتى يومنا هذا، وهذا ما نتج عنه التماثل في التخلف والتبعية، والتماثل في القهر والإذلال، والتماثل في إفقار البلاد وإغراقها بالمشاكل، وكذلك تتشابه الأنظمة في ركوبها للموجة الدينية والتي سميت (الصحوة)، فحينما يعقد في أحد أقطار العالم الإسلامي مؤتمر لمناقشة الصحوة الإسلامية نعلم مدى الخبث والدس الذي تخفيه الأنظمة في محاولتها الكيد للإسلام وأهله من خلال تظاهرها بالاهتمام بالصحوة الإسلامية وأصحابها، مع أن واقع تلك الأنظمة مدى حقدها وكيدها للإسلام، ويبدو ذلك واضحاً جلياً من خلال مطاردة تلك الأنظمة لحملة الدعوة الإسلامية وزجهم في المعتقلات التي لم تخلُ من احد منهم منذ عشرات السنين، وواقع تلك الأنظمة يكشف عن علاقات سرية بينهم وبين اليهود أعداء المسلمين، ويكشف ارتباطهم بدول الغرب الكافرة التي هدمت الدولة الإسلامية بعد الحرب العالمية وأسقطت الخلافة عام 1924 وأنشأت دولة لليهود في فلسطين بعد طرد سكانها المسلمين.

 

هؤلاء المتظاهرين بالغيرة المصطنعة على الإسلام هم صيادو فرص، لأنهم يلبسون لكل حالة لبوسها، فبعضهم يدعي أنه أمير المؤمنين، والبعض الآخر ادعى من قبل بأنه الرئيس المؤمن، وبعضهم اختار أحد العلماء المسلمين لرئاسة برلمانه ذي التوجه (الوطني)، وجعفر النميري حاول التهرب من الانهيار العام لنظامه حين ادعى أنه بدأ بتطبيق بعض الجوانب من الشريعة، وهكذا فإن التظاهر بالحرص على الإسلام لم يقتصر على الحكام بل انتقلت عدواه إلى كل صاحب مصلحة من وراء استغلال الإسلام للوصول إلى مصلحته وهم كثر.

 

نتوقف هنا مستمعينا الكرام على أن نتابع معكم أساليب أخرى من أساليب الإعلام الخبيث في الحلقة القادمة إن شاء الله .

 

وإلى أن نلتقي بكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع