القوة العسكرية والحسم السياسي
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد:
ان الناظر في واقع الدول ومكوناتها , يتضح له بشكل جلي العناصر التي تتشكل منها قوة اية دولة , حيث تكون قوة الدولة تبعا لحجم هذه العناصر وقوة تأثيرها في واقع الدول , وتاثيرها فيما حولها سواء في محيطها الاقليمي او الدولي , وانه ومما لا شك فيه ان القوة العسكرية تعتبر عنصرا مهما وبارزا من عناصر قوة الدول بل هي أبرز عناصرها بسبب احتواءها على القوة المادية المتمثلة بالاسلحة والعتاد والرجال , وبالطبع فان هذا لا يتنافى مع الاقرار باهمية قوة الفكرة التى تقوم عليها اية دولة او المبدأ الذي تتبناه , حيث ان قوة المبدأ تعتبر من اهم العناصر المكونة لقوة اية دولة لما للفكرة من تأثير وانتشار .
الا ان الحديث هنا حول القوة العسكرية وهي تعني القدرة القتالية للدولة التي تشمل جميع الموارد البشرية والمادية التي تستطيع الدولة حشدها للمعركة , وساخصص الحديث حول الموارد البشرية المنخرطة في استخدام هذه القوة , وهم العسكر او الجيش او القوات المسلحة .
والقوة العسكرية تعتبر وسيلة لتحقيق المصالح والدفاع عنها , والاصل ان تكون هذه القوة وسيلة لتحقيق مصالح شعبها وامتها ومبدئها , وان تذود عن حياض بلدانها , وهي لذلك قد حظيت بمرتبة ابرز عناصر قوة الدول , فهي عنوان قوة الدولة وبها تلوِّح الدولة لإجبار الخصم على تقديم التنازلات المُرضية, وبها تردع الخصم عن القيام بعمل مُعادٍ.
وفي استقراء للاحداث الجارية على الساحة العربية , وانتشار الثورات في شمال افريقيا وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية , وما آلت اليه بعض التطورات لا سيما في مصر وتونس وليبيا , فان مجريات الامور وتقلباتها تدلل بشكل قطعي على اهمية دور الجيوش في حسم الامور ووضعها في نصابها , وبنفس الوقت فقد اظهرت هذه الثورات اهمية انخراط الجيوش متمثلة بقياداتها في صف الامة والدفاع عن قضايها , والدفاع عن شعوبها وحمايتها , والحاجة الماسة لان تتخذ الجيوش هذه المواقف وتتبناها .
الا ان الانظمة الحاكمة في بلاد المسلمين قاطبة , عملت على ان تتخذ من الجيوش درعا خاصا لها , لحمايتها وحماية نظامها , و حاولت زرع فجوة بين الشعوب والجيوش من اجل ان تحصن نفسها بقوة فولاذية تستخدمها كما شاءت وبحسب ما تتطلبه تبعيتها السياسية ودورها المرسوم لها من وراء المحيطات , اي انه وبصريح العبارة , بدل ان تكون القوة العسكرية عنصرا فعالا في قوة الدولة وقوة الامة , فان الانظمة الحاكمة في بلاد المسلمين جعلت منها سلاحا للحفاظ على سيادة الثلة المتسلطة على رقاب العباد , واداة لتحقيق مصالح الدول الغربية الاستعمارية في معاركها وصراعاتها الدولية من خلال توجيهات الانظمة الحاكمة .
ولا يحتاج الامر للكثير من الامثلة من اجل ابراز حقيقة الامر , فمن تواطئ قوات الحسين بن علي و آل سعود في تحالفهم مع الجيش البريطاني لمحاربة الدولة الاسلامية العثمانية مرورا بتدخلات الجيش المصري في اليمن قبل عقود , عبورا الى الحرب العراقية الايرانية , فالتدخل العسكري السوري في لبنان , مرورا بالدور المرسوم للجيش السوري والاردني والمصري في حماية كيان يهود بمشاركة الامن الوطني الفلسطيني , وصولا الى دور الجيش الباكستاني في محاربته ابناء شعبه نيابة عن امريكا , فقوات درع الخليج التى لم تتحرك الا لقمع اهل البحرين العزل والجيش اليمني الذي يحارب شعبه في الشمال والجنوب , بالاضافة الى الجيش العراقي والافغاني الذي دربته امريكا ليكون داعما لها ولاحتلالاتها العسكرية , ولن ننسى بالطبع الجيش السوداني وقتاله لابناء شعبه في دارفور .
فهذه الامثلة المقتضبة تدلل على مدى تواطئ الانظمة الحاكمة في بلاد المسلمين مع الدول الاستعمارية , واستغلالها لمقدرات الامة العسكرية لخدمة مشاريع الدول الكبرى , ناهيك عن استغلالها للمقدرات الاقتصادية والبشرية والجغرافية وغيرها .
وبامعان النظر فيما انتجته الثورة المصرية الى الان , فان قيادة الجيش المصري مازالت تسير على نفس الدرب الذي سار عليه مبارك , حيث ان من اول ما صرحت به هذه القيادة بعد انسحاب مبارك من الحكم , هو التزامها بكافة المعاهدات الاقليمية والدولية , مطمئنة بذلك كيان يهود , وكان من اول انجازاتها , ملاحقة كل من يحاول ايصال السلاح الى غزة , بالاضافة الى اعلانها بحل جهاز امن الدولة وتدويره لجهاز آخر هدفه مكافحة الارهاب - ذلك الكلاشيه الذي يدرك الجميع انه حرب على الاسلام ويتناغم مع ما تطلبه الادارة الامريكية من الانظمة القمعية في بلاد المسلمين-
وكذلك الحال في تونس , حيث ان الجيش التونسي لم يتخذ موقفا مناصرا للشعب التونسي بتغيير النظام وقلبه جذريا , بل يعمل على تثبيته بتمرير بعض الترقيعات الشكلية ارضاء للثوار لضمان عدم استمرارهم بثورتهم , وهذا المثال يمكن تطبيقه على الوضع الليبي , فلغاية هذه اللحظة , لم نسمع من قيادات الجيش الليبي انها انقلبت على عدو الله القذافي , لتقذفه الى مزبلة التاريخ من اوسع ابوابه , ليكون عبرة لغيره من اساطين الخيانة والتبعية , ولتلتحم قيادة الجيش بالشعب المسلم في ليبيا وتحرره من التبعية .
فكل هذا يدلل بوضوح على الحاجة الماسة لنصرة الجيوش لشعوبها ولقضيتها ولامتها الاسلامية , فبدون انحياز القوة العسكرية المتمثلة بالجيش الى صف الامة , ستبقى الاحوال على ما هي عليه , ولن تتغير الا شكليا , وستدرك الشعوب عندها بعدم اكتمال ثورتهم وعدم تحقيق مطالبهم بسقوط الانظمة .
وبالقطع فان الجيوش هم ابناء الامة الاسلامية , وامتهم اولى بهم من السياسيين الفاسدين المتمثلين بالانظمة الحاكمة , وشعوبهم اولى بهم من اجهزة الاستخبارات الغربية التى تعمل لاستقطاب قياداتهم لخدمة مصالح الغرب وتنفيذ مخططاته العسكرية , ولذلك وجب على ابناء الامة الاسلامية ان يتوجهوا بالخطاب الى ابناءهم في الجيوش , جنودا وضباطا وجنرالات , ومطالبتهم بنصرة امتهم , وحماية بلدانهم من التدخلات الغربية الاستعمارية , واقتلاع عروش حكامهم المهترئة والمتساقطة , والعمل على نصرة اخوانهم وتوحيد بلدانهم الاسلامية تحت قيادة عسكرية وسياسية واحدة , ونسف الحدود المصطنعة .
وعليهم تسليم الحكم لاهله , لساسة الامة وقيادتها الحقيقية , تسليم الحكم لمن ادرك اهمية النصرة العسكرية لاهل القوة والمنعة منذ عقود ليسير بذلك على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم في طلبه للنصرة من اهل القوة , ليوصل الاسلام الى الحكم ويحقق بذلك تغييرا لوجه التاريخ لينصع بالعدل على منهاج النبوة .
فهذه الثورات تستحق ان تتوج بنظام سياسي يحقق العدل على منهاج النبوة , نظام الخلافة الاسلامية , ولا شئ الا الخلافة .....
فالحسم السياسي سيتحقق لصالح الامة الاسلامية باللحظة التي تلتحم فيها القوة العسكرية المتمثلة بالجيش مع القوة السياسية والفكرية المتمثلة بالحزب السياسي الرائد , الحزب الداعي للخلافة , الحزب العامل لاستئناف الحياة الاسلامية , حزب تحرير الامة من براثن الاستعمار وهيمنته السياسية والاقتصادية والعسكرية , حزب التحرير .... نصره الله
كتبه - ابو باسل