البداية
الميثاق لغة وشرعاً العهد قال تعالى (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ)، وقال: (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ( ، وقال: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)، وقال: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ). ويطلق اصطلاحاً في هذا العصر على مجموعة من القواعد يؤمن بها الشعب، ويجعلها وجهة نظره في الحياة، ويتخذها مصدراً لدستوره وقوانينه.
والشعب الذي يتخذ ميثاقاً له إنما هو الشعب الناشئ، الذي أنشأ له دولة، وبدأ حياة جديدة غير حياته التي كان يعيش عليها، كما هي الحال في الدول الإفريقية، وفي كل دولة ناشئة حديثاً وبادئة في حياة جديدة غير حياتها الأولى. وحين انفصلت البلدان العربية عن جسم الخلافة العثمانية عند انتهاء الحرب العالمية الأولى، حاول كل قطر صار كياناً أن يضع له ميثاقاً، سمّاه الميثاق الوطني، أو الميثاق القومي. كما حصل في العراق وسوريا مثلاً. أما الشعوب والأمم العريقة الوجود فلا تفكر في وضع ميثاق لها، لأنه قد تركزت عندها عقيدة سياسية معينة، وتركزت لديها قواعد معينة جعلتها وجهة نظرها في الحياة، واتخذتها مصدراً للأحكام التي تقوم مقام الدستور والقوانين، إن لم يكن لديها دستور وقوانين، واتخذتها مصدراً للدستور والقوانين، إن كان لها دستور وقوانين. وهذه القواعد محفوظة ومعروفة ومتفق عليها دون أن تكتب، ودون أن يقال عنها إنها ميثاق الأمة، أو ميثاق وطني، أو ميثاق قومي، وهذه هي الحال في جميع الدول العريقة.
|