نداء حار إلى المسلمين من حزب التحرير
20 ربيع الآخر 1385هـ -17 آب/أغسطس 1965م
(نسخة محدثة بتاريخ 2022/10/27م)
للتحميل اضغط هنا |
|
|
اقرأ في هذا الكتاب: |
بداية الكتاب
أيها المسلمون
لا يرتاب أحد أنكم وصلتم إلى الحضيض في الهبوط الروحي، والتخلف المادي، والتأخر الفكري، والانحطاط السياسي. ولا يشك أحد أن العلاقات الإسلامية في مجتمعكم قد دُمرت تدميراً تاماً، وحلت محلها العلاقات الرأسمالية، أي علاقات أنظمة الكفر. ولا يمتري إنسان أن روابط الأخوّة الإسلامية بين الشعوب المسلمة قد تقطعت، وحلت محلها روابط القومية، أي روابط العصبية القبلية، وأن هذه الأخوّة الإسلامية سائرة في طريق تقطيع روابطها في القطر الواحد فضلاً عن الشعب الواحد، لتحل محلها روابط الأرض المسماة بالوطنية. ولم يبق بين أيديكم من أفكار الإسلام إلاّ أحكام العبادات، ومن المشاعر الإسلامية سوى المشاعر الكهنوتية. وهذا كله صار واضحاً لكم وضوح الشمس، تدركونه أنتم كما يدركه فيكم غيركم من أبناء الأمم الأخرى. ولكن الذي لا تدركونه أنتم ويدركه عدوكم هو ما أنتم مشرفون عليه من خطر انقراض هذه الأمّة الإسلامية العريقة، انقراضاً تمحي فيه سيماها المميزة، وتدمَّر نتيجة له فضائلها الخاصة، وتنعدم من جرائه نفسيتها الخيّرة، وتنحرف بسببه عقليتها النيرة، وتذوب منه شخصيتها الإسلامية، لا سيما وأن المسلمين الذين يرتفع ولاؤهم للإسلام على كل ولاء قد قلّت نسبتهم في الأمّة، وأن المؤمنين الذين يجعلون الله ورسوله والجهاد في سبيله في رأس سلّم القِيَم قد صاروا أندر من الكبريت الأحمر، وأن الشعور بمرارة هزيمة المسلمين أمام الكفار قد مات ولم يعد يحس به إلاّ القليل ممن لا يؤثّرون في سير الحياة.
|
|
|
خاتمة الكتاب
في هذا النداء تبصُّر:
1- قام الكفار الغربيون على ضوء مخترعاتهم ومكتشفاتهم بغزوة فكرية كاسحة للمسلمين، أثاروا بها التشكيك في الأفكار التي كانت تقوم عليها الدولة الإسلامية لتدميرها، لأنهم يدركون أن طريقة تدمير الدول المبدئية هي زعزعة ثقة السياسيين والمفكرين فيها بالمفاهيم والمقاييس والقناعات التي تشكل كيان الدولة، ولذلك استطاعوا أن يدمروا الدولة الإسلامية موضوعاً قبل أن يباشروا تدميرها شكلاً.
2- بإزالة نظام الخلافة وتعشّق السياسيين والمفكرين المسلمين لأفكار الغرب وتشريعه، صار الكفار الغربيون أصحاب السلطان المطلق على بلاد الإسلام، فطبّقوا أنظمة الكفر على المسلمين بجانب إثارة تشكيكهم بأفكار الإسلام وأحكامه، وزعزعة ثقتهم بالمفاهيم والمقاييس والقناعات التي تقوم عليها أمّتهم، فأوهنوا الآصرة التي تجمع المسلمين، وساروا بالأمّة الإسلامية في طريق الفناء.
3- استمرار تحكم الكفار بالمسلمين وتركُّز أنظمة الكفر في علاقاتهم مدة تقرب من جيلين بَعَث اليأس في نفوس المسلمين من إعادة أفكار الإسلام وأحكامه إلى الحياة، وبَعَث اليأس فيهم من أن يعودوا دولة واحدة وأمّة واحدة، وبذلك وصلت الأمّة الإسلامية إلى حافة هاوية الفناء، وصار يُخشى أن يلحقها العفاء.
4- طريقة إنقاذ الأمّة الإسلامية من الفناء هي إعادة ثقتها بأفكار الإسلام وأحكامه، وبعث الحيوية الإسلامية في نفوسها بهذه الثقة، ولذلك لا يحل لمسلم أن يقعد عن العمل لإعادة هذه الثقة، ولا يجوز له أن يتخلف عن الكفاح السياسي والنضال العقائدي في سبيلها.
5- الخلافة الإسلامية هي التي تجمع كلمة المسلمين تحت رايتها، وتحمي بيضة الإسلام بسلطانها، وتمكِّن المسلمين من حمل دعوتهم إلى العالم، وجعلهم قوة دولية تؤثر في الموقف الدولي وفي مصائر الأمم، وقد فرضها الله على المسلمين جميعاً. ولذلك يجب على كل مسلم أن يسعى لإقامتها بطريقة حمل الدعوة الإسلامية في الطريق السياسي، لأن إقامتها هي وحدها التي تنقذ الأمّة من الفناء، وتجعلها خير أمّة أُخرجت للناس.
|
|
|
|