الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
العلمانية، حتى متى تناقض نفسها؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

العلمانية، حتى متى تناقض نفسها؟!

 

حقُّ التعبير عن الرأي، والحرية الشخصية هما من أبرز صفات المبدأ الرأسمالي، وهما ما يتغنَّى به دعاته في بلاد المسلمين التي تعاني القهر والكبت من أنظمة الحكم الجبري! فلا نسمع أبواق الغرب والمضبوعين بحضارته إلا وهم يدندنون على ألحان حرية التعبير ويجعلونها أفضليةً للغرب على الإسلام!


بل إن أحدهم قد يهاجم العلمانيين، وينتقدهم ليكسب ودَّ المسلمين باسم حرية التعبير!


هذه الحريَّات التي ترفع أقوامًا وتضع آخرين، ليست إلا صنمًا كصنم سيدنا عمر بن الخطاب الذي كان يعبده قبل إسلامه، حيث ورد في عبقرية عمر "ص:221" قوله "كنا في الجاهلية نصنع صنمًا من العجوة، فنعبده، ثم نأكله".. وهكذا يصنع دعاة الحرية بصنمهم، يعبدونه عامًا ويأكلونه آخر بل يدوسونه بأقدامهم. فحين نسمع أن وزيرة العدل السابقة في النمسا كلاوديا بانديون مثلًا قد أصبحت في العام الماضي ملفًا ساخنًا لدى حكومتها، يدعو وزير الخارجية نائبه ووزير خارجيته للتشاور حول تصريحاتها التي وصفها رئيس نادي الحزب الحاكم - حزبها الاشتراكي الاجتماعي - أنها تصريحات "غبية صادمة"، نتيجة إبدائها إعجابها بالعباءة التي ترتديها المسلمات في الخليج وتشبيهها بروب المحامين، بينما يصبح في العام نفسه الفلسطيني مهند خورشيد والمصري حامد عبد الصمد والتركي عدنان أصلان، بين يوم وليلة أساتذة جامعيين تنهمر عليهم اللقاءات الصحفية والمقابلات التلفزيونية التي صاروا نجومها، لمجرد أنهم يكيلون الهجوم تلو الهجوم على الإسلام ويتفوهون بكل موبق يغضب الله تعالى ويطالبون الحكومة علنًا بسجن حملة الدعوة؛ يدل على أن الغرب يأكل صنم الحريات حين يلزم الأمر، ويقدِّسه حين تصبح هذه الحريات وسيلة لشتم الإسلام والتهجم على الأحكام الشرعية!


تناقض عجيب أوصلهم لحال مزرية تجعل المرء محتارًا من قدرتهم على الاستمرار في هذا النفاق، الذي يجعل من فيصل قاسم يهاجم العلمانيين في حادثة الدعوات لخلع الحجاب في مصر، ويتهمهم بالتناقض مع أنفسهم حيث كان قد صرَّح على صفحته على فيس بوك "لو سألت علماني عربي مسعور، ما رأيك في اللواتي يمشين شبه عاريات، لأجاب فورًا: حرية شخصية وإذا سألته عن اللواتي يلبسن الحجاب لأجاب عليك: متخلفات. فلماذا أيها المتخلف لا تعتبر الحجاب حرية شخصية، كما تعتبر التعري حرية شخصية؟" انتهى.


كفانا لعبًا، وكفانا سيرًا خلف ألهيات الغرب..


فما الحريات إلا وهمٌ "كسراب بقيعة" يحسبه المقموعون من أبناء المسلمين منبرًا لإخراج المكبوت في صدورهم فإذا هو بوق ينعق بالخراب، ومنبر كفرٍ من آمن به وجب عليه إرضاء الغرب والسير على دربه.


فمن يقبل بالحرية ابتداءً عليه أن يقبل بشكل طبيعي من يرى في الحجاب قمعًا للمرأة وسجنًا لها! عليه أن يقبل بالاستهزاء بعقيدته وشتم نبيه!!...


إن الأحكام الشرعية ليست محلَ جدلٍ ولا نقاش، وما كان يومًا لبشرٍ ناقص عاجز أن يتحدى الخالق القادر في تشريعه فيعترض عليه بأي طريقة لأي سبب كان، وما كان يومًا لمؤمن أن يقبل هذا المدخل المُغرض الخطير لانتقاص حرمة الدين.


إن كذب الغرب ودعاة حضارته، وفساد المبدأ الرأسمالي وسقوط دعواه بالديمقراطية والحرية، قد انكشف وبان عواره، ورفضه العقلاء من أبنائه حين اجتمعوا ليقولوا "الرأسمالية فشلت نريد نظامًا جديدًا" في وول ستريت وغيرها. فحتى متى تبقى هذه الأكاذيب الممجوجة تسيطر على العقول، ويُدافع عن الإسلام من نفس المنبر الذي هوجم منه؟


وحتى متى تظل هذه التناقضات ترهق العقول، وتجذب السُّذج ثم تُسقطهم في مستنقعات الحضارة الغربية بعد أن يتبين لهم زيف بريقها؟


إنَّ الأحكام الشرعية ليست محل اختيار من المسلمين، فمن آمن بالله فإن عليه الالتزام بما جاء به من تكاليف. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]. وليست الطاعة كالمعصية، ولا الحجاب كالسفور، ولا الالتزام كالتبرج! ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: 35-36].

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم بيان جمال

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع