- الموافق
- 4 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
حملة مكثفة لعلمنة هوية الشباب المسلم في بنغلادش
ضمن حملة القسم النسائي "الشباب المسلم: روّاد التغيير الحقيقي"
(مترجمة)
انتشرت صورة في عام 2015 بشكل هائل في وسائل الإعلام البديلة في بنغلادش؛ صورة لامرأة تلبس غطاء الرأس تلعب في مهرجان الألوان الهندوسي المعروف باسم "هولي". والكثير من شباب المسلمين في بنغلادش يقومون الآن بزيارة المعابد في مهرجانات بوجا، ويرتدون قبعات حمراء في عيد النصارى "الكريسماس" أو يقرعون كؤوس الخمر بصحبة الألعاب النارية عشية رأس السنة الميلادية. ومن خلال وسائل وأساليب متعددة، شكلت الحكومة البنغالية ومن ورائها الغرب مُجتمعًا يتناسب فقط مع العلمانية، حيث يُدفع هؤلاء الشباب لإهدار شرفهم وكرامتهم كمسلمين لكي يصبحوا علمانيين.
ومنذ ظهور شبكة الإنترنت، أصبحت وسائل الإعلام الإلكترونية أداة قوية للاستعمار الغربي للسيطرة على عقول الشباب في جميع أنحاء العالم. ومن خلال البرامج التلفزيونية والأفلام والموسيقى وغيرها، يشجع الغرب شباب المسلمين على القيام فقط بما يشبع شهواتهم وترك الالتزام بالإسلام وقيمه. وعلاوة على ذلك، فإن وسائل الإعلام الرئيسية في بنغلاديش، التي تُعتبر أداة من أدوات الغرب، تلعب أيضًا دورًا مهمًا في علمنة شباب المسلمين في البلاد. وتقوم الشركات الكبرى ومواقع التواصل بالترويج لمسابقات الجمال التي تمجد مشاركة الفتيات في أنشطة لكشف عوراتهن ولتسويق أجسادهن. وتستخدم وسائل الإعلام مسابقات الغناء كأداة لتعزيز المهرجانات العلمانية والوثنية ويتم تشجيع المشاركين على ارتداء لباس خاص وغناء أغانٍ خاصة. وقد فقدت العلاقة بين الجنسين كل الضوابط الإسلامية. حتى إنّ مسابقات الصورة الشخصية "السِّلفي" قد باتت اتجاهًا جديدًا، فصارت الشركات والصحف تبحث عن "الصورة الشخصية المثالية"، وهو ما يشجع الشباب على التفكير فقط في مظهرهم وكيف يمكن أن يكونوا أكثر جاذبية. كما أن مؤتمرات الألعاب أصبحت تتلقى دعمًا كبيرًا من الشركات المشهورة، حيث يأتي "اللاعبون" - الناس الذين يقضون أوقاتًا كبيرة في لعب ألعاب الفيديو على أجهزة الكمبيوتر - لشراء الألعاب وملحقاتها وللمشاركة في مسابقات "الألعاب".
ولا تنتهي القصة هنا. فالغرب يقوم الآن بالترويج لنوع جديد من شباب المسلمين "المتحرر" ليكونوا رواد السلام في المجتمع ويلبّوا تطلعاته. وهم أول من استخدم إضافة قوس قزح للصور في الفيسبوك لدعم المثليين وللإعلان بشجاعة "أنا شارلي"، ولكنهم في الوقت نفسه لم يقولوا إلا القليل ضد الظلم الواقع على المسلمين في فلسطين وسوريا وميانمار أو في بقية أنحاء العالم. وسيرًا على نهج المواطن العالمي المثالي، فإنَّ منطقهم يسمح لهم فقط بإدانة المسلمين عند القيام بأعمال إرهابية، إلا أنهم لا يتعرضون بشيء لـ(الحرب على الإرهاب). وتقوم وسائل الإعلام بتسليط الضوء على هذا النوع من المسلمين، ويمجد شباب المسلمين هذا النوع من الإسلام من خلال انسياقهم وراء كلمات رنّانة مثل "السلام" و"العدالة".
وقد زينت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها القوى الغربية وعملاؤها الجانب المادي للحياة، وحطت من قدر الإسلام. فأصبح الإسلام الذي تعرضه وسائل الإعلام هذه رمزًا للقمع والعنف. فاضطهاد المرأة، وجحيم اللباس الشرعي، وكل الجماعات الإرهابية الخفية التي تسمع عنها في الصحف فقط ولكن لا يوجد عليها أي دليل حقيقي؛ وكل شيء سلبي وسيئ يتم ربطه بالإسلام فقط ويجري تصويره في وسائل الإعلام المطبوعة. والكثير من الأفلام، مثل "القناص الأمريكي" و"طائر الصلصال"، تركز على إيجاد وتصوير النواحي السلبية عند بعض المسلمين، وأن الإسلام دين عنف وتخلف، وقد رُشِّحت هذه الأفلام لجوائز الأوسكار ولغيرها من الجوائز. فمن الواضح أن الغرب يكون منفتحاً عندما يتعلق الأمر بكراهية الإسلام. وقد وجد الكثير من ملحدي بنغلاديش أنفسهم من خلال المواقع الشخصية على شبكة الإنترنت، والتي يستخدمونها فقط لإهانة الإسلام والهجوم عليه من خلال جميع أشكال الكتابة الممكنة. وتُبْرز وسائل الإعلام هذه المواقع الشخصية كوسائل لحرية التعبير، وتجذب الكلمات البذيئة انتباه شباب المسلمين المُضَلَّلين. وهكذا فإنّ القوى الغربية تخطط لكي يصبح عند شباب المسلمين أفكارٌ خاطئة عن الإسلام حتى يدفعهم ذلك للابتعاد عنه أكثر فأكثر.
والحكومة البنغالية ليست سوى نظامٍ عميلٍ مأجورٍ ولم يوجد إلا لإرضاء أسياده الغربيين الاستعماريين، وقد سنَّ القوانين والسياسات لدفع شباب المسلمين بعيدًا عن الإسلام، أو لتجريمهم إذا ما التزموا بأحكام دينهم. فقد خرج طلاب المدارس الإسلامية للاحتجاج على المواقع الشخصية الملحدة، إلا أن الحكومة قد تصدت لهم بالقوة المميتة؛ فأُصيب وقُتل 2000 من هؤلاء المتظاهرين السلميين، وفقًا لتقارير غير رسمية، وذلك في ليل صاحبه قطع مقصود للكهرباء، ومن ثم حُمّلت جثامينهم في شاحنات وتم التخلص منها. ولم يسمح لأي تغطية إعلامية من أي نوع لتوثيق الحادثة الإجرامية بشكل رسمي، وقد تم التخلص من آثار الدم وجميع الأدلة الأخرى في الليلة نفسها. وفي هذا العام، اعتقل مؤخرًا شابان لقيامهما بنصح النساء بالاحتشام وارتداء اللباس الشرعي. وحتى إن طغيانهم قد شمل النساء أيضًا؛ فقد اعتُقلت أختان صغيرتان عضوتان في حزب التحرير بسبب قيامهما بتوزيع نشرة تدعو لمؤتمر على شبكة الإنترنت وتم وضعهما في السجن الاحتياطي، حيث تعرضتا هناك إلى تعذيب وحشي. ويتعرض النظام المدرسي للمدارس الإسلامية باستمرار لهجوم عدد كبير من الوزراء ووسائل الإعلام العلمانية؛ ويقومون بوصفها بأنها "أماكن لتصنيع الإرهاب"، وتخضع دائمًا لمراقبة صارمة. كما أن المدارس الإسلامية الخاصة لم تسلم من التضييق؛ فهي تخضع دائمًا للرقابة الحكومية، وتم تهديدها وإجبارها على المشاركة في الأنشطة الوثنية والالتزام بالتقاليد الوطنية. وأما على الصعيد الدولي، فقد تم منع دخول الشخصيات الإسلامية المعروفة إلى بنغلادش، ولكنهم في الوقت نفسه قاموا بالسماح لمشاهير "بوليوود" والموسيقيين الدوليين بدخول البلاد بكل حرية وقاموا بنشر فسادهم في أوساط الشباب ولم تتدخل الحكومة في هذه الحالة على الإطلاق. وقد قام هذا النظام الاستبدادي الوحشي بالبرهنة بشكل دائم على أنه لا مكان للإسلام في بنغلادش.
وعلى الرغم من قيام الحكومة البنغالية بكل هذه "التدابير الوقائية" لدفع الشباب بعيدًا عن "مخاطر الإسلام"، إلا أنها قد فشلت فشلًا ذريعًا في توفير أي أمان حقيقي للمجتمع. ففي العام الماضي فقط تم الاعتداء بشكل وحشي وعنيف على العديد من النساء الشابات في منطقة جامعة دكا في وسط الجموع المحتفلة بالسنة البنغالية الجديدة، الأمر الذي أدى إلى غضب عارم في جميع أنحاء البلاد، وتم التَّعرف على المجرمين عبر وسائل الإعلام البديلة. غير أن الحكومة رفضت اتخاذ أية إجراءات لأنهم يرتبطون سياسيًا بحكومة حزب عوامي الحاكم. وتونو، وهي فتاة قد تعرضت للاغتصاب والقتل مؤخرًا في منطقة كوميلا داخل منطقة كانتون، وملأت أخبار قصتها عناوين الصحف، إلا أن الحكومة وبعد عشرة أيام من الحادث أعلنت كذبًا أن الفتاة لم تتعرض للاغتصاب حتى تتجنب القيام بأية إجراءات إضافية.
وقد أصبح التعليم أداة جديدة تستخدمها الحكومة لجعل شباب المسلمين غرباء عن الإسلام. فقد أصبحت، في الآونة الأخيرة، كتب المجلس الوطني مجانًا لجميع الطلاب. إلا أنه تم إدخال تعديلات خفية عليها من أجل "علمنة" التعليم. فقد جعلت الحكومة البنغالية المجلس الوطني يقوم بحذف كافة النصوص التي تدور حول الإسلام أو تتعلق به، وقاموا بالاستعاضة عنها بنصوص من المعتقدات والطقوس الهندوسية. والنصوص التي رأوا أنها "غير صالحة" كانت عبارة عن قصص تشجع على الالتزام بالأخلاق الحميدة وتظهر مدى سماحة الإسلام. وعلى الرغم من أن الهدف كان جعل الكتب خالية من أية مواد تتعلق "بالدين"، إلا أنه أصبح واجبًا على الطلاب أن يتعلموا الآن عن طقوس ومعتقدات وثنية دون أن يكون لهم خيار في ذلك. ومن أصل 193 نصًا يجري تدريسه من الصف الأول وحتى الصف العاشر، فإن 137 نصًا يتعلق بالوثنية وأعمال إلحادية، وأما النصوص المتبقية فإنها لا علاقة لها بالإسلام على الإطلاق. وعلاوة على ذلك، فإن النصوص التي يجري وضعها في الامتحانات تتضمن محتوى يحط من قدر الإسلام؛ وهو ما يدفع الطلاب إلى كتابة أجوبة تهين دينهم. ونظام عوامي يجبر الشباب على البقاء جهلاء حتى فيما يتعلق بأصغر التفاصيل حول الإسلام من خلال نظام التعليم، وهو ما يجعلهم جهلاء بحيث يمكن أن يصدقوا كل ما يمكن أن يُقال عن الإسلام بما يتفق مع أهداف الحكومة نفسها.
وعلاوة على ذلك، يركز التعليم الآن على الدرجات والأرقام، وبالتالي فإن الطلاب على استعداد لاستخدام أية وسيلة تحقق لهم تحصيل علامات جيدة. فالغش في الامتحانات أصبح هو الأصل، وأسئلة امتحانات مجلس التعليم عادة ما يتم تسريبها مسبقًا للطلاب. والقيمة الحقيقية للمعرفة والتعلم تتلاشى سريعًا. فعدد الطلاب في بنغلاديش الذين يتمتعون بمعدلات عالية الآن عدد كبير جدًا ولكنهم لا يعرفون أي شيء تقريبًا عما درسوه، وهو ما يجعلهم غير قادرين على القيام بأعباء الوظائف في الحياة العملية. ولتعزيز نشر المزيد من الجهل، فإن الحكومة البنغالية تشجع مجلس التعليم على إتاحة حصول مزيد من الطلاب على درجات عالية حتى تتمكن من وضع قناع النجاح في كل عام، بينما في الحقيقية تقوم بالقضاء على مستقبل الأمة من خلال تخريج أعداد كبيرة من غير المتعلمين.
وقد فُرضت السياسات الحكومية على أهل بنغلاديش للعمل بطريقة معينة من أجل تحقيق خطط الغرب. فأعياد الأمة الإسلامية هما عيدا الفطر والأضحى، واللذان يحتفل بهما جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم. إلا أن "بوهيلا بويشاخ" وهو اليوم الأول في السنة البنغالية ويوم الوثنيين هما للاحتفال من أجل إبعاد الأرواح الشريرة، وقد عملت الحكومة على جعلهما أكبر مهرجان في البلاد. وقد أُعلن عن سياسة حكومية جديدة تقضي بصرف علاوة لجميع موظفي الحكومة حتى يهتموا بهذا الاحتفال الوثني. وقد تم فرض سياسة أخرى في جميع المدارس الحكومية وشبه الحكومية وتتمثل في أن تبقى هذه المدارس مفتوحة ويتم إجبار الطلاب على الاحتفال بـ "بوهيلا بويشاخ". وبالتالي فإن الحكومة البنغالية هي حكومة ناجحة جدًا عندما يتعلق الأمر بالإجبار على الاحتفال بالطقوس الوثنية.
إن نتائج محاولات الحكومة البنغالية المتواصلة لعلمنة الشباب قد بلغت حدًا مخيفًا. فقد نتج عن غياب الإسلام من قلوب شباب المسلمين فراغٌ أخلاقيٌّ، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة. فقد ارتفع عدد جرائم اغتصاب الأطفال وجرائم القتل المسجلة رسميًا في البلاد من 8 حالات في عام 2012 إلى 30 حالة في عام 2015. وقد بلغ عدد جرائم قتل الأطفال بالفعل 75 حالة في الفترة من كانون الثاني/يناير وحتى آذار/مارس من هذا العام. وقد أصبح الحمل في سن المراهقة، وتعاطي المخدرات، والتحرش في رأس السنة وغيرها، أصبحت جميعها ظواهر شائعة ومقبولة في أوساط شباب اليوم. وعلاوة على ذلك، فقد رسخت وسائل الإعلام كراهية الإسلام في عقول شباب المسلمين. ومن خلال المواقع الشخصية للملحدين، والبرامج المتعددة في وسائل الإعلام، والأخبار والتحكم في محتوى الكتب الدراسية، أصبح الشباب في بنغلاديش يفهمون الإسلام على أنه عبارة عن شكل من أشكال الدين القمعي، وأن أي شكل من أشكال الإسلام السياسي سيؤدي إلى أنظمة استبدادية قمعية. فهذه هي الكيفية التي يحقق بها النظام العلماني الحالي نجاحه في قمع أي ظهور للإسلام أو القيم الإسلامية في البلاد تنفيذًا لخطط الغرب.
من الواضح أن العلمانية والديمقراطية قد فشلتا في توفير الحقوق المناسبة والأمن لهذه الأمة في هذا الزمان. وهذه الأفكار والعقائد لا تدفع الشباب للإبداع ولا تصنع منهم جيلًا مفكرًا؛ وبدلًا من ذلك، فإنها تصنع الجهل والجريمة. والإسلام هو المبدأ الوحيد الذي سوف يصنع جيلًا يكون هو رائد التغيير الحقيقي؛ تغييرًا نحو الأفضل. وشخصيات أجدادنا التي نسيها التاريخ تخبرنا عن عدد العلماء والمفكرين وقادة الجيوش وغيرهم من الشخصيات الفذة التي صنعها الإسلام، مثل طارق بن زياد الذي فتح إسبانيا وهو ابن 17 عامًا، أو ابن سينا أبو الطب الحديث. فالإسلام وحده هو القادر على صنع جيل من الشباب القادر على الأخذ بيد العالم إلى بر الأمان وإنهاض الأمة النهضة الحقيقية الصحيحة.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زهرة رحمان