الخميس، 26 محرّم 1446هـ| 2024/08/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عزة المرأة في تطبيق شرع ربها

 

الحرب ضد الإسلام لم تنقطع، وكانت المرأة المسلمة وما زالت منفذا كبيرا لهذه الحرب بادعاءاتهم وافتراءاتهم على أحكام الإسلام، فمثلا ادعوا أن أحكام الميراث في الإسلام هي تمييز ضد المرأة لأنها تعطي للأخت نصف نصيب أخيها؛ بينما تجاهلوا حقيقة أن الإسلام يفرض على الرجل الإنفاق على زوجته وعائلته، بينما لا يُفرض على المرأة إنفاق درهم واحد من ثروتها على الآخرين حتى لو كانت غنية.

 

يقولون أيضًا إن تعدد الزوجات هو ظلم للمرأة، على الرغم من أنه قد فُرض على الرجل العدل في رعاية زوجاته ماليًا وماديًا ومعاملتهن باللطف والمحبة. وفي الوقت نفسه لا يستنكرون الزنا الذي أصبح هو الأصل في الدول العلمانية، حيث يعتبر قانونيًا أن يكون للرجل علاقات مع عدد لا يحصى من النساء بينما لا يتحمل أية مسؤولية تجاه هؤلاء النساء أو الأطفال الذين ينجبهم...!! فأيهما بالله عليكم ظلم المرأة وأهانها؟! ينتقدون الزواج المبكر ويقولون عنه إنه انتهاك لحقوق الأطفال ويتناسون العلاقات غير الشرعية في سن مبكرة عندهم وما نتج عنه من مواليد لقطاء وأمهات عزباوات صغيرات.

 

يتكلمون عن الفروقات في بعض الحقوق والأدوار بين الرجال والنساء في الإسلام - مثل الشهادة، والواجبات الأسرية، وعدم جواز تولي المرأة للحكم قائلين إن الإسلام ينظر للمرأة نظرة دونية بأنها أقل شأنًا من الرجل في قيمتها أو في عقليتها، بينما يتناسون قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن أَنفُسِكُم أَزوَاجًا﴾ وقول النبي e: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». وكذلك الحال بالنسبة لحكم اللباس الشرعي للمرأة المسلمة، وحكم الفصل بين الرجال والنساء، وأحكام شرعية أخرى تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، وصوروها بأنها تهين المرأة وتقلل من شأنها... فنسألهم هنا كيف يفسرون إذن حقيقة أن المرأة كان لها دور فاعل في السياسة والاقتصاد والتعليم والحياة العامة في زمن النبي محمد e والصحابة وكل حقب الدولة الإسلامية بينما كنّ في الوقت نفسه يلتزمن باللباس والأحكام الشرعية الأخرى؟!

 

إن الظلم الحقيقي الذي تعاني منه النساء في البلاد الإسلامية مثل الزواج القسري أو جرائم الشرف، والحرمان من الميراث والعلم والنظر إليهن أحيانا بدونية وأنه لا رأي لهن ولا كيان، والقهر والظلم... ليس بسبب أحكام الإسلام كما روج لذلك أعداؤه، بل بسبب العادات والتقاليد البعيدة عن أحكام الإسلام، أو بسبب الأنظمة القمعية غير الإسلامية. وكأن الهجوم العلماني على أحكام الإسلام أوجد حالة من الخوف بين الكثيرين من عودة دولة الخلافة خاصة للمرأة حيث إنه سيعود بها إلى عصر الجواري والحريم والإماء والتسلط والحرمان من التعليم والعمل، وغير ذلك من أكاذيب الإسلام بريء منها. فالمرأة في ظل حكم الإسلام والخلافة تتمتع بالكرامة والحقوق والحماية... وكانت تُشن حروب لحماية كرامتها، وتُجيش جيوش لتحريرها من الظالمين، لكنها فقدت هذا بفقدان الدولة الراعية.

 

نعم، لقد خسرت المرأة الكثير بفقدان الخلافة؛ فقدت النظامَ الإسلامي الذي كانت تتمتع في ظله بالرعاية والحماية، النظام الذي مكنّها من انتخاب من يحكمها ومحاسبته علنا دون خوف؛ النظام الذي أنجب الآلاف من العالمات، والذي كان رائدًا في مجال تعليم المرأة. فقدت الحكّامَ الذين تحملوا أعباءها الاقتصادية ليلبوا لها ولعائلتها ما يحتاجونه فلا تضطر للعمل ضد إرادتها تاركة بيتها وأولادها طلبا للرزق للإنفاق أو المساعدة في الإنفاق على عائلتها...

 

فقدت دولتَها الإسلامية التي رفعت شأنها كزوجة وأمّ، ومنحتها قيمة عظيمة، ورفعت عن كاهلها عبئا ثقيلا في توفير القوت لنفسها، وأمرت بمعاملتها باحترام غير مشروط كمربية ومعلمة للأجيال القادمة. لقد فقدت مجتمعا يحيط أطفالها بالقيم والقوانين الإسلامية الصافية النقية، ويتعلمون في بيوت ومدارس إسلامية بحيث لا تعيش في قلق إن ذهبوا للمدرسة أو الشارع أو المجتمع... إنها الدولة التي كانت فيها المرأة المسلمة موضع حسد من نساء العالم.

 

وبالمقابل، على ماذا حصلت المرأة على مدى التسعة عقود الماضية بعد فقدان الخلافة؟ أصبح يسود حياتها الفقر والمهانة والعوز والموت والدمار، أُجبرت على التسول في الشوارع، وعلى البحث عن طعامها في صناديق القمامة وهي ترى أطفالها يتضورون جوعا. أُجبرت على التخلي عن أطفالها بحثا عن العمل خارج بلدها لإطعام نفسها وأسرتها. أصبحت أداة وسلعة للشركات الدعائية مستغلين أنوثتها وجمالها وكرامتها، حُرمت من حقوقها، ولم تحقق لها العدالة... هناك في سوريا وبورما وإفريقيا الوسطى شاهدت أطفالها يُذبحون أمام عينها، طردوها من بيتها، ولم يأت جيش لإنقاذها، ولا دولة توفر لها عيشا طيبا في أمن وسلام، وأصبحت تُشتم وتُهان وتُهاجم للباسها الإسلامي وتُضطهد وتُسجن وتُعذب، ولم تجد من ينجدها ويذود عنها!!

 

لقد أصبح دورها كزوجة وأم مُهملاً لا قيمة له، وأصبح أبناؤها عرضة للفجور، وفساد الأخلاق، وتأثروا بالمفاهيم الغربية والقيم الرأسمالية والحريات فتولّد العصيان وعدم الاحترام تجاه الآباء والأمهات وكبار السن. فأصبح عدد منهم نسخة عن الغرب في الهوية واللباس والسلوكيات... ومعاناة الأمهات والآباء الآن مع أولادهم إناثا وذكورا شاهد على ذلك...

 

ألا تكفي زهاء عشرة عقود طويلة مظلمة من المعاناة والإهانة والبؤس والشقاء لهذه الأمة؟! ألم نكتف من هذا الظلم والمعاناة التي طالت عقودا طويلة ومؤلمة؟! دعونا إذن نعمل معا لنبدأ فجر حياة جديدة ملؤها الكرامة والعزة في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. اللهم وفقنا لحمل دعوتك وهيئ لنا من يعطينا النصرة وعجل بقيام دولة الإسلام القوية التي تعيد لنا العزة والمنعة...

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مسلمة الشامي (أم صهيب)

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع