الأربعاء، 23 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بغياب تاج الفروض أصبحت الخيانة وجهة نظر

 

الأصل في المسلم أن يُسيِّرَ كل أعماله وسلوكه وفق أوامر الله تعالى ونواهيه، ويجعل مقياس أعماله الحلال والحرام، فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرّمه الله ورسوله، بمعنى آخر أن المسلم يُقدم على الفعل الذي أحله الله تعالى، ويُحجم عن الفعل الذي حرمه الله تعالى، والغاية من ذلك هي نوال رضوان الله تعالى.

 

لهذا كله نرى أن المسلم مقيد بشرع الله تعالى، فلا يوجد في الإسلام حرية رأي ما دام الرأي ضمن حدود وقيود، هذه القيود تتمثل بشرع الله تعالى، ولا خيار للمسلم إلا الإذعان لحكم الله ورسوله، قال الله سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾ [سورة الأحزاب: 36].

 

أمّا اليوم، فبغياب تاج الفروض المتمثل بدولة الخلافة، وإقصاء الإسلام عن سدّة الحكم، وتطبيق الديمقراطية الفاسدة العفنة على رقاب المسلمين، تبدلّت وتغيرت المثل والقيم فأصبحنا في زمن الرويبضات الأنذال فانقلبت الأمور رأساً على عقب، وقد صدق سيد الخلق محمد e حيث قال: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَحَدَّثُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».

 

وكما هو معلوم بأن الديمقراطية الفاسدة تقوم على أساس فصل الدين عن الحياة، والتي نادت بالحريات العامة ومنها حرية الرأي وقصدت بالحرية الانفلات من كل قيد، والتي أباحت للفرد أن يقول ما شاء دون قيود ولا ضوابط متشدقاً بالحريات. وقالت بالرأي والرأي الآخر، واحترام الرأي الآخر ولو خالف ما عليه الجمهور، ولو كان كفراً، ولو كان هابطاً، ولو كان خيانياً، وهكذا...

 

فمثلاً لو قال مسلم يجوز الاعتراف بيهود والتفاوض معهم والتنازل عن أجزاء من فلسطين ليهود، وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معهم، فإن عليك أن تحترم رأيه بحسب حرية الرأي واحترام الرأي الآخر! ولو حصل وتمّ النقاش مع ذلك الشخص وقلت له بأن هذا القول مخالف للشرع جملة وتفصيلاً، وأن هذا الرأي يفضي إلى خيانة الله ورسوله والمؤمنين، ردَّ عليك قائلاً: هذا رأيي الشخصي، وهذه وجهة نظري عليك احترامها.

 

ماذا نفهم من هذا الرأي وغيره؟ بحكم العيش في ظلال الديمقراطية الفاسدة العفنة أصبحت الخيانة وجهة نظر!!

 

هذا ما وصلت إليه حال الأمة الإسلامية اليوم جرّاء تطبيق الديمقراطية التي نشرت الفساد والظلم، وأهلكت الحرث والنسل، وداست على الكرامة الإنسانية، وأفقدت المثل والقيم إلّا القيمة المادية، وأشاعت الفاحشة والرذيلة، وأطلقت العنان للحريات ومنها حرية الرأي التي أباحت للفرد أن يتحدث بما يجول في خاطره ولو تحدّث كفراً، وفي النتيجة عدم إنكار المنكر والسكوت عن ذلك!

 

وأختم بقول سيد الخلق محمد e: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا لَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ؟»، قَالُوا: أَوَكَائِنٌ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَأَشَدُّ مِنْهُ سَيَكُونُ»، قَالُوا: وَمَا أَشَدُّ مِنْهُ؟ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟»، قَالُوا: أَوَكَائِنٌ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ «وَأَشَدُّ مِنْهُ سَيَكُونُ»، قَالُوا: وَمَا أَشَدُّ مِنْهُ؟ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَصْبَحَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً وَالْمُنْكَرُ مَعْروفاً؟».

 

ولا يستقيم حال الأمة اليوم إلّا إذا خلعت الديمقراطية الفاسدة العفنة التي أضاعت المثل والقيم، وأشاعت الحريات، وأفسدت على المسلمين ذوقهم وعيشهم ولسانهم والتزمت أحكام دينها، واستقامت على منهاج ربها، وجعلته موضع التطبيق، ولا يكون ذلك إلّا بالعمل الجاد والمخلص مع العاملين لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كما بشّر بها نبينا محمد e حيث قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»... ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ خالد عبد الكريم حسن – فلسطين

 

 

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الإثنين، 01 نيسان/ابريل 2019م 02:03 تعليق

    ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع