- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة حول اتفاقية إسطنبول
إلى السيدة وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وشؤون الطّفل
تحية طيبة وبعد،
لقد علمنا أن تونس تقدمت عبر وزارتكم بطلب للانضمام لاتفاقية إسطنبول التي أبرمها ما يسمّى بالمجلس الأوروبي والتي سمّاها اتفاقية منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، مروّجا أنّها تهدف إلى منع العنف ضد المرأة والتصدي لمرتكبي الجرائم والإفلات من العقاب.
وإنّنا في القسم النّسائي لحزب التّحرير/ ولاية تونس نتوجه لكم بهذا الخطاب لنبيّن لكم خطورة هذه الاتفاقية على الأسرة التونسية وسيادة البلد ونضعكم أمام مسؤوليّاتكم السّياسيّة والتّاريخيّة.
إننا ننبّهكم لخطورة الانضمام لهذه الاتفاقية على وحدة واستقرار وهويّة الأسرة في بلادنا والتي يريد منها الغرب أن تصبح نموذجا للأسرة الغربية المفككة والمشتتة القائمة على معاني المصلحة والحرية المطلقة إذ جاء في المادة 12 منها أن الأطراف تتخذ "1- التدابير الضّروريّة للدفع قدما بالتّغيير في أنماط السّلوك الاجتماعيّة عند النّساء والرّجال من أجل استئصال الآراء المسبّقة والعادات والتّقاليد... 5- تحرص الأطراف على عدم اعتبار الثّقافة أو العادات أو الدّين أو التّقاليد أو "الشّرف" مبررا لأعمال العنف المشمولة بنطاق تطبيق هذه الاتفاقيّة"، مع التذكير أن عبارة "العنف المشمول بنطاق هذه الاتّفاقيّة" لا يقصد به العنف المتعارف عليه بل هو مفهوم يعيد تنظيم الحياة الاجتماعيّة بين المسلمين بما يتناقض وعقيدتهم ودينهم وأخلاقهم وهويّتهم الحضاريّة بحيث يعتبر العنف قائما لديهم كلّما غابت المساواة المطلقة وتمّ التّعامل مع المرأة كامرأة مع مراعاة شخصيّتها وكينونتها وإمكانياتها واحتياجاتها لا كنوع جنسي بما يفرضه هذا المفهوم من تعسّف عليها وعلى طبيعتها كامرأة.
وفضلا عن ذلك فإنّنا ننبهكم أنّ التّوقيع على هذه الاتفاقية يعتبر مسّا باستقلاليّة القرار السّياسي في بلادنا (تراجع المادتان 6 و7 من الاتفاقيّة)، إذ سيفتح الباب لمراقبة البلاد ومحاسبتها عند مخالفة أي بند من بنودها، وهو ما فيه مساس واضح بسيادة الدّولة وإرادة الناس فتصبح هذه الاتفاقية الهجينة وأطرافها ومن جنّدتهم من جمعيات ومنظمات وهيئات هم المحدّدين لسياسة الدولة في المجال الأسري والاجتماعي وهو أمر جدّ خطير (تراجع المادّة 66 وملحقها).
وحتّى لا تكون لديكم حجّة فإنّنا نبيّن لكم خطورة هذه الاتّفاقية التي تكمن في الالتزام بالتّوقيع على جميع بنودها دون تحفّظات (تراجع المادّة 78)، سيّما أنّها تلزم إدراج متبنياتها من المساواة التامة بين الرجل والمرأة، والأدوار غير النمطية للجنسين ومناهضة العنف ضد المرأة القائم على النوع وغيرها بالدستور (تراجع المادّة الرابعة منها فقرة 2) فضلا عن إلغائها لكلّ القوانين السّابقة والمخالفة لها بالإضافة لتدخلها في تحديد البرامج التعليمية الرّسمية في سعي خبيث لإنشاء جيل منبتّ عن هويته الإسلامية وخلق نموذج أسريّ ومجتمعيّ جديد.
ونعلمكم بكتابنا هذا علّكم تقتدون ببولندا التي أعلنت بتاريخ 2020/07/28 انسحابها من اتفاقية إسطنبول، وكان قد غرّد نائب وزير العدل مارسين رومانوسكي قائلا: "إن اتفاقية إسطنبول تستخدم النساء في حرب أيديولوجية. اتفاقية إسطنبول، التي صادق عليها المجتمع المدني تجبرنا على مفاهيم تزرع الإحباط واليأس لدى الأطفال، وتفرض تعزيز أيديولوجية النوع الاجتماعي وتنتهك الدستور البولندي". كما أنّ تركيا نفسها ترغب في الانسحاب من هذه الاتّفاقيّة.
ونعلمكم بمقتضى هذا إطلاقنا حملة ضدّ توقيع تونس لاتفاقية إسطنبول اخترنا لها عنوان "الأسرة المسلمة محصّنة لا تحتاج لاتّفاقيات تدّعي الخير وتنشر الخراب"، وأنّنا سنتصدّى لأيّة محاولة تهدف لتفكيك الأسرة المسلمة وتدميرها.
وندعوكم لمتابعتنا في جميع فعاليات حملتنا للاستنارة حتّى يتسنّى لكم الوقوف في صفّ أهل بلدكم والامتناع عن توقيع كل اتفاقية مرضية للغرب رغم تعارضها الكلي مع الشريعة الإسلامية والمصلحة العامّة.
ونكرّر لكم النداء بأنّ لكم في الإسلام ما يكفي من الأحكام لحماية وحفظ المرأة في جميع حالاتها واحتياجاتها، فأي جهة تشريعيّة غيره اعتبرت المرأة قرّة العين؟!
قال الله تعالى: ﴿طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى﴾. صدق الله العظيم.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة حنان الخميري
الناطقة الرسمية للقسم النسائي في حزب التحرير في ولاية تونس