- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مفتي مصر يفتي خزعبلة ويقول ضلالة
بل فرض الضرائب على أهل الكنانة إثم يقع وزره على جابيها ومن يفتي بوجوبها
قال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر: "إنه لا يجوز التهرب من الضرائب، ولا يجوز دفع الرشوة لإنقاصها؛ فدفع الضرائب تعبد لله لأنها من طاعة ولي الأمر في الحق والخير والبناء، فهي طاعة للقانون الذي وضعه ولي الأمر ونحن مأمورون بطاعته فيما لا يخالف الله ورسوله"، ولفت المفتي النظر إلى أنه لا تعارض بين الزكاة والضرائب فكلتاهما تُدفع بأمر شرعي، فمصارف الزكاة محدودة محصورة في الأصناف الثمانية التي حددها القرآن، ويجوز لولي الأمر أن يفرض ضرائب عادلة في تقديرها وفي جبايتها إلى جوار الزكاة؛ لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأمة، باعتبار أن ولي الأمر هو القائم على مصالح الأمة التي تستلزم نفقات تحتاج إلى وجود مورد ثابت، ولا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها. بحسب ما نشرته بوابة الوطن في 5 آذار/مارس 2021م.
ما يقوله مفتي مصر عند الله عظيم فقد خالف صريح النصوص وأحل ما حرم الله وأعطى حقا لمن لا يستحق، وكلامه مردود وفتواه باطلة ما أنزل الله بها من سلطان؛ باطلة في أصلها وواقعها وكل ما فيها؛ فمن فرضها لا تجب له طاعة في أعناق الناس أصلا لكونه مغتصبا لسلطان الأمة يحكم مصر تسلطا وقهرا بغير أحكام الإسلام ولا يرعى شؤون أهلها، بل يرعى ويحفظ ويحمي مصالح الغرب فيها، فليس وليا لأمر الأمة كما يدعي المفتي! فولي أمر الأمة من يصل للحكم ببيعة شرعية صحيحة يصبح بها خليفة للمسلمين يحكمهم بالإسلام ولا شيء غير الإسلام أو من غير الإسلام، وتكون رئاسته عامة لجميع المسلمين، ولا توجد أي من هذه الخصال الثلاث في حاكم مصر ولا حتى أي من حكام بلادنا الآن.
أما الضريبة نفسها فإن الخليفة الذي هو ولي الأمر الشرعي حقا، قد نهاه الشرع عن فرض ضريبة على المسلمين بأمر صادر منه كما يريد، قال ﷺ: «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ» أخرجه أحمد وصححه الزين والحاكم، ولما زنت المرأة الغامدية - وكانت متزوجة - فرجمت بالحجارة بعد أن اعترفت بالزنا؛ لتطهر نفسها من الذنب، قال رسول الله ﷺ ليعظم من شأن توبتها: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»، وهذا تقبيح شديد لعملية فرض الضرائب وبيان لعظم جرمها، يقول الإمام النووي "إن المكس من أقبح المعاصي، ومن الذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها"، والمكس هو الضريبة التي تؤخذ من التجار على حدود البلاد، ولكن النهي يشمل كل ضريبة لقول الرسول ﷺ في الحديث المتفق عليه من طريق أبي بكرة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا...» وهو عام يشمل الخليفة كما يشمل باقي الناس... فلا يجوز إذن للخليفة أن يفرض ضريبة لينفق منها، بل ينفق من بيت المال، هذا في حال الخليفة فقط لكونه ولي الأمر الشرعي المبايَع من الأمة والذي ينوب عنها في تطبيق الإسلام عليها، وما يجوز له لا يجوز لحكام بلادنا الموكلين علينا من الغرب الكافر فهم بلا شرعية أصلا.
لكن الشرع استثنى حالات معينة من المنع العام عن فرض الضرائب وردت بها نصوص شرعية، ومن ثم فإذا لم يكف الموجود في بيت المال للإنفاق عليها تفرض على أغنياء المسلمين ضريبة بمقدار النفقة الواجبة لتلك الحالات دون زيادة، وتوضع مواضعها التي فرضت لها فقط، ولا تكون هذه الضريبة بناء على أمر الحاكم أو هواه بل بناء على أمر الله، والحاكم هنا إنما ينفذ أوامر الله، وهذه الحالات في مجملها تكون حالات مؤقتة أو مسبَّبة وتزول بالوقت وزوال السبب، ولهذا فالضريبة التي تفرض على هؤلاء الأغنياء فقط لا تكون دائمية بل لمرة واحدة، ولا تفرض ضرائب على الدخول أو السلع والخدمات كما هو الحال في النظام الرأسمالي الذي يحكم مصر الآن، كما لا تحصّل رسوم للمرور (كارتة) على الطرق والجسور، ولا جمارك وضرائب على السلع الواردة للبلاد أو الخارجة منها.
لما اجتاح التتار بلاد المسلمين وتهيأ قطز للتصدي لهم واجهته أزمة في توفير النفقات فاستأذن العز بن عبد السلام في فرض ضريبة على الناس فقال سلطان العلماء: "إذا طرق العدو البلاد وجب على العالم كلهم قتالهم - أي المسلمين - وجاز أن يؤخذ من الرعية ما يستعان به على جهازهم - أي فوق الزكاة - بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء"، هذا هو الشرط الأول، أما الشرط الثاني فكان أصعب! قال الشيخ: "وأن تبيعوا مالكم من الممتلكات والآلات - أي يبيع الحكام والأمراء والوزراء ما يمتلكون - ويقتصر كل منكم على فرسه وسلاحه، وتتساووا في ذلك أنتم والعامة، وأما أخذ أموال العامة مع بقاء ما في أيدي قادة الجند من الأموال والآلات الفاخرة، فلا!"، هكذا أعلنها العز بن عبد السلام سلطان العلماء وبائع الأمراء؛ أنه لا يجوز فرض ضرائب إلا بعد أن يتساوى الوزراء والأمراء مع العامة، لا أن يحصلوا الضرائب لبناء القصور ورفاهية ساكنيها!
أما فرض الضرائب لسد عجز موازنة الدولة التي تنفق على خدمة قروض لا تحتاجها البلاد أصلا، أو لبناء قصور وعاصمة للأشباح وطرق وكباري موصلة لهذه العاصمة فليس مبررا شرعيا ولا عقليا ولا يجوز جمع الضرائب له من دولة شرعية يحكمها خليفة شرعي، فما بالك بواقع النظام الحاكم في بلادنا ومخالفته للشرع وعمالته الظاهرة للغرب؟!
هذا بخلاف أن هذا النظام نفسه يفرط في حقوق البلاد بكل الأشكال وثرواتها الهائلة فيطلق فيها يد الغرب تنهب كيف تشاء، فعندما تقعد الدولة عن رعاية شؤون الناس وتفرط في حقوقهم لا يجوز لها بأي حال من الأحوال أن تفرض عليهم ضريبة، ويجوز لهم في حال فرضها الامتناع عن دفعها والتهرب منها، وتفريط حكام مصر في ثرواتها ظاهر للعيان؛ فمصر الغنية بالغاز الطبيعي تشتري الغاز من كيان يهود من المستخرج من حقول وهبها النظام للكيان الغاصب لأرض الإسلام بلا ثمن، وتبيعه لأهل مصر بأغلى من سعر تصديره أو فلنقل بالأسعار العالمية تبيعهم ثروتهم! والنفط تسيطر عليه الشركات الكبرى العابرة للقارات وتبيعه لأهل مصر بالسعر العالمي، أي تبيعهم ما هو مملوك لهم أصلا وتحصل منهم ضريبة على ثمنه! هذا بخلاف باقي الثروات التي لو وجد في مصر نظام مخلص يعمل لخير مصر حقا لوضع يده عليها ولحصّل منها ما ينفقه على البلاد ولرصد لكل فرد من أهل مصر دخلا شهريا منها ولما رأينا في مصر فقيراً واحداً، هذا هو واقع ما في مصر وما تملكه من ثروات تؤهلها لأن تكون قوة عظمى بحدودها القطرية فقط.
نعم إن ما تملكه مصر من ثروات لا يكفيها فقط بل يضعها في مكانة أخرى لا يرقى لها تفكير الحكام العملاء، ولكن هذه الثروة وهذه المكانة تحتاج لنظام بديل تحمله لأهل مصر قيادةٌ واعية مخلصة تقوم على تطبيقه، ولا خير لمصر وللأمة بل والعالم أجمع من نظام الإسلام ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نظام يحفظ على الناس حقوقهم وثروتهم ويمكنهم من الانتفاع منها على الوجه الصحيح، بل ويحرم أخذ أموالهم بغير حقها، أو إنفاقها في غير وجهها، نظام ينبثق عن عقيدة الناس وينسجم مع فطرتهم وهو وحده الذي يصلح حالهم ويحقق طموحهم في عيش كريم. نسأل الله أن يعجل بها وأن يجعل جند مصر أنصارها وأن تكون مصر حاضرتها ودرة تاجها ودرعها من جديد، اللهم عاجلا غير آجل.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر