- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
استعداد الدولة لشهر رمضان أيام الخلافة وفي ظل دول الضرار
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، وقال رسول الله ﷺ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».
الأمة الإسلامية في رحاب شهر رمضان الذي فرض الله صيامه لتحقيق التقوى، جعل الشرع الطريق لثبوت الشهر هو رؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، ولا اعتبار للحسابات الفلكية ولا الحدود السياسية، ومما يحزن أن الأمة في هذه الأيام يعمل حكام الضرار على تفريقها في بدء صومها وفطرها، بجعل الحدود السياسية هي التي تحدد ثبوت الشهر، أو الحسابات الفلكية فيحدث نتيجة لذلك هذا التفرق. وهذا يستوجب وجود قيادة سياسية واحدة للأمة من أقصاها إلى أقصاها ليقضي على هذه التفرقة في كل مجالات الحياة ومنها أداء هذه الشعيرة العظيمة التى هي مظهر من مظاهر وحدة المسلمين. ولو كان للأمة قيادة سياسية واحدة متمثلة في الخليفة لما كان حالنا بهذا الاختلاف الذي نشهده هذه الأيام. الخلافة كانت تثبت الرؤية الشرعية للشهر بإعلان الخليفة بدء الصوم فتصوم الأمة كلها من أقصاها إلى أقصاها وعندما يثبت شهر شوال يعلن الخليفة الفطر فتفطر الأمة كلها.
الأمة اليوم تستقبل رمضان وهي تختلف في بدء الصوم وتعيش أحوالا اقتصادية ومعاشية قاسية تخيم عليها؛ حيث غلاء الأسعار ورداءة الخدمات من انقطاع الكهرباء والمياه في السودان لساعات طوال اليوم، وانعدام الوقود. قال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم لقناة الجزيرة مباشر الخميس 2021/4/8م: "مضطرون بأخذ إجراءات اقتصادية مؤلمة تتعلق بالدعم، ولا خيار لنا"، ما يعني بأنه ستكون هناك إجراءات اقتصادية قاسية ومؤلمة في الأيام المقبلة في إشارة إلى زيادة أسعار الوقود، وما يترتب على ذلك من غلاء، وهذا يلقي أعباء إضافية على الإنسان المغلوب على أمره وهو مطحون أصلا بالفقر... أما في أيام الخلافة العثمانية فقبل دخول شهر رمضان بخمسة عشر يوما كان يصدر السلطان العثماني وثيقة تتضمن قائمة ببعض الأمور التي ينبغي مراعاتها خلال أيام الشهر منها:
1- منع تناول الأطعمة أو المشروبات في الشوارع قبل المغرب.
2- يتم تشكيل هيئة لمراقبة أسعار السوق.
3- توكل تنظيم أوقات الإمساك خلال الشهر لرئيس الفلكيين في القصر السلطاني قبل عشرة أيام من قدوم الشهر.
كما تتميز أجواء شهر رمضان أيام الخلافة العثمانية بالكرم المطلق؛ إذ تبقى أبواب القصور مفتوحة من وقت المغرب أمام العامة فيدخل من يشاء لتناول الفطور من المسلمين وغير المسلمين أيضاً، إذ كان العثمانيون يعتبرون أن عدد الفقراء الموجودين على مائدة الإفطار يزيد من بركة المائدة وكرم صاحب الإفطار ومن ثم يقدم لهم بعد الإفطار هدية لتلبيتهم الدعوة وكان يطلق عليها "أجر الأسنان"، تقول المستشرقة الإنجليزية دورينا: (في شهر رمضان نجد أن الأتراك يصومون طوال النهار ويحتفلون طوال الليل وكان أفراد الطبقة الثرية يضطرون إلى فتح أبواب منازلهم طوال الشهر لإطعام أي شخص بحاجة للضيافة من فترة غروب الشمس حتى بزوغ فجر اليوم الجديد). وكانت الخلافة العثمانية عندما يدخل رمضان تزيد مرتبات الموظفين والعاملين وتزيد الأعطيات لعامة الناس ليقابلوا احتياجات شهر الصوم.
هكذا كان المسلمون في ظل الخلافة، حيث ينبعث منها الخير على الناس رعاية لشؤونهم، وتعينهم على أداء الشعائر، وتعينهم في معاشهم وطعامهم، أما اليوم فالأمة تعيش كاليتامى متفرقين في صومهم، يكابدون في حياتهم للحصول على معاشهم واحتياجاتهم مع غلاء الأسعار ومحدودية الدخل، فما أحوج الأمة اليوم للسعي الجاد في هذا الشهر العظيم لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ دولة الخير والرعاية، قال رسول الله ﷺ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ»... وقال ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله حسين
منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان